تعيش الإسكندرية هذه الأيام حالة من الحزن والغضب، الحزن على وفاة سيدتين من سيدات المجتمع هما نادية صبور رئيس سابق نادى روتارى صن رايز، ووسام حنفى رئيس نادى روتارى جولدن رايدرز اللتين كانتا ضمن رحلة خيرية لمحافظتى الأقصروأسوان لتطوير بعض القرى ومتابعة تجهيز المستشفى العائم المتخصص فى علاج المرآة والطفل. وبالفعل أنهت السيدتان عملهما الخيرى وعادتا بالقطار الى القاهرة فكان ملك الموت فى انتظارهما قبل ركوب قطار الإسكندرية فقضيا نحبهما فى الحادث المروع الذى نتج عن إصطدام جرار قطار بحائط الصد الخرسانى فى المحطة وراح ضحيته عشرون مواطناً وخمسون مصاباً ، وبالطبع لا أحد يعترض على قضاء الله وقدره ولكن الغضب جاء حينما تبين أن الحادث حدث بسبب استهتار ورعونة سائق الجرار الذى إصطدم بجرار أخر لدى خروجه من المخزن فنزل من كابينته دون اتخاذ إجراءات السلامة ليتشاجر مع زميله، فتحرك الجرار فى مشهد عبثى لينفجر مثل القنبلة الموقوتة وينهى حياة هؤلاء البشر فى غمضة عين … هنا لا يكون للقدر دخل فى الحادثة بل يكون البطل الرئيسى هو الاستهتار واللامبالاة التى أصبحت سمة رئيسية فى الشخصية المصرية فالسائق بدلاً من أن نراه فى البرنامج التليفزيونى نادماً باكياً طالباً العفو والسماح من أسر الضحايا الذين قتلهم برعونته، وجدناه متحدثاً ببلاده بأن ما حدث هو خطأ وارد الحدوث فهو يعلم أن العقاب على جريمته الشنعاء لن يزيد على بضعة أعوام يقضيها فى السجن ليعود بعدها الى حياته وكأن شيئاً لم يكن … ولكن حديث السائق الخالى من الإنسانية والرحمة كان يحوى شيئاً أخر .. كان يشير بأصابع الاتهام الى الفساد والإستهتار الذى تغلغل فى مرافقنا الحيوية وحياتنا اليومية حتى أصبح جزءا لا يتجزأ من يومنا، فالسائق يؤكد أن كل الجرارات معطلة أو تمشى بالكاد وأن القطارات مرشحة لمزيد من الحوادث وأن الحالة فى هذا المرفق الحيوى تزداد سوءاً كل يوم وهذا ما لمسته بنفسى فى الرحلة التى قمت بها الى أسوان بقطار النوم فقد كانت العربات قديمة والحمامات غير أدمية وعربة الطعام قذرة والأسرة مكسورة .. فهل نستفيق ونتحرك بسرعة قبل أن تكون الكارثة المقبلة أكبر وأخطر. لمزيد من مقالات أمل الجيار