ستجرى انتخابات محلية تركية فى مارس 2019م وانتخابات محلية تونسية فى مايو 2019م وأخرى تشريعية ورئاسية فى أكتوبر 2019م، فيما يبدو أنه اختبار مصيرى لآخر حلقات تيار الإسلام السياسى للإبقاء على مشروعه حيًا رغم أمراضه العضال. لا تزال المغامرة المجنونة متواصلة فى هاتين المحطتين المرتبطتين برابط أيديولوجى وبعلاقة المشروع الإقليمى الأممى، الذى أظهرهما مع بعض الاختلافات نتيجة اختلاف موقعهما فى السلطة كما لو كانا نسخة واحدة فى الممارسات والفضائح، بما ينبئ بأن مصيرهما متشابه على يد الشعوب التى اكتشفت الخداع والتضليل ووضح أمامها حقيقة الشعارات الزائفة وحقيقة المشروع الفاشل الذى يقوده هواة محدودو الخبرات تسببوا فى كوارث اقتصادية فى الدولتين. خلال مؤتمر انتخابى ألقى أردوغان اللوم على الأتراك الذين يقفون فى طوابير لشراء الخضراوات بسبب مطالبتهم بتوفيرها بأسعار معقولة، وطالبهم بأن ينظروا قبل أن يتحدثوا عن الباذنجان والطماطم والفلفل الحار كم تكلف رصاصة واحدة، فحروبه فى الداخل والخارج هى الأهم وأطنان المسدسات والرصاصات والمتفجرات التى يهربها للإرهابيين فى ليبيا وسوريا هى الأولى. وفى تونس كما فى تركيا اكتشف الشعبان أن قادة هذا التيار المخادع لا يملكون الخبرة والقدرة على إدارة دولة وتسيير أعمال حكومات وتحسين أوضاع اقتصادية واجتماعية، وبدلًا عن ذلك ينشرون التطرف ويغرسون الكراهية والأحقاد فى العقول والنفوس, وما تم اكتشافه من ممارسات بمدرسة الرقاب بسيدى بوزيد التونسية والتى رعتها وحمتها حركة النهضة الإخوانية لتخريج أجيال من المتطرفين والإرهابيين يطبقه بشكل رسمى أردوغان بتعميم المناهج المتطرفة وأيديولوجيا الخلافة والجهاد فى مدارس وجامعات تركيا. لأن مشروع حركة النهضة وحزب العدالة والتنمية ليس لنهضة تونس ولا لتنمية تركيا، ولأنه يهدف فقط لتمكين الإسلاميين فى السلطة وتنصيب أردوغان زعيمًا للأمتين العربية والإسلامية، فالنتيجة الحتمية هى ما نراه من أزمات اقتصادية وانخفاض فى النمو وتزايد معدلات الفقر والبطالة، مقابل ثروات طائلة يحوزها قادة الإخوان، وهو ما ينطبق على أردوغان صاحب القصور الفخمة والأرصدة الضخمة والطائرات المهيبة وراشد الغنوشى الذى يملك أسطولًا من السيارات الفاخرة وجيشًا من الحرس الشخصى وعقارات بمناطق سياحية وواحات نخيل وأراض شاسعة شمال وجنوب تونس، ذلك الانفصال عن حال وأوضاع المجتمعات المحلية مرده الارتباط بمشروع خارج تونسوتركيا. لا تختلف حركة النهضة التونسية عن غيرها من أفرع الإخوان فى الأساليب والمناهج، وكذلك فى التلون والخداع؛ وكما كون إخوان مصر خلايا سرية مسلحة وتحالفوا مع السلفية الجهادية صنعت النهضة الشيء نفسه حتى رفرفت الرايات السوداء للقاعدة وداعش فى شارع الحبيب بورقيبة أثناء مشاركتها فى السلطة، وكشأن إخوان تركيا ومصر أدخلت حركة الغنوشى تونس متاهات الفوضى والاغتيالات عن طريق جهازها السرى المتهم بحسب محامين تونسيين بقتل الناشطين السياسيين المعارضين لها شكرى بلعيد ومحمد البراهمى، ومواصلة تهديد كل من يعارضها عن طريق تجنيد شباب مسلحين بالأحياء الشعبية لضواحى العاصمة تونس وغيرها بعد رميهم بالزندقة والخروج عن الدين، علاوة على تورطها فى تأسيس شبكات تدريب وتمويل وتسفير آلاف الشباب للقتال ضمن المنظمات الإرهابية فى ليبيا وسوريا والعراق. لن تستمر تلك الكيانات الإخوانية طويلًا حتى وان تمكنت من تزوير الانتخابات أو استمرت لبعض الوقت لاحترافها المناورة وشراء ولاءات بعض السياسيين، لأنها بالأساس لا تمتلك الكفاءات الإدارية والاقتصادية وتعوض ذلك بتبنى مشاريع عقائدية ومذهبية لا تحتمل بزعم قداستها رفاهية المعارضة المحلية، ولا يُسأل عن تكاليفها المادية الطائلة وتأثيرها على الأحوال المعيشية للمواطنين، بينما عموم الناس ينتظرون حلولًا لمشكلاتهم الحياتية وتحسين معاشهم وأحوالهم اليومية. فشل الإسلام السياسى فى تونسوتركيا حتمى وهو من عينة فشل إخوان مصر لأنه مشروع واحد يهتم فقط بتمرير الأجندات الخارجية التخريبية ويحول البلاد التى يستوطنها ويتصدر الحكم فيها إلى مزرعة إخوانية لنهب المال العام والاستحواذ على الثروات وضخها للخليفة المزعوم، ولذا ففى مرحلة أفول المشروع هذه يعانى المركز والفروع من المأزق نفسه، بينما تنجو الدول التى حررت نفسها من هذا العبث. المواطنون الذين يسخر منهم المغامر الميكيافيللى المنتفخ المتكبر لأنهم يطالبون بحقوقهم المشروعة وبالتمتع بثروات بلادهم وبالباذنجان والطماطم والفلفل الحار لن يقبلوا أن يوظفهم الغنوشى وأردوغان كأداة لإضفاء القداسة على فاسدين منتفعين تحت ستار الدين ولتبرير القمع وتصفية المعارضين والفشل الإدارى والاقتصادى والسياسى، ولن يقبلوا مواصلة القيام بدور رعايا عليهم واجبات وليس لهم حقوق، كما ينظر إليهم قادة جماعة الإخوان، ولن يقبلوا بأقل من دولة وحكومات مدنية وطنية تحمى الاستقلال الوطنى وتصون النسيج المجتمعى وتحترم المواطن وتحافظ على الثروات، وعلى الهوية الوطنية وتتقن مهمتها الأساسية فى الحكم، وهى تحقيق التنمية وحل المشكلات الاقتصادية. لمزيد من مقالات هشام النجار