كتبت قبل شهور عن أزمة تعاقد تركيا على شراء منظومة إس-400 الروسية للدفاع الجوى، وكيف راحت أمريكا تهدد بإلغاء صفقة طائرات إف-35 الأمريكية إلى تركيا لو استمرت محاولتها اقتناء المنظومة الروسية، وتذرعت بأن وجود تقنية موسكو للدفاع الجوى على أراضى دول هى جزء من حلف الناتو يهدد باختراق التقنيات المستخدمة فيها، ولم تفلح الموافقات التركية على شراء بطاريات باتريوت الأمريكية المضادة للطائرات والصواريخ فى تهدئة الهلع الأمريكى من اقتناء أنقرة المنظومة الروسية، والواقع أن تركيا فى إدارتها فصول تلك الأزمة كانت تلعب على الحبل فيما يخص علاقاتها بروسيا أو الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالذات ما يتعلق بالملف السورى، إذ تعارض تركيا المساندة الأمريكية لوحدات الحماية الكردية فى شرق الفرات، وهى التى تراها أنقرة إحدى أذرع حزب العمال الكردستانى المتهم من ناحية تركيا بالإرهاب، وهى تتخذه تكئة لشن حرب تطهير عرقى ضد الأكراد، وبالتالى فتركيا تضغط على واشنطن بصفقة إس-400 الروسية، كما أن تركيا تحاول الضغط على روسيا بتأكيد ضرورة إتمام صفقة الطائرات الأمريكية من طراز إف-35 التى تشارك تركيا فى صنعها وتتواصل عمليات تدريب الأطقم والفنيين الأتراك فى الولاياتالمتحدة عليها كما تواصل إتمام صفقة صواريخ باتريوت، وهذا الضغط التركى على روسيا مبعثه عدم رضاء أنقرة عن الغارات الروسية على مواقع هيئة تحرير الشام فى إدلب بسوريا، وهو الأمر الذى تسبب فى تأجيل زيارة سيرجى لافروف مرتين هذا الشهر لأنقرة.. تركيا تلعب على الحبل مع واشنطن تارة ومع موسكو تارة أخرى، ولكن العبرة بالخواتيم، فإجراء صفقة سلاح هنا أو أخرى هناك ليس مربط الفرس، وتخيل النظام الانتهازى الذى يحكم أنقرة أنه قادر على ملاعبة نظامين عملاقين فى روسيا الاتحادية والولاياتالمتحدة، هو تخيل قصير النظر جدا لأن الحقائق الاستراتيجية على الأرض فى سوريا لن تتغير بإنفاق بضعة مليارات من الدولارات على شراء صواريخ إس-400 الروسية أو طائرات إف-35 الأمريكية، أو حتى صواريخ باتريوت التى سبق لواشنطن تزويد تركيا بها عام 2011 بشكل مؤقت وبثلاث بطاريات من ألمانيا وهولندا والولاياتالمتحدة تم سحبها بعد ذلك.. تركيا لن تفلح فى استمرار الأدوار التى تحاولها فى سوريا، فهى أصغر منها حتى لو اقتنت كل ترسانات السلاح الأمريكية والروسية. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع