مصطفى سامى صحفى مخضرم، استمر عمله فى الأهرام أكثر من خمسين عامًا، عمل خلالها مراسلاً للأهرام فى فرنسا ثم فى كندا، وعاصر الفترة المهمة التى ترأس فيها الأستاذ محمد حسنين هيكل المؤسسة، التى امتدت 18 عامًا. وكان سامى من المُتيمين حبًا به، شأن كل جيل الصحفيين الذين عاصروا هذه الفترة الجميلة فى الأهرام. وفى هذا الكتاب «أهرام القرن ال21» يعود مصطفى سامى بذاكرته إلى تلك الفترة من ذلك الزمن الجميل. يقول سامى: هذا الكتاب عن «أهرام القرن الحادى والعشرين» أحاول أن أكشف فيه عن حقائق غابت عن الصحفيين والمثقفين فى أثناء ثورة تحديث «الأهرام»، ونقلها عبر عمليات تطوير استخدمت فيها أحدث التقنيات التى تتناسب مع صحافة القرن الحادى والعشرين. ولأن الأستاذ محمد حسنين هيكل كان له دور بارز فى تلك الإطلالة، فسوف يجده القارئ فى أكثر فصول الكتاب وصفحاته. الأهرام خلال سنوات رئاسة هيكل، التى بدأت فى أغسطس عام 1957 وانتهت فى مارس 1974، تحولت من «أهرام تكلا» إلى «أهرام هيكل»، رغم ذلك احتفظت على الغلاف بالعنوان الأصلي، كما أننى لم أضع نقطة النهاية لصفحات الكتاب بعد أن ترك الأستاذ منصبه وقررت أن أتوقف عام 2005. فى هذا العام دخلت الأهرام مرحلة جديدة بخروج إبراهيم نافع بعد 23 عامًا قضاها رئيسًا لمجلس الإدارة، و26 عامًا رئيسًا للتحرير، وتعد أطول فترة لصحفى مصرى يشغل فيها المنصبين فى تاريخ الصحافة المصرية. يقول المؤلف: الأستاذ هيكل وحكاياته شغلت مساحة كبيرة من الكتاب، لكن موضوع الكتاب، حتى عنوانه، ليس من عندي. هو العنوان الذى أطلقه الأستاذ وهو يزهو فرحًا وفخرًا بالمبنى الذى شيد فى عهده، وكان صاحب الفضل بنفوذه وعلاقاته ومواهبه وثقافته فى بنائه، ومن حقه علينا أن نعترف له بهذا الفضل. «أهرام القرن العشرين» أسسها سليم وبشارة تكلا، لكنها كانت مختلفة عن «أهرام القرن الحادى والعشرين» التى أقامها الأستاذ هيكل. تحولت الأهرام بفضل الأستاذ من أسرة إلى مؤسسة، وليس فى ذلك عيبًا ولكن المؤسسة إذا كانت قد عبرت خطوط الأمان تحت قيادته بقوة شخصية وإدارته الحازمة ورفضه كل أنواع الفساد، واجهت تحديات كثيرة بعد خروجه. كفاءة الأستاذ المهنية وصداقته للزعيم الراحل جمال عبد الناصر منحته مناعة أو حصانة ضد من يحاولون العبث فى الأهرام. الأستاذ هيكل يقول إنه عندما دخل الأهرام فى أغسطس عام 1957 كان متوسط أعمار الصحفيين العاملين بالجريدة 45 عامًا، وجاء بالشباب، فهم فى رأيه الأقدر على الحركة وعلى استعداد للتعلم ويحملون أفكارًا جديدة. لكن الصحفيين القدامى ظلوا فى مواقعهم يواصلون عملهم المعتاد قبل مجىء الأستاذ، لم نشعرهم أننا قادمون لنأخذ عملهم، حيث كنا نراهم كبارًا فى العمر والقامة والتجربة. كانت الأهرام تصدر بانتظام على مدى 82 عامًا قبل أن يتولى هيكل قيادتها، وعندما قامت الثورة كانت منافسة الأهرام فى ذلك الوقت صحيفة «الأخبار» التى صدرت قبل أسابيع من قيام ثورة 1952 عن أخبار اليوم، وصحيفة «المصري» لسان حال حزب الوفد التى كانت تعبر عن طموحات الحزب، لكن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أغلقها عام 1954، وظلت الأهرام الصحيفة السياسية المحافظة التى تعبر عن الطبقة المتوسطة تصدر بانتظام بفضل هؤلاء الصحفيين المناضلين. قضينا نحن الصحفيين الجدد عشر سنوات زملاء للأساتذة القدامى فى مبنى الأهرام القديم فى شارع مظلوم ثم انتقلنا معهم إلى المبنى الجديد فى شارع الجلاء عام 1968 وظلوا يعملون حتى تقاعدهم. رؤساء مصر فى «الأهرام» أدرك قادة وزعماء مصر منذ الأيام الأولى لقيادة ثورة 23 يوليو عام 1952 الدور المهم الذى تلعبه الأهرام فى الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية فى مصر، فالأهرام بما تحمله من تاريخ طويل فى الفكر والتنوير، هى الصحيفة الأقدر تعبيرًا عن روح مصر بما تجسده من صورة حقيقية للوطن، وهى الصحيفة الأكثر انتشارًا فى الوطن العربي، فقام بزيارتها الرؤساء محمد نجيب وجمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات وحسنى مبارك. بعد تسعة أشهر من قيام ثورة يوليو، قام الرئيس محمد نجيب بزيارة الأهرام فى مبناها القديم بباب اللوق، أو «أهرام القرن العشرين»، يوم 12 أبريل عام 1953. حضر الزيارة عدد من ضباط الثورة وكبار السياسيين والأدباء والفنانين، لكن «البكباشي» جمال عبد الناصر غاب عن الزيارة، فلم يكن موجودًا فى القاهرة واعتذر عن تلبية دعوة الأهرام. وكانت زيارة الرئيس جمال عبدالناصر للأهرام يوم 13 فبراير عام 1969 بمثابة عيد آخر للأهرام ولكل الأهراميين، كانت الزيارة غير الرسمية بمبادرة من الرئيس الراحل بعد 16 عامًا من زيارة محمد نجيب وقد رافقه نائبه محمد أنور السادات عضو اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربي. الرئيس عبد الناصر زار المبنى الجديد للأهرام فى شارع الجلاء، الذى هو «إطلالة على القرن الحادى والعشرين»، كما أطلق عليه أستاذنا الراحل محمد حسنين هيكل. يوم الأحد 14 يونيو عام 1976 قام الرئيس أنور السادات بزيارة الأهرام بمناسبة مرور مائة عام على صدور الجريدة، رافقه فى هذه الزيارة حرمه السيدة جيهان السادات، ونائبه محمد حسنى مبارك، ورئيس الوزراء ممدوح سالم، وكان فى استقبالهم يوسف السباعى رئيس مجلس إدارة الأهرام، وعلى حمدى الجمال رئيس التحرير. قام الرئيس حسنى مبارك بأربع زيارات للأهرام، ثلاثة منها كان إبراهيم نافع رئيسًا لمجلس الإدارة ورئيسًا للتحرير، وكانت الزيارة الرابعة فى نوفمبر 2006 بمناسبة الاحتفال الذى أقامته الأهرام بمناسبة مرور 135 عامًا على صدورها، وقد زار مبارك مطابع الأهرام الحديثة التى تقع فى مدينة 6 أكتوبر، وكان فى استقباله صلاح الغمرى رئيس مجلس الإدارة، وأسامة سرايا رئيس التحرير، وعدد من كُتَّاب الأهرام.