لكيلا نضيع الوقت فإننى وعلى الفور أطالب كل الدول العربية وجامعتها بأن تحشد قواها وتتصل بالدول والمنظمات الدولية والاقليمية للضغط على الأممالمتحدة لتتولى معالجة قضية مرتفعات الجولان السورية العربية حيث تسبب الرئيس الأمريكى بقراره الأخير فى اختراق واهدار قرارات المنظمة الأممية. وفى تقديرى فإن الولاياتالمتحدة قد أوقعت نفسها بفعل تصرفات رئيسها فى شبكة الصيد التى تنتظر من يسحبها لتعرية تصرفات واشنطن السابقة والحالية. واتصالا بذلك فإننى لا أعرف لماذا يسجن العرب أنفسهم فى خانة المفعول به التى تلقوا فيها كل أنواع المهانة والمذلة، ولماذا لم يتحركوا إلى موقع الفاعل فيبادروا ويحققوا مطالبهم المشروعة، وإذا تناولنا قضية الجولان فلعلها تحقق المثل المعروف: «رب ضارة نافعة». المشكلة أن العرب لا يستثمرون أى فرصة تتاح أمامهم، وعلى سبيل المثال، فلقد جرت اتصالات سرية بين الرئيس الراحل حافظ الأسد وإسحاق رابين وذلك دون لقاء مباشر وإنما عن طريق وسيط من الإدارة الأمريكية، وكادت المباحثات تصل إلى اتفاق على الانسحاب من الجولان بعد تعديلات بسيطة فى الحدود وكانت آخر عقبة هى الفترة التى يستغرقها الانسحاب إذ طالبت إسرائيل بأن تكون الفترة ثلاث سنوات بينما أصرت سوريا على أن تكون ستة أشهر، وتدخلت الإدارة الأمريكية وتم التوافق على أن تكون فترة الانسحاب ثمانية عشر شهرا، لكن القدر لعب لعبته إذ إن المتطرفين الإسرائيليين لم يرضوا عن رابين فجندوا من أطلق عليه الرصاص وقتله فى نوفمبر 1995، وإذ أذكر هذه الرواية فذلك لأننى بعدها بسنوات كنت فى دمشق وفى منزل السفير المصرى محمود شكرى التقيت على عشاء أقامه السفير عددا من المسئولين السوريين والدبلوماسيين العرب والأجانب وجمعتنى مائدة بالسفير الأمريكى وقتها فى دمشق دينيس كريستوفر وروى لى هذا السر وقال لى إنه لولا مقتل رابين لكان الاتفاق قد وقع نهائيا، وفى ذلك الوقت نشرت هذا الخبر المهم فى الأهرام صفحة أولى ولم يكذبه أحد من الأطراف المعنية مما يؤكد صحته وأن واشنطن تعرف هذا جيدا، ولذلك فإننى أطالب واشنطنودمشق ومن لديه معلومات عن هذه الاتصالات وغيرها لكى ينشرها، وفى الوقت نفسه فإننى ارجو أن توجه الدول العربية والجامعة العربية والدول الصديقة سؤالا إلى الأممالمتحدة عن انتهاك قراراتها وماذا تفعل مع الدول التى تخالف قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، فالمسألة أصبحت لا تحتمل لأنه لا يمكن أن تضغط الأممالمتحدة على دول لتنفيذ قراراتها حتى لو كانت خطأ وفى الوقت نفسه تحابى وتخشى دولا أخرى تضرب بقرارات الأممالمتحدة عرض الحائط. وعلى المجتمع الدولى أن يحدد هل لاتزال الأممالمتحدة معبرة عن الضمير الأممى أم أنها خاضعة لسلطان الأقوي، إن المعركة يجب أن تنتقل الآن إلى الأممالمتحدة بينها وبين واشنطن: من يحترم الآخر. لمزيد من مقالات محمود مراد