يمكن لأى مراقب أن يؤكد أن العلاقات المصرية الإفريقية عادت الى سابق عهدها فى خمسينيات وستينيات القرن الماضي، بفضل توجه الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى القارة السمراء التى تمتد جذور مصر إليها وتنتمى جغرافيا لها، وهى الرباط بينها وبين أسيا وأوروبا من جهة الشمال الشرقي، من هنا تأتى أهمية تنظيم المنتدى الذى استضافته أسوان عاصمة الشباب الإفريقى للعام 2019، وحضره الرئيس وضيوف مصر الكبار من رئيس المفوضية الإفريقية ووزراء وسفراء وشباب عرب وأفارقة، وحفلت جلسات المنتدى بالعديد من النقاشات المهمة التى يجب التوقف عندها بعمق، فما تم التطرق إليه من قضايا محورية لم يكن مطروحا على طاولات النقاش من قبل على أى مستوى إفريقي. إن منتدى أسوان سيكون علامة فارقة فى علاقات الدول الإفريقية الساعية الى اللحاق بركب التقدم العلمى والاقتصادى العالمي، ويكفى أن من بين القضايا التى تناولتها جلسات المنتدى كانت الصحة بما تحمله من أنات كثيرين من أبناء القارة الذين يعانون تفشى الأمراض المتوطنة والتى كانت سببا فى موت الملايين منهم، ومن هنا وجبت تحية الرئيس السيسى الذى يعرف قدر مصر ودورها الطليعى لخدمة أمتها وقارتها عندما قرر أن تقوم وزارة الصحة المصرية بعلاج مليون إفريقى من فيروس سي، ومعهم ضيوف مصر ممن يقيمون على أرضها من الجنسيات المختلفة، وهى بادرة تعيد للأذهان الدور المصرى الكبير فى مساعدة القارة السمراء على التحرر من نير الاستعمار، وبناء دولها المستقلة ذات السيادة. وتتعدد المكاسب من تنظيم مصر للمنتديات الشبابية التى تتفرد بها بين قريناتها من دول العالم، ويمكن القول إن منتدى أسوان أكد هذا التفرد وتلك الريادة لمصر باعتبار المنتديات فكرة مصرية انطلقت محليا ونظمت فى عدة محافظات منها القاهرة والأسكندرية والإسماعيلية وأسوان وجنوب سيناء، ثم عالميا فى شرم الشيخ وأخيرا عربيا وإفريقيا فى أسوان، أما المكاسب فهى الى جانب التواصل المباشر مع الشباب الذين هم نصف الحاضر وقادة المستقبل، أزال الهوة السحيقة التى كانت بين الشباب والكبار سواء كانوا مسئولين أو معلمين أو رؤساء فى العمل، كان التفاهم غائبا والحوار مقطوعا، حتى لبى الرئيس فكرة شاب مصرى طلب عقد لقاءات دورية تجمع الشباب والرئيس وهو ماكان وتكرر بعدما أثبت فاعليته، وتطور ليصبح علامة يشهد بها العالم لمصر لكن مكاسب أسوان هذه المرة من الاستضافة للمنتدى كانت كبيرة جدا وتمثلت فى إعادة تهيئة الطرق خصوصا طريق المطار، وارتفعت نسبة إشغال الفنادق الى مائة بالمئة لأول مرة منذ سنوات عدة، وأسهم المنتدى فى تقديم صورة ذهنية جديدة عن البعد الإفريقى المصرى متمثلا فى أهل أسوان المتقاربين فى الشبه والعادات مع الجيران الأفارقة خصوصا السودان باعتبارها الامتداد الجغرافى لمصر وبينهما مصاهرات وعلاقات ضاربة فى عمق التاريخ، واستفادت أسوان من المنتدى بالترويج لمنشآتها السياحية وتقديم نفسها للعالم بأنها واحدة من أجمل المشاتى فى العالم لما تتمتع به من طقس رائع شتاء، الى جانب ثرواتها من الطبيعة الخلابة التى تجمع الماء والخضرة والصحراء فى مكان واحد، ورمالها تشفى العديد من الأمراض ولديها كل الرياضات، ويضفى النيل بسحره جمالا فاتنا، فضلا عن المعابد الأثرية مثل فيلة ومدينة أبو سنبل التى تشهد أهم ظاهرة علمية تبهر العالم كل عام مرتين وهى تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني، فى مشهد يعكس عبقرية المصرى القديم، وكم كان رائعا مافعله الرئيس السيسى عندما استقل مركبا وحوله شباب إفريقيا فى مراكب نيلية تجوب صفحة النيل الخالد شريان الحياة الذى يربط مصر بقارتها الإفريقية، ليستمتع الجميع بجمال أسوان المبهر، وبعدها يزور معبد فيلة ويتحاور مع السياح فى لفتة ذكية، تعطى رسائل قوية بأن مصر آمنة ومستعدة لاستقبال ملايين السياح من يريدون التعرف على حضارتها الخالدة، تلك كانت مكاسب أسوان، وإذا بحثنا عن مكاسب القارة السمراء، فسنجدها كثيرة أيضا فإلى جانب علاج مليون إفريقى من فيروس سي، الذى يأتى بعد نجاح مبادرة الرئيس 100 مليون صحة بالكشف على المواطنين وعلاج المصابين منهم، سنجد الأهم وهو التواصل بين شباب القارة وأقرانهم من الوطن العربى لتعزيز التعاون والصداقة بينهم، وإعادة بناء جسور التعاون التى كانت فى الماضى القريب لكنها تعرضت لبعض الهزات التى احتاجت معها الى إعادة بناء، وهو ماقام به منتدى أسوان وما سبقه من منتديات حضرها شباب إفريقيا، وهناك تاكيد أن الحوار أساس لحل أية مشكلة بين دول القارة، وحقها فى الاستفادة من أبنائها الذين برعوا فى الغرب وساعدوه على التطور، كما أن الأهم تمثل فى الإيمان بالقدرات الخاصة لأبناء القارة وتأكيد أنها لن تنهض إلا بسواعد أبنائها، وأن مايجمع دولها أقوى مما يفرقها. لمزيد من مقالات أشرف محمود