أقام الله الدنيا على فكرة الخوف والمكابدة... ولذات السبب خلق محمد تلك معادلة الحياة البسيطة التى طالما أضنت الملايين فى سعيهم الدءوب لفهم لوغاريتماتها. ولا جديد فى هذه السطور إن قلنا إن الحياة بتعاقب ليلها ونهارها جبلها خالقها على فكرة الألم والمشقة والمعاناة لتحقيق البلاء والاختبار والتمحيص!! فهذه كلمات سمعها الإنسان فوعاها أو لم يعِ بها، لكنه بات مدركًا أن العذاب فى الدنيا أمر حتمى وعارض ومؤقت، وأنه ليس سوى مقياس لضبط النفس الجموح الجزوع وردها إلى جادة الصواب من خلال معالجات ربانية تأتيه فى شكل أمراض وفقر وتقتير رزق وحزن وغير ذلك من العوارض المذلة. والإنسان مهما أدرك هذه الحقيقة فإنه يتألم حيال الإيمان بها والتسليم لمراد الله فيها، فهو إن أخفى تذمره وجزعه وسخطه صبراً واحتساباً، تجده يسعى جاهداً للمقاومة والجلد والثبات فيكسبه ذلك رياضة روحية وقوة مع الوقت، فيسمو بها عن الإحساس بالألم والمكابدة، ويرتقى نحو عالم أرحب مع الله. فى الوقت الذى يأبى غيره التسليم والاستسلام والانصياع لقضية الابتلاء، ويراها محض خرافات، ومن ثم يعلن رفضه معادلة (الإله المبتلي) برمتها، ويمتلئ داخليا بشعور العداء تجاه تلك الحياة. هنا...وفى تلك المنطقة الضبابية... بين هؤلاء الصابرين القابضين على الجمر، أملاً فى وعد الله بيقين يحبو ويترنح... وبين هؤلاء المعذبين الساخطين الرافضين تلك النظريات الغيبية بين هؤلاء وهؤلاء، يتبدى نور محمد... والعالقين به... المتمسحين فى أعتاب نوره، المستمسكين بتلابيب عشقه، الواقفين على بابه تحت القبة الخضراء، مولين وجوههم شطر روضته الشريفة أينما كانوا على وجه الأرض. إنها أرض محمد بن عبدالله، التى منح الله مواطنيها دفء اليقين وبرد العيش ولذته. لم لا وهم يحيون بنور طه المقتبس من جلال عرش الله العظيم؟! كيف يعيش ملايين من البشر تعساء وبين ظهرانيهم النبي؟! بل كيف يحيا ذلك المعذب فى صراع مع الدنيا وأقدارها ولا يدرك أن الدواء والشفاء طوع بنانه وبين يديه؟! لماذا لم يعِ البشر أن دواء الداء هو نور محمد؟! تكالب المرضى والتائهون والمعذبون على عيادات الأطباء النفسيين ودفعوا الملايين فى أدوية وعقاقير وحبوب تمنحهم التوازن الفطرى الذى خلقهم به الله بادئ بدء، ثم بددوه بما كسبت أيديهم. أصبحت تلك المهدئات والعقاقير التى تضبط (كيمياء) المخ وتحقق التوازن المطلوب، تجارة وصناعة تدر الملايين على صانعيها، فيواصلون تطويرها وتحديثها وتنويع أشكالها وأسمائها، مادام هناك من يشتريها ويدفع فيها كل ما يملك ليعيد فطرته السوية التى خلقه الله بها (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ(6) سورة التين. إذن فالاستثناء قائم، والصورة ليست قاتمة، وليست سوداوية!! فهناك ملايين يعيشون سعداء ينامون الليل ملء جفونهم، ويصبحون على شمس الله وضحاها, ربما يتألمون ولكن يفهمون مراد الله فيما أضناهم. إذن هى (كيمياء) خاصة عليك بالتدريب عليها وتضمينها عقلك، والثمن أن تحيا سعيدا راضيا. ولو أراد كل البشر أن يحيوا حياة طيبة فعليهم ب «كيميا» رسول الله، يملأون بها شرايين أمخاخهم، المتعطشة لمبادئ الرحمة والعدالة والحق والخير التى رسمها النبى على مدى أيامه وسنواته فى صحراء جرداء بين مكة والمدينة. فقط مسبحة ذات حبات مائة، وعطرها بورد ثابت من الصلاة والسلام على نبيك الذى علمك كيف تعبدربك! وستدخل بهذه المسبحة وهذا الورد وهذا التدريب الرياضى عالماً لم يخطر ببالك بعد، وستجنى من الفتوح والنفحات ما يسقى أرض روحك العطشى، ويثلج صدرك المتهدهد بالخوف ليل نهار. إنها كيمياء خاصة، ذات طبيعة وتأثير خفى لا يعلم سرها سوى من جعلها بابا له وللدخول على حضرته جل وعلا، فصار نور محمد أصل خلق الكون، وصار قبول دعوته والرضا بقانونه هو باب قبول الله ورضاه. إنه الفاتح لما أغلقته الحياة، وهو الشافع لمن أخطأه الفهم، وتبدلت لديه الحسابات والمفاهيم!! فإذا أردت الحياة فعليك بمحمد، وإن أردت الآخرة فعليك بمحمد، وإن أردتهما معا فلا يغيب عن بالك وجه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. فاللهم (أحمد) لكل ما أهمنا....اللهم (أحمد) لكل ما أشقانا...اللهم (أحمد) لكل مغالق حياتنا.