تحمل مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مؤتمر قمة منتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولى فى بكين خلال الفترة من 25 حتى 27 أبريل الحالي، أكثر من مدلول سياسى سواء على المستوى الثنائى المصرى الصيني، أو بالنسبة لهذه القمة التى يشارك فيها 37 رئيس دولة وحكومة. وأوضح تقرير الهيئة العامة للاستعلامات أن زيارة الرئيس إلى الصين تعد السادسة منذ توليه منصب الرئاسة عام 2014، واللقاء الذى سيجمعه بالرئيس الصينى شى جين بينج سيكون السابع بينهما، حيث عقدت قمة واحدة بينهما فى القاهرة، مما يؤكد أن العلاقات المصرية الصينية تتسم حاليا بالتميز، خاصة بعدما تم رفعها فى السنوات الأخيرة إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة انطلاقاً من الأهمية التى توليها قيادة الدولتين للعلاقات الثنائية. ويضاعف من أهمية الزيارة الحالية للرئيس السيسى إلى الصين عوامل عديدة فى مقدمتها أنها ذات شقين، فهى زيارة ثنائية إلى الصين، وهى أيضًا، مشاركة فى المنتدى الثانى لمبادرة الحزام والطريق. وتختلف زيارة الرئيس السيسى إلى الصين فى هذا التوقيت عن كل اللقاءات السابقة، فالرئيس يزور العاصمة الصينية بعد إعلان نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وبين يديه إنجازات كبيرة حققتها مصر، ووضع جديد يختلف عن ظروف القمم والزيارات السابقة، سواء على الصعيد الداخلى بتحقيق الاستقرار وهزيمة الإرهاب، وترسيخ أركان الدولة المصرية واستعادة مكانة وقدرة مؤسسات الدولة المختلفة، أو على الصعيد الخارجى بعد أن استعادت مصر بفضل سياسة خارجية متوازنة وشجاعة، مكانتها فى منطقتها وقارتها والعالم. ولا يقل عن كل ذلك أهمية ما حققته مصر على الصعيد الاقتصادي، بفضل برنامجها للإصلاح الاقتصادي، الذى أشاد بنتائجه العالم كله بمؤسساته الرسمية كالبنك الدولى وصندوق النقد، ومؤسساته النوعية المتخصصة وآخرها تقرير مؤسسة «موديز» منذ أيام الذى رفع تصنيف مصر الائتماني، وأشاد بنجاح برنامج الإصلاح، وكلها مؤشرات تشجع على الاستثمار فى مصر، والتجارة معها، والثقة فى قدراتها، والسياحة إليها. وعلى الصعيد الإفريقي، فإن مصر ترأس الاتحاد الإفريقى من بداية العام الحالى 2019، وهذا يعنى أن مصر طرف رئيس معنى بمتابعة كل ما يصدر عن هذا المنتدى بالتعاون مع أشقائها من الدول الإفريقية. وكان الرئيس السيسى قد استقبل فى يناير الماضى ، الممثل الخاص للرئيس الصينى يانج جيتشى عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، والذى سلمه دعوة خاصة من الرئيس شى جين بينج، لحضور قمة منتدى الحزام والطريق. وهى الدعوة التى تعكس اهتمام القيادة السياسية فى الدولتين بتطوير العلاقات الثنائية بوضوح خلال السنوات الماضية، إذ حرص الرئيس الصينى على دعوة الرئيس السيسى لحضور القمم الدولية التى تستضيفها بكين مثل قمة «بريكس» وقمة مجموعة العشرين، إضافة إلى القمة الصينية الإفريقية بالطبع، انطلاقا من تقدير الصين للمكانة الإقليمية والدولية التى تحظى بها مصر، وكذلك الاهتمام المصرى بالعلاقات مع بكين فى ظل اتجاه مصر نحو تعزيز علاقاتها مع القوى المهمة فى شرق آسيا خاصة الصين. إطلاق المبادرة أطلق الرئيس الصينى مبادرة «الحزام والطريق» عام 2013 بهدف إحياء طرق التجارة القديمة عن طريق إنشاء الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الحادى والعشرين من أجل بناء شبكة للتجارة والبنية التحتية لربط قارات آسيا بأوروبا وإفريقيا. كما تهدف مبادرة «الحزام والطريق» كذلك إلى تحقيق التعاون والكسب المشترك فى مجالات التنمية بين الدول المشاركة من خلال الشراكات الاقتصادية والتجارية ومشروعات البنية التحتية إضافة إلى التفاعل والتبادل الثقافى بين الشعوب. أهمية المبادرة لمصر تمثل مصر بموقعها الاستراتيجى ووجود قناة السويس كممر مائى حيوى بها يجعلها نقطة محورية فى الجانب البحرى من المبادرة، تتكامل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس مع مبادرة (الحزام والطريق) لربط التجارة العالمية، حيث إن المنطقة الاقتصادية تمثل مستقبل التجارة الدولية وستصبح مركزا لوجستيا عالميا، تعد منطقة السويس للتعاون الاقتصادى والتجارى الصينية - المصرية المتواجدة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس نموذجا للتعاون بين الصين ودول الحزام والطريق، وتوفر منصة مثالية للمنشآت الصينية لتطوير نفسها فى الخارج. وتناول تقرير الاستعلامات أهمية المبادرة فى عملية التنمية بمصر من خلال المشروعات العملاقة التى تنفذها شركات صينية بالتعاون مع الجانب المصرى التى يجرى العمل فيها على قدم وساق على جانبى القناة بهدف قيام الصين وعدة دول يمر منها الطريق بإحضار المواد الأولية الخام وتصنيعها فى مصانع تقع على جانبى القناة وبالقرب منها، تخفيضًا للنفقات قبل أن تنطلق بالمنتج النهائى للأسواق الأوروبية.ويبرز ذلك ايضا فى بناء منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وإنشاء محطات الطاقة وغيرها من مشروعات النقل والتجارة والصناعة والبنية التحتية. وتعد الاستثمارات الصينية فى مصر على سبيل المثال نموذجا للمنفعة المتبادلة، حيث إنها تعود بالفائدة على مصر من ناحية فرص العمل ونقل الخبرات للعمالة، فيما تستفيد منها الصين فى ضوء موقع مصر الجغرافى المميز وقرب استثماراتها من قناة السويس، وفرص الوصول إلى أسواق ثالثة مع توقيع مصر اتفاقيات تجارة حرة مع كتل إقليمية كبيرة مثل الاتحاد الأوروبى والدول العربية والإفريقية وأمريكا اللاتينية. القمة السابعة بين مصر والصين تم عقد 6 قمم مصرية صينية خلال السنوات الخمس الماضية جمعت الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الصينى شى جين بينج.. وتعد القمة السابعة تطورا لافتا فى العلاقات التجارية، حيث ارتفع حجم التبادل التجارى بين مصر والصين إلى 13٫87 مليار دولار عام 2018، بزيادة بلغت 29.3% عن نفس الفترة من 2017 لكى تحتفظ بكين بمكانتها كأكبر شريك تجارى لمصر، وأكبر بلد مصدر إلى القاهرة، ووصل حجم الواردات الصينية إلى مصر بنحو 8.7 مليار دولار عام 2018 بزيادة بلغت 28%، كما بلغ معها حجم الصادرات المصرية للصين 1٫8 مليار دولار لأول مرة فى تاريخ التبادل التجارى بين البلدين. كما أن الصين أكبر مستثمر فى مشروع محور تنمية قناة السويس، ووفرت منطقة «تيدا» الصينية فى شمال غرب خليج السويس فرص عمل لأكثر من 3 آلاف مصري، وعملت الصين مع مصر ودول عربية معا لربط المناطق الصناعية فى أبوظبى والسويس وجازان بالموانئ القريبة. بينما تنتظر استثمارات الصين فى مصر طفرة كبرى بتوقيع عقود الشركات الصينية فى العاصمة الادارية الجديدة، حيث تقوم شركة «CSCEC» الصينية، إحدى كبرى شركات تشييد ناطحات السحاب بالعالم، بالعمل على إنشاء منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية، وتضم منطقة الأعمال 20 برجًا للاستخدامات السكنية والإدارية والتجارية، من بينها أعلى برج فى إفريقيا بارتفاع نحو 384 مترًا يتوسط حى المال والأعمال. ووقعت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فى مصر ومجموعة «CGCOC» الصينية فى مايو 2018 على مذكرة تفاهم لإنشاء أول منطقة صناعية فى مدينة العلمين الجديدة، حيث سيتم العمل معًا على تحويل قطع الأراضى الضخمة من صحراء المدينة إلى حقول خضراء للمنتجات الزراعية ويتم استخدامها فى المجمع الصناعي. وتم التوقيع عام 2017 على عقد إنشاء أول خط للقطار الكهربائى «السلام - العاصمة الإدارية العاشر» مع شركة «افيك» الصينية باستثمارات 1.2 مليار دولار أمريكى على امتداد 66 كم تضم 11 محطة.