سيدة مقاتلة لا تعرف الخوف ولا تؤمن بوجود مستحيل، استطاعت أن تكون أول رئيسة سيدة فى تاريخ بلادها فى عمر لايتجاوز ال 45 عاما، بعد سجل حافل فى مكافحة الفساد .. إنها زوزانا كابوتوفا رئيسة سلوفاكيا الجديدة التى حصدت نحو 60% من أصوات الناخبين، متفوقة على خصمها ماروس سيفكوفيتش نائب رئيس المفوضية الأوروبية. ورغم من أن دور الرئيس فى هذه الدولة الصغيرة الواقعة وسط أوروبا، لا يتعدى كونه شرفيا، إذ تبقى جميع صلاحيات تصريف شئون الدولة والحكومة بيد رئيس الوزراء، فإن كابوتوفا ستتولى منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة السلوفاكية، فضلا عن تمتعها بحقوق حصرية مثل تعيين القضاة، وحق النقض «الفيتو». وكانت الرئيسة، التى رفعت فى حملتها الانتخابية شعار« فلنقاوم الشر»، قد تعهدت أمام لناخبيها بمقاومة الفساد عبر تجريد رجال الشرطة والمدعين من نفوذهم السياسي، عقب أزمة مقتل الصحفى الاستقصائى جان كيوسياك وخطيبته العام الماضي. وكان كيوسياك يجرى تحقيقا حول الفساد المتفشى فى الطبقة السياسية الحاكمة بالبلاد، لكنه لقى مصرعه إثر إصابته بطلق نارى مجهول المصدر فى فبراير 2018، وهو ما أجج موجة غضب واسعة فى البلاد ضد الحكومة، التى خرجت ضدها مظاهرات ضخمة، شارك فيها عشرات الآلاف، وانتهت بإعلان رئيس الوزراء، وزعيم حزب سمير اليسارى الوسطى استقالتيهما. وأعلنت كابوتوفا بعدها عزمها الترشح لانتخابات الرئاسة بسبب مقتل الصحفى الشاب لتتصدى بنفسها للفساد السياسي. ولا تعد تلك المرة الأولى التى تنتفض فيها المحامية الشابة ضد قضية فساد سياسي، إذ إنها خاضت من قبل معركة شرسة ضد الحكومة استمرت 14 عاما، لمعارضتها تخصيص موقع للنفايات السامة بمدينتها. وانتهت القضية عام 2016 لمصلحة كابوتوفا، بعد سلسلة هائلة من الدعوات القضائية، والمظاهرات الغاضبة، والمراسلات والعرائض للاتحاد الأوروبي. وأكسبت القضية الماراثونية فى النهاية كابوتوفا شهرة واسعة فى البلاد، فضلا عن حصولها على جائزة «جولدمان» البيئية الرفيعة. وحول حياة الرئيسة الشخصية، فهى امرأة مطلقة ولديها طفلان، ولدت لأسرة بسيطة من الطبقة العاملة بمدينة بيزينوك، الواقعة وسط دولة تشيكوسلوفاكيا السابقة، فى بيت وصفته بأنه كان «منفتحا». ثم درست القانون بجامعة كومينيوس، أكبر جامعات سلوفاكيا، لتتخرج عام 1996، وتلحق دراستها القانونية بدورة تدريبية حول المبادئ العامة للإدارة، ولاسيما «إدارة التغيير». بعد ذلك، بدأت كابوتوفا حياتها العملية، وكانت أولى خطوتها فى مبنى الحكومة المحلية بمدينتها بيزينوك حيث عملت كمساعدة فى قسم الشئون القانونية، وترقت فى المناصب حتى باتت نائبة عمدة المدينة. بعدها، دشنت كابوتوفا عملها كناشطة اجتماعية لمناهضة«استغلال وسوء معاملة الأطفال». وفى عام 2010، بدأت عملها كمحامية، وتعاونت فى الوقت ذاته مع منظمة السلام الأخضر«جرين بيس» فى تخطيط الحملات، لتنشئ مكتبا خاصا للمحاماة بعد نجاح قضيتها ضد الحكومة حول التصدى لبناء مقلب النفايات.وأصدرت كابوتوفا الكثير من المطبوعات الورقية للتعبير عن رأيها الليبرالى فى الكثير من القضايا السياسية المثارة مجتمعيا. ومع نهايات عام 2017، كانت انطلاقة كابوتوفا السياسية بإعلان انضمامها لحزب «سلوفاكيا التقدمية» الصاعد، الذى يسعى ليكون صوتا ليبراليا مختلفا فى مواجهة التيار المحافظ المسيطر على البلاد . وظلت تشغل كابوتوفا منصب نائبة رئيس الحزب حتى مارس الماضي، إذ أعلنت استقالتها حينها لتتفرغ لحملتها الرئاسية.