تستضيف مدينة شرم الشيخ غدا وعلى مدى يومين ، أول قمة بين الاتحاد الأوروبى وجامعة الدول العربية، وذلك بحضور رؤساء الدول والحكومات الأعضاء فى كل من الاتحاد والجامعة العربية. وسيرأس إجتماعات القمة الرئيس عبدالفتاح السيسى ودونالد تاسك رئيس المجلس الأوروبى الذى سيمثل الجانب الاوروبى بجانب جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية. وبهذه المناسبة أوضح إيفان سوركوش سفير الاتحاد الأوروبى بالقاهرة ل«الأهرام» أن الصلة والتعاون الوثيقين بين الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى وجامعة الدول العربية، يحملان إمكانات لزيادة الاستقرار والرخاء فى المنطقتين، كما أن العمل معا من شأنه دعم التعددية والقواعد المبنية على النظام الدولى. وأضاف سوركوش أن هذه القمة التى تعد الأولى من نوعها، تعد فرصة لقادة الجانبين لمناقشة قدر كبير من الموضوعات والقضايا على رأسها التعددية والتجارة والإستثمار و الهجرة والأمن والوضع فى المنطقة. وصرح سوركوش بأن القمة سترتكز على ثلاثة محاور رئيسية التعاون العربى الأوروبى، التحديات الدولية، والقضايا الإقليمية وفيما يتعلق بالتعاون العربى الأوروبى سيتم التركيز على التجارة والاستثمار والتعليم والتنمية الاجتماعية والتكنولوجية. وبالنسبة للتحديات المشتركة فتتمثل فى التعددية وإتباع نظام مبنى على قواعد وتغير المناخ و أجندة التنمية 2030 والهجرة ومحاربة الإرهاب والتطرف. أما القضايا الإقليمية فسيبحث المشاركون الأوضاع فى اليمن وليبيا وسوريا وعملية السلام فى الشرق الأوسط. وتكتسب القمة أهمية كبيرة لدى الجانبين الأوروبى والعربى، نظرا لما تمثله من التزام وحرص الجانبين على البحث عن كافة الطرق اللازمة لتوطيد الروابط العربية الأوروبية. كما تأتى القمة فى إطار الجهود المبذولة من الجانبين لتحقيق تحالف لمواجهة قضايا خطيرة تهددهما معا.وجاءت فكرة انعقاد القمة فى النمسا، عندما إتخذ الجانب الأوروبى عهدا لتكثيف الحوار مع مصر ودول أخرى فى منطقة أفريقيا الشمالية لمواجهة الهجرة غير المشروعة. وقبل إنعقاد القمة، حضر وزراء خارجية الدول الأعضاء من الجانبين اجتماعا تحضيريا فى الرابع من الشهر الجارى لتحديد أهم النقاط والقضايا التى ستتناولها القمة المرتقبة. وجاءت نتائج اجتماع وزراء الخارجية لتؤكد أن ما تشهده المنطقة العربية يؤثر بالتبعية على الوضع فى المنطقة الاوروبية والعكس صحيح. لذا فهناك مسئولية مشتركة من الجانبين لتوحيد الجهود لإيجاد حلول مشتركة للتحديات المشتركة التى تواجه دول الاتحاد والجامعة العربية . وحرصت فيدريكا موجرينى الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية خلال هذا الإجتماع، على تأكيد أنه تم مناقشة جميع القضايا المشتركة بدءا من قضية تغير المناخ وصولا للقضايا الصعبة التى يواجهها العالم بأكمله اليوم بما فى ذلك الوضع فى منطقة الشرق الأوسط. وحرص الجانبان على تأكيد التزامهما بمواجهة التحديات المشتركة لتحقيق السلام والإستقرار ودعم النمو الاقتصادى والاجتماعى والتكنولوجى. ويرتبط الاتحاد الأوروبى وجامعة الدول العربية بعلاقات وطيدة، وتاريخ من التبادل السياسى والتجارى والثقافى والاقتصادى، و يرجع ذلك للقرب الجغرافى بين الجانبين مما جعل ما يحدث فى منطقة منهما يؤثر بالضرورة على الأخرى. ومن هنا بات هناك هدف مشترك وهو تطوير التعاون بصورة أوثق لتحقيق الآمال المشتركة وصولا لتحقيق السلام والأمن والازدهار فى الجانبين الأوروبى والعربى. ومن هنا تأتى أهمية مبدأ التعددية أو تعدد الأطراف الذى استشعر الجانبان أهمية العمل به لمواجهة تحدياتهما المشتركة . والتعددية هى تحالف عدد من الدول من أجل تحقيق هدف مشترك. فاهتم الجانبان بتعزيز فكرة التعددية ووجود نظام دولى يقوم على أساس القوانين الدولية والعمل من أجل زيادة التعاون مع الاممالمتحدة والاتحاد الإفريقى. وكانت أنجيلا ميركل المستشارة الالمانية قد حذرت خلال إنعقاد مؤتمر الأمن بميونيخ الأخير من انهيار الهيكل السياسى الدولى، مطالبة بالتعددية من أجل مواجهة التحديات الدولية. وقالت إن هيكل النظام السياسى العالمى الذى وضع بعد الحرب العالمية الثانية لا يمكن الغاؤه بصورة كاملة ولكن يمكن تعديله بصورة تسمح للعمل من خلال التعددية أو تعدد الأطراف. وقالت ميركل إنه بالرغم من أن التعددية قد تكون أمرا معقدا، إلا أنها أفضل كثيرا من «البقاء وحيدا فى المنزل» مشيرة إلى عمل كل دولة على حدة لمواجهة التحديات. وكان جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية قد أكد، من قبل خلال تصريحات له أن القمة المرتقبة جزء من دفعة كبيرة لبناء روابط أقرب وأقوى بين الجانب الاوروبى وإفريقيا. وحث يونكر دول الإتحاد الأوروبى على تحقيق تحالف جديد مع أفريقيا لخلق ملايين من فرص العمل بما فى ذلك الوصول لوجود إتفاقية تجارة حرة بين الجانبين. كما جاءت تصريحات العديد من المسئولين بالاتحاد الأوروبى مؤيدة لانعقاد القمة لأهميتها مؤكدين أن الموضوع يتعدى حاليا مجرد مكافحة الهجرة والإتجار بالبشر. وتأمل المفوضية الأوروبية، وهى الذراع التنفيذية للكيان الذى يضم 28 دولة أوروبية، أن تقوم الاستراتيجية التى سيعمل عليها الجانبان الأوروبى والعربى بتوضيح تأثيرها الدولى والمساهمة فى وقف تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط. كما يسعى الاتحاد الأوروبى لدفع التنمية فى منطقة الصحارى الإفريقية لرفع معاناة الفقر على المواطنين هناك نظرا لأن الفقر هو التحدى الأكبر الذى يدفع المهاجرين للمخاطرة بأرواحهم فى عرض البحر فى محاولة منهم للوصول إلى أوروبا، وهو ما يستغله العاملون بالإتجار بالبشر غير مبالين بمئات الأرواح التى تزهق. وكان الاتحاد الاوروبى قد أبرم إتفاقيات تعاون مع كل من تركيا وليبيا حيث تم تدريب خفر السواحل فى الدولتين من قبل الاتحاد الأوروبى لوقف تدفقات المهاجرين. وحقق ذلك نتائج كبيرة بالفعل فى الحد من تلك التدفقات التى بلغت ذروتها عام 2015. إلا أن الاتحاد الأوروبى يسعى لتعاون مماثل مع بقية دول شمال إفريقيا ليتحقق التعاون الأفضل بين دول شمال وجنوب المتوسط لمواجهة تلك الظاهرة.