كان أحلك يوم فى تاريخ البلد الآمن المتسامح الواقع جنوب الكرة الأرضية على المحيط الهادئ، فكان الحادث الإرهابى الذى ضرب نيوزيلندا واستشهد خلاله ما يقرب من 50 شهيداً ما بين رجل وامرأة وطفل، هز الهجوم الإرهابى الذى نفذه جبان متطرف العالم أجمع، وتوالت ردود الأفعال العالمية تجرم هذه المجزرة البشعة، وحذفت جميع وسائل الإعلام الدولية وصفحات التواصل الاجتماعى تفاصيل الجريمة من هول الصدمة. إلا شخصا واحدا كان له رأى مختلف، فعلى هامش غطاء الشعارات الجوفاء المكتوبة بحروف تبدو أخلاقية لكنها ممزوجة بغبار النفاق الفاضح والانتهازية المكشوفة، أقام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان سرادقات انتخابية عرض فيها فيلم جريمة المسجدين بهدف جمع أصوات الناخبين، رغم أن مشاهد الفيلم الإرهابى تفوق القدرة على الاحتمال، وكان المجرم يقتل على طريقة ألعاب الفيديو، بموسيقى أغان عنصرية تستدعى التاريخ بشكل يتطابق مع أهازيج داعش عن الغزوات الإرهابية. وهنا يأتى طرح التساؤل إلى الرئيس التركى الذى عقد صفقات سياسية مشبوهة وغير بريئة مع جماعات إرهابية متطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش، ألم تكن أنت الذى أوجدت لهم مجتمعا فسيحا من الفوضى يعيشون فيه بلا أسماء ولا عناوين، وساندتهم بشبكة واسعة من الدعم والتمويل والأفكار والمبررات، وتصفق لهم وتدلهم على مصادر الأسلحة وكيفية استعمالها، ألم يكن بلدكم ومازال ممراً آمناً وحاضناً للإرهاب والإرهابيين، ألم تسأل نفسك لماذا زار هذا السفاح الاسترالى برينتون تارنت منفذ الهجوم على المسجدين بلادكم عدة مرات وقضى فيها فترات طويلة؟!. توقف يا أردوغان عن احتفالية الموت التى تبث منها فيروساتك الخبيثة السرطانية المريضة التى تصب فى خانة التعصب والكراهية، فلا تتحدث أنت عن شهداء المسجدين فى أقاصى الأرض، لأن قواتك العسكرية التركية هى من تقصف مساجد عفرين شمال سوريا وتسقط الأبرياء من الضحايا رجالاً ونساءً وأطفالاً. لماذا سمحت بسفر نائب الرئيس التركى فؤاد أوكتاى إلى نيوزيلندا ثانى أكثر بلد آمن على كوكب الأرض محاولاً خلق مستنقع من الكراهية مصحوبا بأيديولوجية متطرفة وخطاب أحادى وفكر تحريضي؟!. من الذى سمح لكم التحدث باسم الإسلام والتدخل فى شئون الآخرين وأنتم بلا أخلاق ولا قيم ولا قوانين وقد أصبحتم بلا عنوان أو هوية؟. كيف ترفع شعار الديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان وسجون بلادكم مليئة بالمعارضين والأبرياء، ألم تعطك السيدة جاسيندا أرديرن رئيسة وزراء نيوزيلندا درسا قاسيا فى فن القيادة الحكيمة والمسئولية العاقلة خلال الأزمات يصعب على رموز الطغيان والانتهازية والإرهاب إدراك معانيها؟!. فالسيدة المسئولة فى دولة عضوة فى مجموعة «العيون الخمسة» إلى جانب أمريكا وكندا وبريطانيا واسترليا، أظهرت تعاطفا واضحا وصادقا منذ اللحظات الأولى مع المسلمين فى بلادها وأكدت أن الشهداء الخمسين هم نيوزيلنديون وان تاريخ الحادث الارهابى سيكون مناسبة سنوية رسمية سيتم إحياؤها كل عام لتدعيم الروح الوطنية وتزكية الوئام الاجتماعي، ورفضت السيدة التعاطف مع الخطاب اليمينى العنصرى المتطرف الذى تمثل أنت الوجه الآخر له من خلال دعمكم سكاكين داعش والجماعات الإرهابية المتطرفة التى تجز أعناق الابرياء، وبذلك قطعت الطريق على محاولتكم الانتهازية!. وأحسب أن هذه السيدة التى ارتدت حجاباً على رأسها خلال الحادث احتراماً لمشاعر الجالية الإسلامية وألقت السلام تحية الإسلام، وأمرت بتلاوة القرآن فى جلسة افتتاح البرلمان، هذه السيدة تدرك جيداً معنى وحقيقة وجوهر وسماحة الدين الإسلامى اكثر من أصحاب المصالح النفعية والانتهازية. لمزيد من مقالات محمد مطر