زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى الثانية للولايات المتحدةالأمريكية، جاءت بعد ثانى زيارة يقوم بها رئيس مصري، إلى غينيا، منذ زيارة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فى أكتوبر 1965، والتى كانت، مع زيارته غانا ومالي، سببًا فى تأجيل جلسة افتتاح الدورة البرلمانية الثالثة لمجلس الأمة، أسبوعا أو اثنين. ومن محاسن الصدف، أن الرئيس الراحل، تحدّث عن العلاقات المصرية الأمريكية، فى خطابه أمام المجلس، وأشار إلى أن مبعث الخلاف الحقيقى بيننا وبينها، كان ولا يزال، هو موقفها تجاه إسرائيل. بعد نصف قرن وأربع سنوات، ما زالت المواقف الأمريكية المنحازة لإسرائيل، سببًا فى توتر العلاقات بين البلدين، وفى حالة من الارتباك والتخبط فى السياسة الخارجية الأمريكية إجمالًا. وعليه، واستنادًا إلى أهمية ومحورية دور مصر فى المنطقة، كان منطقيًا أن تظهر استنتاجات أو تكهنات بأن يتم إطلاع الرئيس، خلال الزيارة، على الخطة الأمريكية للسلام فى منطقة الشرق الأوسط، المعروفة إعلاميًا بصفقة القرن. بينما خالف المنطق وخاصم العقل، ما أشيع بشأن احتمالات موافقته على بنود مريبة، قد تتضمنها الخطة أو الصفقة، التى لم يتم إعلان بنودها أو أى تفاصيل بشأنها، باستثناء كلام فارغ، حملته تسريبات منسوبة إلى مجهولين، لن يختلف عاقلان على أنه، حال صحته، سيجعل مصير تلك الخطة أو الصفقة هو سلة المهملات، إلى جوار عشرات الصفقات أو المبادرات الشبيهة، وسلسلة طويلة من الإخفاقات الأمريكية. خلال الزيارة، عقد الرئيس اجتماعات موسعة مع مسئولى دوائر صنع القرار، وعددًا من اللقاءات الثنائية، أهمها لقاء القمة مع نظيره الأمريكي، دونالد ترامب. ولن نتوقف عند البيانات والتصريحات الرسمية، التى لم تتضمن غير كلام عام، وعائم، عن تناول الرئيسين لآخر مستجدات الأزمات التى تشهدها بعض دول المنطقة، خاصة القضية الفلسطينية، وسبل استئناف عملية السلام. كما لن نستند إلى أن كل تلك البيانات والتصريحات، خلت من أى إشارة إلى تناول الرئيسين لتلك الخطة أو الصفقة، لأن الطبيعى والعادي، هو ألا يتم الكشف عن بعض (أو معظم) ما تناولته المباحثات بين الرئيسين. غير أننا لن نكون منصفين لو تجاهلنا أن الموقف المصري، من الصراع العربى الإسرائيلي، ثابت وواضح، وتكرر إعلانه وتأكيده خلال الزيارة بأن قال الرئيس بوضوح إن مصر ستظل داعمة لأى جهد مخلص يضمن التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية استنادًا إلى قرارات ومرجعيات الشرعية الدولية وحل الدولتين وما تضمنته المبادرة العربية، على نحو يحفظ الحقوق الأصيلة للشعب الفلسطيني. ويمكنك أن تضيف إلى هذا الكلام الواضح، والقاطع، الجهود المصرية الأكثر وضوحًا لإنهاء المعاناة الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة. الطبيعى والعادي، كما قلنا ونكرر، هو ألا يتم الكشف عن بعض (أو معظم) ما تتناوله المباحثات بين الرئيسين، أو بين رؤساء الدول عمومًا. ولأن ما خفى قد يكون هو الأعظم أو الأهم، يتنافس الخبراء والمحللون فى استنتاجه. بالضبط، كما يغرى بعض الحمقى بالخلط بين لعب السياسة ولعب العيال. وكما أن الحماقة لا علاج لها، وتعيى من يداويها، فإن اللعب مع العيال أو السير خلفهم، قد يؤدى إلى كوارث، كتلك التى حدثت لبعض المحسوبين على المعارضين أو من يدعون أنهم كذلك. ولو أردت أمثلة أو نماذج من لعب العيال، يمكننى أن أملأ لك كيسًا كبيرًا يفرح به لعيال، ويكشف تدهور القوى العقلية ل عيال الإخوان أو غلمانهم ومن وقع فى فخ اللعب معهم. وإلى أن تحضر ذلك الكيس، سنكتفى ب «بخيبة الخيمة». خيمة منصوبة أمام منزل بليز هاوس الذى نزل فيه الرئيس السيسى والمخصص لاستقبال ضيوف الرئيس الأمريكي، ظهرت فى مقطع فيديو، لم يستطع موقع CNN بالعربية التأكد من صحته وتاريخ التقاطه، إلا أن الجزيرة وأخواتها ووسائل إعلام تموّلها تركيا، قطر، وربما إسرائيل، أوهمت متابعيها، بأنها أمسكت ذئبًا من ذيله، وزعمت أن سبب وجود الخيمة هو إخفاء مرافق للرئيس، يخشى أن تلتقطه عدسات الكاميرات. فى حين أكدت وقائع عديدة أن تلك الخيمة سبق أن ظهرت، أمام المنزل، خلال زيارات عدد من زعماء ورؤساء الدول، بينهم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بحسب فيديو نشرته وكالة أنباء أسوشيتدبرس، فى 16 مايو 2017، كما ظهرت الخيمة أيضًا أثناء استضافة المنزل نفسه الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، سنة 2009، بعد فوزه فى انتخابات الرئاسة، وقبل تنصيبه رسميًا. مع فخ الخيمة، الذى وقع فيه بعض المحسوبين على المعارضة أو من يزعمون أنهم كذلك، وقع آخرون فى فخاخ أخرى نصبتها صحف أمريكية وبريطانية، بعينها، لم تمل من تكرار هجماتها أو حملاتها ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي، التى لم تخرج عن فردتى جورب أو شراب، اعتادت تلك الصحف أن تقوم بعمل تباديل وتوافيق بينهما. ولو لديك متسع من وقت الفراغ، يمكنك أن تبحث فى أرشيف تلك الصحف، وستجد أنها نشرت أو قلبت فردتى الشراب مئات أو آلاف المرّات، منذ 30 يونيو 2013، ومن المتوقع أن تظل تعيد قلبهما ونشرهما، حتى ينتهى تعاقد جماعة الإخوان, ومن يستعملونها ويحرّكونها، مع شركات التسويق السياسى التى تسيطر على تلك الصحف، أو حتى يعود مرسى العياط، أيهما أقرب!. .. وتبقى الإشارة إلى أن عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين كان يرتدى فردتى شراب مختلفتى اللون، حين قال إن الحياة أقصر من تضييع الوقت فى الاهتمام ب «الشرابات أو الجوارب»!. لمزيد من مقالات ماجد حبته