أسرار الإسرائيليين وطلباتهم الخاصة والمكتوبة على قصاصات ورقية التى يضعونها فى الشقوق الموجودة بين أحجار الحائط الغربى للمسجد الأقصى «حائط البراق»، الذى يطلقون عليه «حائط المبكي»، تقدر أعدادها بمئات الآلاف. وفى كل فترة، خاصة فى عيد الفصح اليهودي، تخرج الهيئة المسئولة عن الحائط هذه القصاصات من بين أحجاره فى عملية تنظيف بواسطة عصى خشبية وليست معدنية - حتى لا يتم المساس بقدسية الحائط - ثم تدفنها سويا مع الكتب المقدسة البالية. وعملية التنظيف وإزالة هذه القصاصات تأتى لإفساح المجال لوضع قصاصات وخطابات أخرى من جانب زوار المكان، فبعد إخراج القصاصات والخطابات من الشقوق توضع فى أكياس ثم تغلق بإحكام، فيما يراقب حاخام الحائط «شموئيل رابينوفيتش» العمال فى أثناء عملية التنظيف، ثم فى النهاية يؤدى صلاة خاصة لتحقيق أمنيات ومطالب كل من وضع قصاصة أو أرسل خطابا ليوضع فى تلك الشقوق. وهناك آلاف الخطابات يرسلها الإسرائيليون كل عام إلى السماء عن طريق هيئة البريد هناك، وهذه ليست دعابة بل حقيقة، فهناك قسم خاص فى هيئة البريد الإسرائيلية يستقبل مثل هذه الخطابات على مدى العام ويحفظها فى صناديق مغلقة لينقلها بعد ذلك كى توضع بين أحجار الحائط الغربى للمسجد الأقصي، ويتولى دفن أو وضع هذه الخطابات بين الأحجار حاخام الحائط أيضا. وهناك طريقة عصرية أو حديثة لذلك، حيث يستقبل موقع إنترنت خاص الطلبات والصلوات التى تصل إليه عبر البريد الإلكتروني، وفى كل أسبوع يتم تجميع الرسائل على اسطوانة مدمجة «سى دي» وتوضع بين أحجار الحائط. وفى كل عام، تستقبل هيئة البريد آلاف الخطابات من هذه النوعية التى تنقلها بدورها إلى حاخام الحائط الذى يحظر على موظفيه فتحها أو الاطلاع على محتوياتها ويأمرهم بوضعها بين الأحجار لفترة ليتم دفنها بعد ذلك فى قمة جبل الزيتون. العديد من أصحاب الخطابات يكتبون على المظروف من الخارج هيئة البريد، وهناك من يذهب بنفسه لوضع الخطاب بين الأحجار، وبعد الاحتفال «بعيد الفصح» فى إسرائيل يضع مدير عام هيئة البريد الاسرائيلية مع الحاخام «رابينوفيتش» الخطابات بين الأحجار فى احتفال كبير يحضره مجموعة كبيرة من الإسرائيليين. وظاهرة إرسال الخطابات إلى السماء بدأت مع إنشاء هيئة البريد العبرية فى السنوات الأولى لإقامة إسرائيل. وعندما كان الحائط الغربى للمسجد الأقصى تحت السيادة الأردنية كان يتم نقل مثل هذه الخطابات إلى وزارة الأديان الإسرائيلية ليتم دفنها فى مكان آخر بعيدا عن الحائط، وبعد حرب يونيو 1967 ازدادت أعداد هذه الخطابات، وفى السبعينيات قرر مديرا هيئة البريد أبراهام منصورى وإسحق حانوخ إرسال الخطابات إلى الحاخام الأول فى ذلك الوقت، عوفاديا يوسف، لكن أحد الحاخامات، ويدعى شلوموجورين، لم يحبذ الفكرة واعترض على ذلك، حيث تناقش مع مدير عام هيئة البريد وطلب منه أن يتم توجيه الخطابات المرسلة إلى السماء إلى الحائط الغربى وليس إلى مقر الحاخام عوفاديا فاستجاب لطلبه. ومنذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 فى الولاياتالمتحدة ازدادت ظاهرة هذه الخطابات بشكل كبير حتى وصلت إلى ألف خطاب فى العام. وتبين أن الغالبية العظمى ممن يرسلون هذه الخطابات هم من النساء من مختلف الأعمار، والأقلية من الرجال، وأهم ما يميز من يرسل هذه الخطابات أنهم أشخاص يشعرون بالوحدة، ومعظم طلباتهم تتركز حول موضوعات الصحة والمرض والحب والرزق، لكن هناك خطابات لها طابع آخر، فهذه سيدة تطلب فى خطابها أن تساعدها السماء فى الإقلاع عن داء سرقة أدوات المكياج والقفازات، وطالبة تطلب المغفرة لأنها أقدمت على الغش فى الامتحانات، وثالثة تطلب العلاج من إدمان تناول اللب والمكسرات بشراهة، وأم تطلب أن يحنو عليها أبناؤها، والعدد الأكبر من كتاب أو أصحاب هذه الخطابات يطلبون الفوز فى مسابقات اليانصيب!. وفرز وتصنيف هذه الخطابات يتم فى مقر هيئة البريد بالقدس، ويتولى هذه المهمة ثمانية موظفين، وكل عدة أشهر عندما يتجمع عدد كبير من هذه الخطابات يرسلونها إلى حاخام الحائط. ويروى موظفو هيئة البريد موقفا يصفه البعض بأنه حقيقى وحدث بالفعل والبعض الآخر يصفه بأنه خيالي، فمنذ عدة سنوات، أرسل يهودى مسن خطابا إلى السماء عن طريق هيئة البريد يشكو فيه من ضيق ذات اليد، وطلب فى نهاية الخطاب أن تساعده السماء بمبلغ خمسة آلاف شيكل وترسله إليه على عنوانه الموجود بالخطاب، وبعد أن تأثر موظفو هيئة البريد بذلك أشفقوا على الرجل، وجمعوا مبلغ 4300 شيكل وأرسلوه إليه، وبعد نحو شهر، وصل للهيئة خطاب من اليهودى نفسه يشكر السماء على الاستجابة لطلبه، ويقول فيه «عندما ترسلون إلى خطابا أرجو ألا يتم ذلك عن طريق هيئة البريد، لأن الموظفين اللصوص سرقوا 700 شيكل من المبلغ.