تألق عدد كبير من نجوم الكوميديا عبر برامج اليوتيوب ومن أهمهم أحمد أمين الذى شاهدته قبل أن يصبح نجما فى برامج التليفزيون وكان يقدم فقرة ساخرة عن شعراء العامية.. واستطاع بذكاء ومهارة أن يلتقط مناطق التكرار عند بعضهم ويحاكيهم بأسلوب شديد الطرافة يدل على معرفة بأوزان الشعر وقدرة على ارتجاله.. ونجح أحمد أمين بعد ذلك فى عدة أعمال درامية لكنه هذه المرة يقتحم عالم المسرح الصعب من باب معالجة القضايا الاجتماعية بكوميديا جادة سريعة الإيقاع وتبحث بعمق وذكاء فى الظواهر العارضة على حياتنا ولعل أهم ما فى هذه التجربة هو الوعى الشديد بقيمة ورسالة فن المسرح وأنه ليس مجالا للضحك السطحى المفرغ من محتواه والدليل على ذلك هو الاستعانة بالمخرج القدير عصام السيد ليشرف فنيا على العروض وتوجيه المخرجين الشباب بالنصح والخبرة مع تركهم لتقديم رؤاهم الخاصة.. كانت المسرحية الأولى بعنوان السايس وتتناول أزمة الاختناق المرورى التى يستفيد منها فئة من العاطلين الجهلاء ينصّبون أنفسهم قادة على الأرصفة وملاكا للمساحات الشاغرة المخصصة لركن السيارات.. ثم يحملون المفاتيح ويتغولون فى سلطتهم لحاجة الناس إليهم وبالطبع أى إصلاح لمنظومة المرور سيصطدم مع لقمة عيش هؤلاء الساسة وسيحاولون عرقلة أى خطة للإصلاح وإعادة منظومة الفوضى التى تفرض وجودهم فى الشارع.. وبالطبع يلجأ أمين للمبالغة الكاريكاتورية والخيال المستمد من عالم الرسوم المتحركة لإشعال المزيد من المواقف المضحكة وإيجاد مناسبات للغناء الموقع على طريقة ثلاثى أضواء المسرح قديما.. والمسرحية قد تحمل إشارة سياسية بسيطة وذكية لمرحلة قديمة مرت من حياتنا.. أما المسرحية الثانية فتحمل عنوان «الزفر» وتروى قصة رجل أعمال بلطجى حقق الثراء من مختلف أنواع التجارة المحرمة ثم قرر الإنصات إلى نصيحة محاميه بغسيل أمواله عن طريق عمل مشروع يفشل ولا يحقق أى ربح فقرر أن ينتج أفلاما سينمائية لشركة الزفر ويتجه إلى المبالغات الميلودرامية بفجاجة فينجح ثم يقدم أبطالا من الحياة العشوائية فيزداد نجاحه.. ويقامر بعمل فيلم استعراضى عالى التكلفة ليخسر مكاسبه فإذا به ينجح أكثر وأكثر حتى يصبح الزفر وأفلامه من ملوك السوق فى الإنتاج السينمائى. والعرض الثانى يتناول بذكاء وحرفية عالية قضية إفساد الذوق وتجرؤ الجهلاء على التصدى للفنون وصنع أجيال مسطحة غير واعية بأى شيء.. ولعل أخطر العلامات السلبية على مشروع أمين وشركاه هو عدم الاهتمام بكتابة أسماء فريق المبدعين من مؤلفين ومخرجين وممثلين وديكور وملابس... فالمسرح بخلاف البرامج لا يمكن أن يكون عرض الشخص الواحد.. ومهما كان البطل نجما متألقا من نجوم الشباك إلا أن خشبة المسرح لا تعترف إلا بالتعاون والمجهود الجماعى.