* د. حسام لطفى المحامى: رفعنا دعاوى قضائية ضد موردين ومصنعين.. وموقفنا القانونى محسوم لكنها مجرد إجراءات * عمر طاهر: أعمل على فكرة لإعادة "بوجى وطمطم" بما يناسب تطورات العصر * فوقية خفاجى: أواجه بشدة محاولات إعادة تقديم المسلسل بما يليق بتاريخه.. وأتصدى لتصنيع العرائس بشكل مشوه بغرض الإتجار * مصرية عرائس "رحمى" سر استمراريتها
«بطنى بتوجعنى آه يا بطنى حرمت أملاها أوى تانى آه يا بطنى..حرمت يا بوجى حرمت..حرمت ترمرم حرمت واللقمة الزايدة حرمت وكمان تغميسة، حرمت.. آه آه». .................................... كلمات ألحت على أذنى والذاكرة تستدعى صورتى وأنا صغيرة أجلس فى محراب الشاشة الفضية وأنا أتابع بشغف الطفولة، عروستين مثلتا أيقونة لجيلى من مواليد السبعينيات، «بوجى وطمطم» اللذان استطاعا أن ينافسا شهرة عروسة أخرى ابتدعها قبلهما الفنان القدير محمود رحمى وهى شخصية «بقلظ»، فقد كان مسلسل «بوجى وطمطم» كما أعلنت عنه أشعار صلاح جاهين فى تتر العمل «برنامج أولادى بناتى وبرضه رجالى وستاتى الفوانيس ومسحراتى وياه طبلة بتقول ضم ضم». نوستالجى الثمانينات أخذتنى كما النداهة إلى هذا العالم السحرى المصرى شكلا ومضمونا حيث كان الكبار يبدعون «رحمى» و«صلاح جاهين» و «سيد عزمى» و«يونس شلبى» و«هالة فاخر». أخذتنى الصور واحدة تلو الأخرى وعرائس بوجى و«طمطم» عادت للظهور فى الأسواق ببطاقة كتب عليها «صنع فى الصين» وكأنه تراث بلا صاحب، وكأننا أدمنا أن تنهب أفكارنا وتراثنا الذى يشكل هويتنا الموجودة تحت الجلد واللحم،ليضيع كل ما يمثلنا تحت وطأة المكسب والعرض والطلب. السيدة فوقية خفاجى التى اعتبرت نفسها الحارس الأمين على تراث رحمى الزوج والأستاذ والمبدع الذى رافقته فى البيت والعمل ونفذت باقتدار العرائس التى أرادها ووضع تصميمها من وحى خيال مبدع ورغبة حثيثة فى صنع عروسة مصرية الهوى والهوية، تحاول – كما قالت لى – أن تحفظ هذا الإرث من التشويه والضياع. التقيتها فى منزلها الذى تحول إلى متحف ل «بوجى وطمطم»،ففى كل ركن صور لمشاهد من المسلسل بأجزائه ال 18 التى أذيعت لأول مرة عام 1983. وجدت نفسى وجها لوجه مع العرائس التى شكلت جزءا من وجدانى ووجدان جيل بكامله حرص على أن ينقل هذا التراث إلى أبنائه قائلا بفخر هذا ما كنا نشاهده صغارا.. هكذا وجدت نفسى أمام تلك الشخوص التى نجح رحمى فى ابتكارها حتى تحولت فى وجداننا إلى شخوص من دم ولحم «بوجى، طمطم، طماطم، زيكا، زيكو، شكشك، والد شكشك، طنط شفيقة، زيزى». مازالت العرائس بهية رغم مرور تلك السنوات لحرص السيدة فوقية عليها واهتمامها بأن تظل بكامل أناقتها ورونقها، وقفت أمام العرائس فإذا بالطفلة داخلى تبعث من جديد ووجدتنى أرغب فى احتضان تلك العرائس التى طالما أحببتها وأحببت كل ما ارتبط بها فى وجدانى من زمن ولى حيث كان لكل شىء طعم ولون. تعجبت كيف لم تتحول تلك العرائس إلى دمى لكل طفل وطفلة بدلا من تركنا أبناءنا لعرائس ديزنى وباربى الغريبة عنا شكلا ومضمونا. وسألت السيدة فوقية: لماذا لم يفكر «رحمى» فى أن يحول شخصيات مسلسله إلى دمى للأطفال؟، فأخبرتنى أنها والفنان رحمى حاولا بالفعل وأرسلا التصميمات إلى أحد المنتجين فى الصين حيث لم يكن هناك من بإمكانه تصنيع تلك العرائس فى مصر..لكن النتيجة لم تكن مرضية. كما كانت بالضبط النصوص التى عرضت على الأسرة – بعد رحيل الفنان رحمى- لإنتاج مسلسلات جديدة بطولة «بوجى وطمطم». وهو ما دفع السيدة فوقية إلى رفض انتهاك تراث «رحمى» وسعت جاهدة لإيقاف العمل الذى قدمه الفنان مصطفى خاطر بعنوان «شكشك» الذى رأت فيه تشويها لشخصية شكشك التى ابتكرها «رحمى» كشخصية رصينة إيجابية فى كل أقوالها وأفعالها. تقول السيدة فوقية خفاجى: لم يكن من الممكن أن أقف عاجزة أمام تلك الانتهاكات الصارخة، لقد كان رحمى حريصا على أن يقدم شخصيات نموذجية تساهم فى التربية الإيجابية لأطفالنا وكان حريصا على ألا يتضمن العمل أية إيفيهات قد تسيء للفكرة والهدف من المسلسل. لقد كان حلمه أن يبتكر عروسة مصرية للطفل المصرى منذ بدأ بشخصيتى «أرنوب» و«دبدوب» فى برنامج سلوى حجازى ثم ابتكر شخصية «بقلظ» مستوحيا إياها من الأراجوز المصرى وقدمها بملمح شديد البساطة والرقى والقبول. ثم كان ابتكاره «بوجى وطمطم» ومعهما 7 شخصيات ابتكرها تباعا...والتى حققت نجاحا هائلا لأنها اقتربت من الطفل المصرى بل وكل الفئات العمرية.وكان العمل مصريا باقتدار حتى اسم «طمطم» كان مستوحيا من اسم الدلع ل «فاطمة» وهو اسم منتشر. أما بوجى فقد كان اللقب الذى ميز إسماعيل شقيق «رحمى».ومن فرط النجاح الذى حققه العمل كان يونس شلبى يقول «أشعر وكأننى لم أقدم فى حياتى سوى شخصية بوجى». وتضيف فوقية بفخر: لقد كان عملا أبدعه الكبار.. رحمى الموهوب بشدة، وصلاح جاهين الذى كتب أشعارا فى غاية الروعة ومن بعده بهاء جاهين. ثم مجموعة من الممثلين النجوم: سيد عزمى، هالة فاخر، يونس شلبى، أنعام سالوسه، كما أن رحمى استعان بالشباب من معهد الباليه لما يتسمون به من مرونة ورشاقة ظهرت فى تحريك العرائس، بعد أن قام بتدريبهم لفترة على طريقة تحريكها، فجاءت حركة العرائس كما أرادها رشيقة وسلسلة. الملكية الفكرية عندما شاهدت عرائس بوجى وطمطم صينية الصنع فى الأسواق، كان أول سؤال تبادر إلى ذهنى حول حقوق الملكية الفكرية الخاصة بهذه العرائس وكيف انتهكتها الصين كما فعلت من قبل فى فانوس رمضان،ففاجأتنى السيدة فوقية بأن هناك عدة دعاوى قضائية فى هذا الصدد، وهو مابينه لى بالتفصيل د. حسام لطفى المحامى، قائلا: هناك أكثر من دعوى قضائية ضد موردين ومصنعين، منها قضايا لم تحسم بعد، وذلك بسبب الإجراءات وحسب، فالموقف من الناحية القانونية محسوم فهناك تعدى على حقوق الملكية الفكرية وفقا لقانون النماذج الصناعية 1949 وقانون حقوق المؤلف 1954 وبنود القانون 82 لسنة 2002 بشأن حقوق الملكية الفكرية. ووفقا لذلك حكمت لنا محكمة القاهرة الاقتصادية ضد إحدى شركات الأطفال التى طرحت فى الأسواق عرائس بوجى وطمطم دون الرجوع للورثة حيث قامت الشركة باستيراد تلك العرائس منذ عام 2010.حيث حكمت المحكمة بغرامة قدرها 10 آلاف جنيه وتعويض ورثة الفنان رحمى بمبلغ 40 ألف جنيه وقد قمت السيدة فوقية خفاجى طلبا لتسجيل التصميمات الخاصة بعرائس الفنان رحمى فى ادارة التصميمات والنماذج الصناعية عام 2002 . عودة «بوجى وطمطم» كانت مفاجأة سارة لى عندما أخبرتنى السيدة فوقية بأن الصديق العزيز الكاتب الصحفى عمر طاهر سيعيد تراث «بوجى وطمطم» إلى النور ثانية، متفاءلة هى بالتجربة وأنا بالقطع.. تحدثت إلى عمر طاهر، فأخبرنى بأن إحدى شركات الإنتاج طلبت منه تقديم معالجة لفكرة مسلسل يعتمد على شخصيات مسلسل بوجى وطمطم وقد قدم معالجة بالشخوص نفسها التى ابتكرها رحمى فهى كنز لا يجب التفريط فيه لكن ينبغى أن يعاد تقديمها بأسلوب يناسب متغيرات العصر ويخاطب الطفل المصرى فى اللحظة الآنية. قال عمر طاهر: إنه كشأن جيله يرى «بوجى وطمطم» أيقونة لها بهجتها وطعمها، تفصيلة فى تكوينه الشخصى.. ويرى أن مسلسل « بوجى وطمطم» ظل موجودا حتى الآن لأنه عمل متفرد صنعه الكبار لا مجرد هواة، صنعوه بحب واقتدار وحرفية عالية.