لا أشك فى أن حرص الرئيس السيسى على المشاركة فى منتدى «إفريقيا أوروبا» الذى تستضيفه النمسا يعكس عمق الاهتمام المصرى بقضايا القارة السمراء، ويعكس أيضا عمق ثقة القاهرة فى الدور الذى يمكن أن تلعبه أوروبا لصالح دفع عجلة التنمية فى دول الجنوب التى تسعى حثيثا لتعويض سنوات المعاناة التى عاشتها فى الحقبة الاستعمارية. والحقيقة أن التطلع إلى أوروبا يعكس وعيا مصريا بقيمة وأهمية الدور الأوروبى فى عالم اليوم بعد أن أصبحت أوروبا كتلة اقتصادية هائلة قادرة على أن تترجم عوامل ثقلها الاقتصادى فى شكل إرادة سياسية موحدة قادرة على ضبط وترشيد النظام العالمى من خلال إقامة أوسع شبكة للعلاقات المتكافئة بين أوروبا ومختلف دول العالم. ولعل ما يزيد من أهمية حرص الرئيس السيسى على زيارة النمسا فى هذا التوقيت أن مصر مازالت تراهن على دور أوروبى فاعل تجاه منطقة الشرق الأوسط وبما يدعم الجهود الصادقة والمخلصة التى تقودها مصر نيابة عن العالم لدرء خطر الإرهاب والتعامل الواعى الرشيد مع تحديات ومخاطر الهجرة غير الشرعية من دول الجنوب باتجاه أوروبا.. فضلا عن أن مصر تدرك تطابق الرغبة والإرادة بين مصر والمجموعة الأوروبية بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية فى إطار الفهم الصحيح لتناغم المصالح الحيوية والاستراتيجية لأوروبا مع دول الشرق الأوسط التى تتشارك معها فى البحر المتوسط، وتعتبر أقرب المناطق إلى أوروبا «جغرافيا ونفسيا». وما أكثر وأوسع حزمة المصالح المشتركة بين العالم العربى وفى طليعته مصر وبين الدول الأوروبية وبينها النمسا.. المهم هو من يستطيع أن يضع إصبعه على المفاتيح الحقيقية لتنشيط حركة التبادل الاقتصادى وتعميق أرضية التفاهم السياسي.. وهذا فى اعتقادى أحد أهم أهداف النشاط المكثف للرئيس السيسى فى فيينا على هامش مشاركته فى منتدى «إفريقيا وأوروبا». خير الكلام: ليس المهم أن تهرب من التشاؤم.. المهم ألا يهرب منك التفاؤل! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله