ما زال المكان بسيطا ورائعا وقريبا من القلب وما زالت المراكب الخشبية البدائية تتهادى على صفحة المياه وعلى متنها صيادون سُمر أشداء يسحبون شباكهم ويتصايحون فقد كان رزقهم وفيرا.. يتمازحون ويضحكون ويلقون بصيدهم على الشط فيلتقطه صبيانهم ليضعوه فى الطاولات تمهيدا للبدء فى بيع الأسماك بكل أنواعها.. والسردين والبورى بالطبع هما أسياد أسماك بحر المكس فى الإسكندرية. هنا تقف العشش الخشبية البسيطة شاهدة على حياة البشر بطول الطريق إلى بحر المكس.. عشش تضم بين جنباتها أسرا كبيرة تعشق البحر والرمال والحياة، يجلس أصحابها ساعة العصارى يشربون الشاى «المظبوط» فى كوب من الزجاج وهم يستمعون لأغانى أم كلثوم من جهاز راديو عتيق. وعلى الشاطئ ملايين من حبات الرمال الخشنة يمكنها إذا تكلمت أن تحكى ملايين الحكايات عن حياة البشر. وفى قلب المياه، تقف طاحونة المكس جميلة وعتيقة كما كانت تظهر دائما فى الأفلام الأبيض والأسود، وغامضة ومخيفة أحيانا كما بدت فى فيلم « آثار على الرمال». ومازالت الشمس تغطس فى البحر عند الغروب وكأنها تودع أحباءها ثم تعود لتشرق عليهم من جديد صباح اليوم التالى .. إنها الحياة فى « المكس».