رغم أنها لا تبعد عن ديوان القاهرة سوى عدة كيلو مترات، ورغم وقوعها على طريق صلاح سالم، فإن الحياة التى يعيشها السكان أقل ما يقال عنها أنها غير إنسانية، وخيرا فعلت الأجهزة التنفيذية بحى الخليفة عندما نزلت إلى المنطقة وقامت بحصر السكان لتسليمهم مساكن بديلة بحى الأسمرات، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهيه السفن، حيث تم نقل نحو 70 فقط من 280 أسرة هى جملة السكان بالمنطقة. بحسب كلام السكان تاركة الباقين للمجهول، فلا مياه صالحة للشرب ولا يوجد صرف صحى وانقطاع دائم للكهرباء، وزاد الطين بلة ارتفاع المياه ببحيرة عين الصيرة، وهو ما ترتب عليه غرق معظم المنازل، وصار السكان بين مطرقة الطرد لإخلاء المنطقة، وسندان التلوث والأمراض التى تحاصرهم… «الأهرام» التقت سكان «عين الحياة» فماذا قالوا... سميحة رشدى (60 سنة) قالت: أعيش فى هذه المنطقة منذ ما يزيد على 20 سنة فى منزل خشبى، وكبر أولادى وتزوج اثنان منهم بجوارى، حتى بدأت المياه ترتفع رويدا رويدا ببحيرة عين الصيرة، مما أدى لتساقط جوانب المنزل وغرق أرضياته، وفى 2017 جاءنا موظفو حى الخليفة، وقاموا بعمل حصر للسكان بالمنطقة تمهيدا لإخلائها ضمن مشروع تطوير المناطق العشوائية، وبالفعل بعد فترة بدوا يرسلون خطابات لنحو 70 أسرة، وبعضهم لم يكونوا مستحقين، ومن وقتها كل عدة أشهر يطالبوننا بإخلاء منازلنا، ولا ندرى أين نذهب دون أن يسلمونا البديل، مضيفة أن زوجها مات وتم دفنه بمقبرة بجوار المنزل. فايزة عبد المعطى 48 سنة تقول: أعيش فى هذا المكان منذ زمن طويل حتى توفى زوجى تاركا لى 3 أبناء، منهم اثنان مصابان بعدة أمراض ويحتاجان علاجا دوريا، والحى يطالبنا بإخلاء المكان ولا أدرى ماذا أفعل أنا وأطفالى. وكذلك كريمة شعبان معها 3 أسر، فوجئت بأن الحى يريد تسليمهم جميعا شقة واحدة، وطالبهم بالتوقيع على التسلم، وتتساءل: كيف يعيش نحو 13 فردا من 3 أسر فى شقة واحدة، وهذا الأمر تكرر مع عدد آخر من الأسر الذين يطالبونهم بتسلم شقق مشتركة. وتضيف نبيلة كامل وعمر محمود حامد، أن هناك منازل تهدمت بسبب المياه الجوفية، خصوصا أن معظمها بدائى، ولذلك أدت الرطوبة ورشح المياه إلى تآكل المبانى، وقام أصحابها بإخلائها إجباريا، ووعدوه بتسلم وحدته، وبعد أن قام ببيع متاعه لم يتسلم، وبات فى الشارع بعد تهدم المكان الذى يعيش فيه، وهناك عدد من المنازل تعرض للسرقة عندما تركها أصحابها للسكن عند ذويهم بسبب ارتفاع المياه بها. الحاجة رتيبة جلال محمود (99 سنة) وابنتها منة أبو العز ومعهم أحفادهم يعيشون داخل منزل مكون من غرفتين وصالة، غمرتهم المياه الجوفية، ورغم أنهم يعيشون فى المنطقة منذ 40 عاما لم يتم تسليمهم أى وحدات سكنية، وأكد لهم المسئولون أنهم غير مستحقين؛ لأن أوراقهم غير كاملة، وبصعوبة شديدة تتكلم الجدة قائلة: إحنا فى مكان دون مرافق وكهرباء، طيب نجيب أوراق منين..الوضع أمام الناس على الطبيعة.. الحياة هنا شبيهة بالموت، لكن الناس كانت راضية وعايشة حتى فوجئنا بقرارات إخلاء المنطقة، فبتنا فى هم ليلا ونهارا ننتظر طردنا فى أى لحظة، وعندما يأتى الليل تهاجمنا أسراب الناموس بسبب المياه التى غمرت المنازل. بلاغ إلى الرقابة مصطفى كامل (موظف) قال: منذ عدة أعوام جاءت لجنة من حى الخليفة وقامت بعمل حصر لجميع الأسر الموجودة تمهيدا لعملية نقل السكان بعد الارتفاع الشديد فى منسوب مياه بحيرة عين الصيرة، ووفقا للمشروعات الخاصة بتطوير المناطق العشوائية، وبالفعل تم حصر الأسر الموجودة وعددها 280 أسرة، وبدأوا بالفعل فى إرسال خطابات لاستكمال الأوراق، وكل من يستكمل أوراقه كان يقوم بإخلاء منزله وهدمه، وأخذ الصور لمسئولى الحى حتى يتم تسليمه الوحدة السكنية، وحدث ذلك مع نحو 50 أسرة تقريبا، كانت منازلهم متفرقة فى جميع المنطقة وليس منطقة واحدة، ورويدا رويدا تم التهاون من قبل المسئولين، حتى إنهم قاموا بتسليم نحو 20 شخصا دون تطبيق الشروط، من إخلاء منازلهم وهدمها، ولذلك بعد فترة باعوا شققهم وعادوا من جديد للمنطقة. أحمد عبدالله: قال تسلمت شقة بحى الاسمرات وبعد 6 أشهر تم سحبها منى بحجة أنى لم أدفع الإيجار، ورغم التزامى بالسداد عجزت عن استرداد الوحدة السكنية، لأعود من جديد أعيش فى منزلنا الذى تحفه المخاطر من كل جانب، ناهيك عن سقوطه فى أى لحظة.