عجيب أمر تلك النوعية من الناس الذين يتباهون بأنهم أصحاب «الصوت العالى» ويحاولون بشتى الطرق فرض رأيهم على بقية خلق الله بمناسبة ودون مناسبة وكأن من يمتلك «صوتا عاليا» من حقه أن يكون على صواب أما الآخرون فهم الذين على خطأ. بينما كنت أفكر فى تلك المسألة تذكرت حكاية من تراث الشعوب تقول إن رجلاً عجوزاً كان يتصف بالحكمة ورجاحة العقل جلس ذات يوم على ضفة نهر وفجأة لمح قطّاً وقع فى الماء فما إن رأى القطّ يتخبّط محاولاً أن ينقذ نفسه من الغرق حتى بادر الحكيم لإنقاذه وبالفعل مدّ له يده ولكن القط وبشكل مفاجئ أصابه بمخلبه فسحب الرجل يده صارخاً من شدّة الألم ولكن لم تمض سوى دقيقة واحدة حتى مدّ يده لينقذه للمرة الثانية ففعل القط الشيء نفسه بجروح أكثر فسحب يده بسرعة من شدة الألم وبعد دقيقة قرر أن يحاول للمرة الثالثة.. وكان على مقربة منه رجل من أهل القرية كان يراقب ما يحدث فصرخ فيه: أيها الحكيم لم تتعظ من المرة الأولى ولا من المرة الثانية وها أنت تحاول إنقاذه للمرة الثالثة؟ لم يلتفت اليه الحكيم وكأن هذا التوبيخ موجه الى شخص آخر.. واستمر فى المحاولة حتى نجح فى إنقاذ القطّ ثم ذهب الى الرجل وربت على كتفه قائلاً: يا بنى من طبع القطّ أن «يخربش» ومن طبعى أن «أُحب وأعطف».. فلماذا تريدنى أن أسمح لطبعه يتغلب على طبعي.. وأكمل قائلاً: عامل الناس بطبعك لا بطبعهم.. مهما يكونوا ومهما تتعدد تصرفاتهم التى تجرحك وتؤلمك فى بعض الأحيان ولا تأبه لمن يحاولون التأثير عليك ويطلبون منك أن تترك صفاتك الحسنة. انتهت الحكاية ومن يومها وأنا على قناعة تامة بأنه عندما نعيش لنسعد الآخرين سيبعث لنا الله من يعيش ليُسعدنا.. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان. لمزيد من مقالات أشرف مفيد