إن من يقرأ كتاب برنارد لويس أصول الإسماعيلية والفاطمية والقرمطية ينتابه الفزع. لقد نشر هذا الكتاب منذ أكثر من نصف قرن وحصل به صاحبه علي درجة الدكتوراه، وبرنارد من أصل يهودي درس في لندن وباريس حتي أصبح أستاذا للدراسات الشرق أوسطية، وهو عراب تقسيم الشرق الأوسط، ومهندس مشروع الفوضي الخلاقة وكان الكاتب المفضل لجولدا مائير وبوش. وقد صور من خلال كتابه هذا أفكار الفرق الإسلامية التي كانت تمثل حالة من الصراع السياسي علي السلطة الإسلامية، فصنعت إسلاما خفيا في مقابل الإسلام الظاهري العلني الذي تقوم فلسفته العامة علي الوقوف علي الحقيقة فيما وراء الظواهر والنصوص، حيث أخذت جذور تلك الحركات الباطنية في القرن الثاني الهجري تظهر علي السطح عبر فرق ونحل هرطقية متطرفة تنسج لذاتها رؤية مختلفة لذلك العالم الإسلامي، الذي كان يتخبط بين المتصارعين علي السلطة وضحايا هذا الصراع ذاته. إن هذا العالم المختلف تركيبا وتوجيها وقتها كان يواجه قوي أخري خارجية أسيوية وأوروبية مما دفع به للاجتهاد إما بإغلاق أبواب السلطة في وجه الطامحين إليها بتغليف الاجتهادات الفقهية بنصوص ظنوها كافية لتحجير الواقع الاجتماعي المتحرك، أو لدك سجون السلطة بالتأويل الباطني. وكانت كل فئة قبلية اثنية مذهبية تدلي بدلوها في خضم القوي المتصارعة والمتصاعدة حتي نقطة الكل أو لا شىء. فوراء هذه الإطلاقية التي تشكل أساسا للاعتقادات الإسلامية التوحيدية تظهر الحركات الاجتماعية المضادة، فإما الانصهار المطلق في الاتحاد السلطاني أو المعارضة المطلقة له. ولابد أن يكون هناك شىء خفي تؤثر به تلك الحركات علي أتباعها من البشر العاديين الذين يميلون لتصديق ما هو غيبي ومقدس فكانت فكرة الإمام المستودع الذي يهيئ الأمور للإمام المستقر الحاكم الذي لا يعلن عنه إلا في اللحظة المناسبة حيث تحيط به هالة من الكرامات والأساطير. ولمزيد من القداسة كان لابد من ربط الإمام بنسل سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم فهو لا ينطق عن الهوي، وبالتالي لابد أن تنال ذريته تلك التزكية والنزاهة الفكرية والقيادية. إن هذه الأفكار التي قيل إن لها أصولا يهودية ومرتبطة بالكهانة وكتب السحر وعلم النجوم وغيرها كانت سببا في انهيار السلطة الإسلامية واختفائها وحصرها في دول صغيرة. ولقد كانت السلطة الإسلامية والسلطة المسيحية قبلها سببا في ظهور الحركة الماسونية المتحدة الآن أو مجموعة «البناؤون الاحرار» أو «المتنورون» والذي لا أستبعد أن يكون برنارد نفسه واحدا منهم. لقد استفاد الغرب واليهود تحديدا من أسطورة المهدي المنتظر أو المخلص الموجودة في التاريخ الإسلامي والمسيحي في تنظيم الفكر الماسوني الذي نشأ في إنجلترا في مطلع القرن الثامن عشر ويحاول أن يسيطر علي العالم . فما الماسونية؟ وما علاقتها بالانتخابات الأمريكية التي يتم التحضير لها الآن؟ أعرفها بأنها: اتحاد قوي المال والنفوذ والسلطة. فكل أعضاء هذا التنظيم مختارون بعناية ممن لهم تأثير اقتصادي أوسياسي أو فكري علي العامة في جميع المجالات لخدمة فكرة عظمي ألا وهي السيطرة علي العالم. فكل من ينتمون لهذا التنظيم تربطهم الأخوة البرجماتية. وشعارهم: اطلب تجب. ومن شعاراتهم العين في قمة هرم، فالعين رمز للجاسوسية والتي تحققت عن طريق شبكة الإنترنت، والهرم يرمز لسر البناء الاجتماعي الأعظم. أما علاقة الانتخابات الأمريكية بهذه الحركة فيتلخص في ولاء المرشحين الرئاسيين للفكر الماسوني الصهيوني، فلا شىء يحدث علي أرض أمريكا بالصدفة. ولا فكر برنارد نفسه. وللحديث بقية. لمزيد من مقالات شيرين العدوى