«أتوبيس السبت».. تحد جديد للمتشددين دينيا فى إسرائيل

فى محاولة لمنع انتشار التوجه الحريدى (نسبة إلى الحريديم المتشددين دينياً) الذى يمنع سير المواصلات فى يوم السبت المقدس عند المتدينين فى إسرائيل قررت بلدية مدينة طبريا تسيير خط اتوبيس مجانى يوم السبت فى المدينة لخدمة السكان وهو اليوم الذى لا تتوافر فيه وسائل النقل العامة حيث تتوقف كل الشركات عن تقديم خدماتها فى هذا اليوم إرضاءً لطائفة الحريديم .
وجاءت هذه الخطوة كمبادرة من رئيس مدينة طبريا رون كوبى بالتعاون مع منظمة تدعى « تنوعا « التى تروج لسير النقل العام يوم السبت فى جميع أنحاء إسرائيل ورغم المعارضة الشديدة من جانب مسؤولى الحريديم فى طبريا لهذه الخطوة خاصة حاخامية المدينة التى تعتبر ذلك انتهاكا وتدنيسا ليوم مقدس إلا أن رئيس المدينة رون كوبى أصر على تسيير الخط التزاما بالوعود التى قطعها على نفسه فى أثناء حملته الانتخابية ومن بينها منع انتشار التوجه الحريدى فى طبريا التى شهدت فى الآونة الأخيرة تدفقا كبيرا من اليهود المتشددين دينيا الذين يبحثون عن مدن أرخص للإقامة من القدس وبنى باراك .
ورغم تأكيد كوبى أن خطوة تسيير اتوبيس يوم السبت لا تنبع من صراع دينى بل صراع اجتماعى حتى يتمكن من لا يمتلك سيارة خاصة التنقل بسهولة داخل المدينة إلا أن الواقع يقول عكس ذلك فالقرار الذى أصدرته المحكمة العليا فى إسرائيل بالسماح للمحال التجارية فى مدينة تل أبيب بالعمل يوم السبت أشعل الخلاف بين المتشددين دينيا والعلمانيين هناك وينذر بحدوث مواجهة بينهما، ففى الوقت الذى أشادت فيه بلدية تل ابيب والسياسيون الليبراليون بقرار المحكمة وقالوا إنها خطوة مهمة ضد الإكراه الدينى هاجم مسئولون يهود متشددون القرار وتعهدوا بمحاربته وتجاوزه، و انتقد وزير الداخلية وزعيم حزب شاس الدينى المتطرف أرييه درعى القرار بإعتباره يهدف لتغيير الأوضاع الدينية الراهنة فى اسرائيل واستهانة خطيرة بيوم السبت المقدس وقال إنه سوف يلتقى مع مدافعين آخرين عن السبت من قادة الأحزاب الدينية برئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو للتعبير عن احتجاجهم ، وهو نفس ما ذهب إليه وزير الصحة يعقوب ليتزمان، من حزب يهدوت هاتوراة الدينى المتشدد حيث قال ان القرار يمثل استمرارا للتدخل القانونى الهمجى فيما يخص أمور الدين والشريعة اليهودية .
وقد سعى مسئولو بلدية تل ابيب التى يقطنها غالبية العلمانيين، الى توسيع نطاق الأماكن التى يمكنها العمل خلال السبت وهذا الأمر أدى إلى حدوث صدام حوله بين السياسيين العلمانيين والمتدينين، واثار موجة من التوتر وقد اقترحت بلدية تل ابيب السماح ل 164 محلا تجاريا لا تزيد مساحة الواحد منها على 500 متر العمل يوم السبت . وقد وصلت الامور إلى المحكمة العليا بعد رفض ثلاثة وزراء داخلية اتخاذ قرار حول المسألة وكتبت رئيسة المحكمة العليا أن القرار ينطبق على عدد صغير جدا من أماكن العمل فى تل ابيب ويسمح بالحفاظ على طبيعة السبت الخاصة فى باقى الأماكن وقد رحبت زعيمة حزب ميرتس اليسارى بالقرار كإقرار مهم بحق سكان تل ابيب اتخاذ القرار الذى يناسب طبيعة مدينتهم . ويجرى خلاف حول العمل خلال السبت فى مدينة القدس المحتلة أيضا والتى يقطنها عدد كبير من اليهود المتشددين ومن الصعب ان تجد فيها مطاعم تعمل يوم السبت ، وعلى عكس بلدية تل أبيب والتى تعج بالمارة يوم السبت والمترددين على الأماكن الترفيهية وقد أعلنت بلدية القدس نيتها ملاحقة المتاجر التى تستمر فى العمل خلال السبت فى مركز المدينة، مخالفة لأمر صدر عام 2016 .
والجدل بين العلمانيين والمتدينين فى إسرائيل حول أهمية يوم السبت الدينية يمثل أحد اكثر عوامل التصدع داخل المجتمع الإسرائيلى وقد أثار هذا اليوم المقدس لدى اليهود ويوم العطلة الرسمية فى إسرائيل أكثر من مرة جدلا سياسياً..
والسؤال هنا ماذا يعنى يوم السبت ولماذا الاهتمام بالحفاظ على قدسيته ؟ يوم السبت هو يوم الراحة المقدس عند اليهود وفقاً للمعتقدات الدينية وكما ورد فى أسفار التوراة و فى الكتب المقدسة، ووفقا للديانة اليهودية يحظر القيام بأى عمل يوم السبت حتى طهو الطعام محظور أيضا، كما يحظر تشغيل الأجهزة الكهربائية أو السفر بالسيارات وكذلك يحظر تصنيع أى شىء جديد وحمل أشياء باستثناء الملابس التى يرتديها الشخص .
ورغم هذا التشدد من البعض فإن الحقائق تؤكد أن غالبية اليهود فى إسرائيل ليسوا متدينين فهناك 66 %يصنفون كعلمانيين فى حين أن المتدينين يمثلون 25 %من المجتمع أما المتشددون من طائفة الحريديم أى الأتقياء فنسبتهم لا تزيد على 9 % من المجتمع هناك .
وقد انعكس كل ذلك على الأوضاع السياسية فهناك خلاف سياسى شديد بين ممثلى الأحزاب الدينية من الحريديم فى الكنيست وبين باقى الأحزاب وطوال السنوات الماضية كانت الاحزاب العلمانية تخضع لابتزاز الأحزاب الدينية خاصة عند الدخول معهم فى اتفاقات ائتلافية فيتم الحفاظ على المظاهر الدينية خاصة تعطيل كل شىء يوم السبت وفى مقدمتها المواصلات العامة خضوعا لابتزاز المتشددين رغم ضيق وتبرم باقى المجتمع من هذا التشدد .