لابد أن نرفع القبعة تحية للسياسة والدبلوماسية المصرية التى يعود إليها الفضل الأكبر فى عقد أول قمة عربية أوروبية تتشرف مصر باستضافتها من أجل بناء تعاون أوروبى عربى مشترك يؤدى إلى تعزيز وتقوية الجهد الدولى فى مكافحة الإرهاب وتيسير حركة التجارة والتعاون الاقتصادى عبر البحر المتوسط وهو ما يمكن اعتباره تحولا استراتيجيا وتكتيكيا تفرضه ضرورات عديدة تستمد جذورها من عمق الإحساس بمخاطر الاستسلام لبعض ما يلوح فى الأفق من مخاوف بشأن احتمال عودة الاستقطاب الدولى وإعادة الحياة للحرب الباردة. وإذا كان انعقاد هذه القمة على أرض مصر بمثابة شهادة نجاح لمصر تدحض كل الادعاءات المكذوبة ضدها طوال السنوات الأخيرة فإن ما اتخذته مصر من إجراءات وترتيبات لتوفير الأجواء الملائمة لنجاح القمة سوف يكون بمثابة رسالة تزيل ما تبقى من التباسات تثيرها بعض المنظمات الأوروبية للتأثير على الضمير الأوروبى بمفردات مغلوطة حول قضايا حقوق الإنسان فى العالم العربى بوجه عام وفى مصر على وجه الخصوص. وفى ظنى أن المسئولية العربية فى هذا المؤتمر مسئولية ضخمة من أجل شرح وإيضاح الطبيعة الذاتية لدول المنطقة وما تتعرض له من تحديات العنف والتطرف والإرهاب وهى تحديات تستوجب نظرة واقعية لمفهوم الديمقراطية وحقوق الإنسان بأكثر من التعاطى معها كشعارات مجردة فوق أرض مليئة بالديناميت مهيأة للانفجار مع أى تراجع فى الأمن يسمح بحرية إشعال أعواد الثقاب والدوس على أزرار القنابل الموقوتة. ولعل أهم ما ينبغى أن تسمعه أوروبا من العرب فى هذه القمة الفريدة والاستثنائية أن مستقبل الأمن والاستقرار على شاطىء المتوسط حيث أوروبا شمالا والعالم العربى جنوبا يتوقف على نتائج المعركة الدائرة الآن فوق الرمال والهضاب والتلال العربية وبالذات فوق أرض سيناء من أجل هزيمة الإرهاب هزيمة شاملة وجذرية واجتثاث ركائزه الفكرية والتسليحية فى آن واحد! خير الكلام: أنت من تحدد قيمة نفسك فلو كانت القيمة بالأوزان لكانت الصخور أغلى من الألماس! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله