يا الله مالنا غيرك يا الله.. صارت عنوانا للثورة السورية, والكلمات الأكثر ترديدا علي ألسنة السوريين خاصة المشردين منهم في مخيم الزعتري بصحراء الأردن حيث ارتفع عدد جرحاهم بمستشفيات اربد وعمان والرمثا التي ازدادت سوءا بسبب محاصرة قوات النظام لهم وصمت المجتمع الدولي والعرب علي عمليات الإبادة التي يتعرضون لها،وصارت سببا آخر لتجويعهم واستفحال المرض فيهم حيث طال التشرد أكثر من20 ألف مواطن بهذا المخيم أغلبهم نساء وأطفال. المكان الذي خصصته الحكومة الأردنية لإستقبال اللاجئين عبارة عن مكان موحش وصحراء جافة تطاردهم فيها الرياح الساخنة ومن ناحية أخري مرتع للعقاب والثعابين وتبعد عن مدينة أربد بنحو17 كم.. والأهرام معهم مأساتهم وسط غبار هذه الصحراء التي لم تمكن صالح الحمودي من التصدي للزواحف القاتلة التي تهاجم أطفالهم كما قال لي: لا أري أمامي بسبب كثرة العواصف الرملية وإنعدام الرؤية تماما فقد هربنا من الموت, بالنيران إلي موت الموت لدغا وعطشا نحن نعيش في طقس سيء لارتفاع درجة الحرارة الشديدة والرياح التي تحمل الغبار فأصابت حدودنا وزادت من ألم المصابين بحساسية الصدر. ويضيف محمد جميل: أصاب الرمد عيون أطفالنا وكأننا هربنا بهم من القصف لنسلمهم للمرض ومعاناة العيش في الصحراء, وسوء الحال المتردي بنا. وهو ماشاهدته الأهرام داخل مخيم الزعتري الذي دخلته خلسة بعد مراوغة السلطات الأردنية لساعات طويلة قضيناها خارج ذلك المخيم ورفضها في آخر الأمر لدخولنا مما إضطرنا الي التسلل للتأكد من كلمات اللاجئين عن سوء حالهم وخصوصا نقص المياه أو بالأحري إنعدامها لساعات النهار الحارة حيث يتم تزويد المخيم بالمياه صباحا ومساء ولاتكفي لساعتين وتمر ساعات الظهيرة عليهم والحلوق جافة لا شربة ماء واحدة.. كانت الكلمات التي أسمعها وكأنها مقدمة لهتاف أكثر من مائتي شاب( بدنا ميه عطشانين.. بدنا ميه الله) وهم يتوجهون الي مكتب مفوضية اللاجئين عند باب المخيم.. حتي أن بعثة الأهرام فشلت في الحصول علي كوب ماء يروي الظمأ إلا من أحد ضباط الدرك الأردنيين. الناشطون السوريون تواصلوا مع ذويهم في دور خدمي عبر جمعية التكافل الأردنية كما يؤكد الشيخ زكريا المسالمة بتقديم ثلاجة مياه كرافان للاسعافات الأولية وتخصيص1900 دينار يوميا لشراء مياه لهم ويتم تزويد المخيم بجرعة ثانية من الماء في المساء من المفوضية ولكنها لاتكفي حاجة هؤلاء اللاجئين إلا لساعتين فقط. وتقول أم علي صياح: اننا نعاني معاناة شديدة من ندرة مياه الشرب لتروي عطش أطفالنا كما أنتشرت الأمراض الجلدية بسبب قلة الاستحمام وعدم النظافة وغسيل الملابس والأواني وأماكن الحمامات بعيدة عن الخيام وسيئة وتضطر النساء للذهاب بعيدا لقضاء حاجاتهن مع إنعدام المياه للنظافة. أما الطعام فلا يكفي حسب روايات كثير من لاجيء مخيم الزعتري والخبز الذي رأيناه جاف عطن وطعام الإفطار عبارة عن قطعة من البسكويت وعلبة عصير وفي الغداء أرز سيء الطبخ مع قطعة دجاج ولايكفي بالطبع. أما القمامة ويشير وليد علي فيتم التخلص منها تستوطنها الحشرات والعقارب والأفاعي وتنطلق منها الروائح الكريهة ويبدو أن أطفالنا قد تعودوا علي الحشرات والعقارب ويرونها أفضل من فزع أصوات قصف المدافع والدبابات والطائرات. أما عن قوة الرياح الحاملة للغبار فإنها تقتلع الخيام كما حدث قبل يومين لتقع أعمدتها علي رأس ملك الدرعي فتصيبها وتكسر ساق ابنها باسل فتذهب الي مستشفي المخيم ورأسها تنزف ليطلب منها الموظف أن تحضر صباح الغد لأنه مفيش طواريء دلوقتي.. وإن كان بعض سكان المخيم قد أشادوا بالخدمة الطبية بالمستشفي. وهو ماأكد عليه أبو صلاح علي الذي قال أفضل مافي المخيم هو المستشفي, ويذكر الدكتور حسن الضاهري مدير المستشفي الميداني أن أكثر من1300 حالة تم عرضها في المستشفي وتلقت مايوجبه حالتها من فحص أو علاج أو أدوية.. ورغم أن العابرين من الحدود الي الأردن فرارا من الموت يتجاوز1000 مواطن يوميا ويصل عند صمت مدافع الأسد عن قصف الحدود الي3000 ويتزايد العدد أحيانا إلي أكثر من300 ألف سوري, إلا أن المفوضية لم تسجل إلا58 ألف بصفة لاجيء وتدفع للمعدمين مساعدات300 دينار لمرة واحدة. ولكن لاشيء غير ذلك. وفي الليل تنخفض درجة الحرارة بشكل كبيرا. والأغطية قليلة جدا لاتكفي اللاجئين أو أطفالهم. وينعدم الأمن في المخيم ليلا لعدم إنارته بشكل جيد مما يمنع النساء من الحركة حتي عند إحتياج أطفالهن استعمال الحمامات. ويقول ياسر الحريري الأوضاع في مخيم الزعتري سيئة جدا وإن كنت لا ألوم الأردن لأنها تفعل ما تستطيع فعله ولكن ألوم الأممالمتحدة وألوم العرب الذين تركونا في هذه الصحراء, ورغم ذلك يتواصل نزوح المصابين الفارين من عنف القصف والدمار لأنهم لايستطيعون دخول المستشفيات السورية للعلاج حتي لايتم القبض عليهم وتعذيبهم وقتلهم وكذلك فالمستشفيات الميدانية التي أقامها الجيش الحر في القري والغابات تفتقر للإمكانيات وتتحرك كثيرا من مكان الي آخر بسبب تعرضها للقصف المستمر. ومن جانبه أكد أندرو هربر ممثل مفوضية اللاجئين أن المفوضية لاتألو جهدا وتحاول تنظيم العمل في المخيم بشكل يتفق مع رغبتها في مساعدة ورعاية اللاجئين وإن لم ينكر سوء الحال.. وعلمت الأهرام من مصادر بالمخيم أن بعض عملاء النظام وسط المخيم ويبتكرون طرقا لإفزاع اللاجئين وربما سرقتهم والتعدي عليهم وهذا الأمر يربك حسابات الأمن الأردني كما صرح أحد المصادر الأمنية مؤكدا منع اللاجئين في المخيم من الخروج خوفا من عمليات تخريب هدد بها النظام السوري, كما حدث قبل يومين من مظاهرات وإفتعال مشاكل.. ولاشك أن النظام السوري قد دس كثيرا من عناصره وعملائه لإثارة البلبلة والخوف وبين اللاجئين والوقيعة بينهم وبين السلطات الأردنية وتم كشف فتاتين إندستا بينهم وقامتا بحرق بعض الخيام وقبلهما حاول شابان سوريا في تدبير عمليات تخريب وتم القبض عليهم واعترفوا.. ومن المتوقع المزيد مما يضع عبئا كبير علي الأمن الأردني وحرجا للحكومة..