حاول مهرجان شرم الشيخ السينمائى جاهدا أن يتلمس خطاه هذا العام فى البحث عن هوية يتفرد بها منذ دورته الماضية، فوجد الملاذ فى السينما الآسيوية بعد تخبط الدورات السابقة، وإن كانت هى الأفضل مقارنة بالدورة الثالثة المقامة حاليا من حيث اختيار الأفلام والندوات ومقرات الضيوف. جاءت الدورة باهتة محملة بالعديد من السلبيات برغم أن مؤسسة «نون» وفرت الإمكانات لرئاسة المهرجان التى لم تكن على قدر المسئولية التى وعدت بها بل اختارت مقر إقامة الضيوف على بعد 30 كيلو مترا من أماكن العروض، أى 60 كيلو مترا ذهابا وعودة وهو أمر لا يعكس الحرص على مشاهدة الأفلام المشاركة وتسبب ذلك فى حرمان عدد كبير من الحضور من مشاهدة الأفلام ضياعا للوقت والجهد والمال. أزمات المهرجان انطلقت قبل أن يبدأ فما حدث خلال حفل الافتتاح كان عنوانا لطريقة إدارة الدورة الثالثة للمهرجان فربما لأول مرة لاتحرص رئاسة مهرجان على عرض فيلم فى يوم افتتاحه فبعد أن تم الإعلان عن الفيلم وحضور صناعة فوجئ الجميع بعدم عرض فيلم «الفريق» وهو ما أدى إلى انسحاب مخرجه الذى غادر المهرجان على خلفية إلغاء الفيلم لنجد إدارة المهرجان تصدر بيانا تبرر فيه توفير قاعة للعرض بمواصفات جيدة واختيار موعد مناسب لعرض الفيلم لضمان الحضور. كل هذا أثر بالسلب على المهرجان الذى يختتم دورته الثالثة يوم الجمعة المقبل، مع الإقرار بوجود بعض حسنات فى الدورة الثالثة التى حملت اسم الفنانة الراحلة سعاد حسني، وكان تكريمها له مذاق خاص، إذ نسب الى محافظ جنوبسيناء خالد فودة قوله انه سيطلق اسم الفنانة الراحلة على أحد الميادين بمدينة شرم الشيخ وتزيينه بتمثال من البرونز لها نحته الفنان عصام درويش. ونقطة ضوء اخرى كانت من خلال التكريمات، إذ تم تكريم الفنان لطفى لبيب الذى اعتبر التكريم بمثابة رسالة شكر وعرفان على ما قدمه للفن عبر مشوار حياته، والفنانة هالة صدقى التى قالت فى أثناء تكريمها إنها استفادت من كل المخرجين الذين عملت معهم وإن موافقتها أو رفضها لأى عمل يتعلق باسم المخرج. كما كرّم المهرجان المخرج التسجيلى على الغزولي، الملقب بشاعر السينما التسجيلية. أما اختيار السينما الآسيوية فقد جاء ليعبر عن هوية المهرجان وهو اختيار موفق، ما دفع النجمة الكبيرة إسعاد يونس الرئيسة الشرفية للمهرجان إلى أن تثمن اختيار السينما الآسيوية. وأشارت إلى أننا بلد إفريقى آسيوي، لذا كان من المهم أن نفتح ذراعنا لاستقبال هذه النوعية من الأفلام، وأن ننفتح على ثقافات العالم المختلفة، وأبرزها الجزء الشرق أوسطى المتعلق بدول شرق آسيا والخليج العربي، مؤكدة أن ذلك يأتى انطلاقا من فكرة أن مصر دولة أفرو آسيوية، نظرا لأن جزءا غاليا منها وهو سيناء يقع فى قارة آسيا، مضيفة أن زمن العولمة الذى نعيشه جعلنا ننفتح على الثقافات جميعا وخاصة ما يتعلق بالدول الآسيوية التى تشهد نهضة فى مجال السينما، إضافة إلى أنه من الضرورى أن يتعرفوا على السينما المصرية. تنوع الأفلام جاءت أفلام المسابقة الرسمية وعددها 12فيلما متنوعة ما بين الاجتماعى والانسانى والعنف الأسرى والمجتمعي، ومن بين هذه الأفلام الفيلم الجنوب إفريقى «الآنسة بايك» الذى يلقى الضوء على العنف الاسرى من خلال الآنسة بايك التى تتعاطف مع طفلة تعانى العنف وتقرر إنقاذها وحمايتها ، والفيلم اليابانى «المسدس» الذى يلقى الضوء على طالب جامعى يعثر على مسدس ملقى على ضفة النهر ويقرر الاحتفاظ به وبعد أن اصبح فى حوزته يبدأ المسدس فى السيطرة عليه ويعطيه قوة أكبر منه ومنحه ثقة كبيرة ليبدأ فى علاقة جنسية مع امرأة قابلها بالمصادفة. هذا الطالب الذى يشعر بانجذاب لزميلته «يوك» فى الجامعة متحمس ومنفعل بسبب حيازته هذا السلاح ولكن كل شيء تحول مع وصول أحد المحققين له وتضييق الخناق عليه، فالأمر ليس بالسهولة التى فى مخيلته. والفيلم الفلبيني «1957» الذى يصور حياة مجموعة من المزارعين فى بيكول يعيشون تحت رحمة دون خوسيه مالك أراضيهم الصارم المستغل، والفيلم الفيتنامي «سونج لانج» الذى يلقى الضوء على حياة شاب يعمل محصلا للديون تحول إلى رجل عصابات بسبب أن والده تركته زوجته وكان ذلك له تأثير كبير عليه. يصور الفيلم مدى تأثير التفكك الأسرى بسبب خيانة الزوجة على الأبناء، والفيلم الإندونيسى «27 خطوة لماي» وتدور أحداثه قبل ثمانى سنوات من بداية زمن الفيلم، إذ تتعرض ماى الفتاة ذات ال 14 عاما إلى اغتصاب جماعى بسببه تتدمر حياة والدها الذى يحمل نفسه المسئولية، فى حين تتأثر ماى وتصاب بصدمة تجعلها تحجب كل الانفعالات وترفض أى اتصال بالعالم الخارجي.