فى حوار مهم مع السيد نائب وزير التخطيط (الوطن 20أبريل) تم التطرق إلى مشكله الانفجار السكاني. وصرح السيد نائب الوزير بأن مصر تزيد سنويا بمعدل حجم دولتين صغيرتين كل عام، وأضاف أن السبب الأكبر لمشكلة الفقر فى مصر هو الزيادة السكانية التى تلتهم كل ثمار النمو. وفى سؤال وجه له بشأن كيفية مواجهة الدولة لهذا الخطر السكانى أجاب بأن تجربة برنامج تنظيم الأسرة خلال فترة التسعينيات من القرن الماضى حققت نتائج جيدة للغاية وكان لها تأثير إيجابى كبير للغاية وأدت إلى خفض الزيادة السكانية فى ذلك الوقت، وبعدها لم تكن هناك جهود من جانب الدولة لتنظيم الأسرة مما أدى إلى ارتفاع معدل الزيادة بشكل كبير مرة أخرى فى سابقة لم تحدث فى أى دولة من دول العالم. إن هذا التصريح الخطير من جانب ممثل كبير للحكومة فى مجال التخطيط يثير تساؤلات مهمة عن سبب عدم مواصلة الحكومات منذ التسعينيات خفض معدلات الزيادة السكانية رغم خطورة هذه المشكلة التى تمثل، كما أكد السيد نائب وزير التخطيط, أكبر التحديات التى تواجه مصر. وقليل من التأمل من شأنه أن يفسر لنا سبب تقاعس الدولة عن مواصلة الجهود الناجحة فى التسعينيات.اذ لا يخفى مدى تمسك غالبية الشعب المصرى بالأعراف الاجتماعية والقيم الموروثة التى تهيمن على حياة الشعب المصرى والمصحوبة بفهم دينى متزمت يحث على الإكثار من الإنجاب، فضلا عن قيام الأبناء بالعمل منذ الصغر كسبا للرزق. وإزاء تمسك العديد من فئات الشعب بهذا التقليد الموروث تحاشت السلطة الحاكمة اتخاذ إجراءات حاسمة للحد من الزيادة السكانية وذلك حرصا منها على عدم إغضاب هذه الفئات مما يؤدى إلى فقدها لشعبيتها. كذلك لا يخفى مدى ارتباط نجاح أى مشروع فى مصر بالأشخاص القائمين عليه مما يؤدى إلى عدم مواصلة ذلك بعد غيابهم. ويجدر بنا السعى للتعرف على الطرق التى لجأت إليها الدولة فى التسعينيات من القرن الماضى لخفض معدلات الزيادة السكانية التى وصفها السيد نائب الوزير بأنها ايجابية للغاية. إن التخاذل عن اتخاذ الاجراءات اللازمة لتحديد النسل خلال ما يزيد على ربع قرن، ترتب عليه بطبيعة الحال استفحال خطر التضخم الناجم عن الزيادة السكانية التى تعادل شعب دولتين صغيرتين كل عام كما نوه السيد نائب الوزير. وهذا يشكل بداية الطريق نحو ما يمكن تسميته بالإبادة الذاتية. وهو عدم وضع حد للكثافة السكانية. وقد واجهت الدولة فى الأونة الأخيرة هذا التحدى بحسم، والأمل معقود فى أن يضع البرلمان هذا الأمر على رأس أولوياته والإسراع بإصدار التشريع اللازم فى هذا الصدد. من ذلك النص على تقديم حوافز تغرى بالالتزام بأحكام القانون مصحوبة بجزاءات بل وبعقوبات رادعة تثنى الراغبين فى كثرة الإنجاب عن تحدى القانون، ولن يحقق مثل هذا التشريع الهدف المقصود منه طالما لم يصحب ذلك أمران مهمان: الأول هو فرض الدولة رقابة محكمة للتحقق من عدم تحايل أى أسرة فى المدن والقرى للتهرب من أحكام هذا القانون. أما الأمر الثانى فهو قيام المواطنين المدركين بما تواجهه مصر من خطر داهم، من جمعيات مدنية وأفراد، بإحاطة عموم الشعب فى الريف والحضر علما بعواقب عدم الالتزام بالقانون بالنسبة لحاضر مصر ومستقبلها . لمزيد من مقالات د. فؤاد عبد المنعم رياض