بدأ العد التنازلى لإعلان ما اصطلح الإعلام على تسميته صفقة القرن، التى يعد جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وكبير مستشاريه مهندسها الرئيسي، حيث يتوقع المحللون أن تُعلن خلال العشرة الأواخر من شهر رمضان، فى توقيت يستغل انشغال العالم الإسلامى بالشهر الفضيل، مثلما حدث مع إعدام الرئيس العراقى صدام حسين عام 2006م فى أول أيام عيد الأضحي. وتشير تقارير نقلا عن دبلوماسى فرنسى رفيع أن الصفقة تتألف من 50 صفقة مفصلة جدًا، لم تطلع أمريكا حلفاءها فى أوروبا على تفاصيلها بعد، وطبقًا لتغريدة نشرها جيسون جرينبلات مبعوث الرئيس الأمريكى للسلام فى الشرق الأوسط، فإن سيناء ليست جزءًا من هذه الخطة، وأن ما روج له الإعلام حول ذلك غير صحيح بالمرة، لمعرفة الأمريكيين أن مصر حكومة وشعبًا لن تقبل التفريط فى أرض رويت بدماء أبنائها. وفى تقديرى ومن خلال قراءة لتفكير كوشنر, فإن الصفقة ستكون صورة أكثر تشددًا من مشروع شرق أوسط جديد، الذى طرحه فى ثمانينيات القرن الماضى الثعلب الصهيونى شيمون بيريز، وتم تجميده مؤقتًا, حينها, لانشغال أمريكا وروسيا بالصراع فى أفغانستان. وقد مهد كوشنر لتمرير هذه الصفقة المشبوهة بجس نبض العرب، عبر إعلان الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس الشريف عاصمة لإسرائيل، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، بالمخالفة للقانون الدولى ولقرارات الأممالمتحدة، ودون تشاور مع حلفائه الأوروبيين، ولأن رد الفعل العربى لم يرق إلى مستوى خطورة الإجراء، فقد تشجع كوشنر على المضى قدمًا فى صفقته المشبوهة، ولن يمنعه عن إتمامها بيان وزراء الخارجية العرب يوم الإثنين الماضى برفض أى صفقة فى القضية لا تنسجم مع المرجعيات الدولية. إن صفقة القرن, على حد تعبير المفكر والسياسى الفلسطينى مصطفى البرغوثي, ليست مشروعًا للحل ولا مدخلا للتفاوض، بل هى وسيلة لتحقيق هدفين: الأول هو تغيير المواقف الرسمية المعلنة للإدارة الأمريكية، والتى وإن كانت دومًا منحازة لإسرائيل فإنها لم تتجرأ قبلاً على خرق القانون الدولى السائد بالاعتراف بضم أراض محتلة بالقوة، أو تقديم الغطاء لإنشاء وضم مستعمرات استيطانية مخالفة لقرارات الأممالمتحدة، والهدف الثانى استخدام الصفقة كغطاء لاستفحال عملية الضم والتهويد والاستعمار الاستيطاني، الذى تمارسه الحركة الصهيونية وحكومة إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. إن جميع الظروف المحيطة بهذه الصفقة تجعلنى أتفق مع جيرار أرو سفير فرنسا لدى أمريكا المنتهية ولايته فى توقعه فشلها بنسبة 99%، فانحياز كوشنر لإسرائيل يضع الفلسطينيين امام خيار واحد هو المقاومة. لمزيد من مقالات أسامة الألفى