تطاردني تدوينة مُموَّلة، أي إعلان مدفوع الأجر، على شبكة التواصل الاجتماعي، فيس بوك، تطالبني فيها منظمة العفو الدولية أمنستي بالانضمام لها: إذا كنت تريد أن تعيش في عالم تحترم فيه حقوقك الإنسانية، فهناك شيء بسيط يمكنك القيام به اليوم: الانضمام إلى حركتنا العالمية ومساعدتنا في النضال من أجل.... ومع التدوينة، توجد وصلة تحيلك إلى الموقع الإلكتروني للمنظمة: فلتصبح عضوًا، انضم إلى العضوية اليوم، مجانا. لا يستغرق الأمر سوى دقيقتين فقط لتصبح عضوًا. طيب، هيا بنا نسمع الكلام.. ونحاول الانضمام، ونضغط على الوصلة وندخل إلى الموقع فربما نجد فيه حاجة حلوة: عندما تحصل على وظيفة في منظمة العفو الدولية، فإنك تعمل من أجل أشخاص تتعرض حقوقهم الإنسانية للاعتداء. وإذا كانت لديك الموهبة والحماسة تجاه حقوق الإنسان، وتريد أن تستخدم مهاراتك وخبراتك من أجل تغيير العالم، فإن لدينا الدور المناسب الذي يمكن أن تضطلع به. طبعًا، كأي مواطن صالح، ستترك كل ما في الصفحة وستذهب فورًا إلى اانظر المنافع«، والتي لو ضغطت عليها ستجدها تحولت إلى مزايا: ا..لمكافأة موظفينا على العمل الرائع الذي يقومون به، نوفر لهم رزمة رواتب ومزايا جذابة وتنافسية في القطاع ذات الصلة في مواقع مكاتبنا كافة. ولضمان اتساق رزم المنافع التي نقدمها عبر جميع مكاتبنا، لدينا إطار لتلك المزايا التي سوف تحصل عليها حسب موقع المكتب الذي تعمل فيه... إلخ. لهفتك على المنافع أو المزايا جعلتك تترك ما قبلها، وما قبلها مباشرة هو انظر القيم،: تتمتع منظمة العفو الدولية بمنظومة قيم ملهمة بشأن كيفية العمل مع بعضنا بعضًا. بعد الجرأة والصرامة والتحدي والاحترام والرشاقة والمساءلة، ستقرأ تحت عنوان: تضارب المصالح: إن صدقية وفعالية المنظمة وأمانتها الدولية تعتمد بشكل كبير على كفاءة وصدقية واستقلال وحيَدة وفعالية أعضائها ومتطوعيها وعلى التصورات العامة لهم. وبهذه الصفة، فإننا نطلب من جميع المرشحين والموظفين أن يأخذوا بعين الاعتبار معيار تضارب المصالح، وذلك وفقًا لتعريف منظمة العفو الدولية: النشاط العام أو غيره من الأنشطة، والانتماء إلى أو دعم أية جماعة أو منظمة، والارتباط الشخصي أو... إلخ. كلام جميل.. وكلام معقول لا نستطيع أن نقول شيئًا عنه، لكنك لو بحثت قليلًا ستجد أن الواقع يقول شيئًا مختلفًا. وتكفي الإشارة مثلًا إلى أن جريدة الاتايمزب كشفت أو فضحت في 17 أغسطس 2015 عن علاقة مسئولة رفيعة ومهمة في المنظمة، منظمة العفو الدولية أو أمنستي، بشبكة دولية سرية تضم تنظيمات متطرفة، بينها جماعة الإخوان!. الجريدة البريطانية كشفت أو فضحت أن ياسمين حسين، مديرة قسم العقيدة وحقوق الإنسان، التي تتقاضى راتبًا قدره 90 ألف إسترليني من المنظمة، كانت على صلة بمنظمة إغاثة، في يوركشاير ببريطانيا، توفر الدعم المادي لحركات إرهابية، وأنها زارت القاهرة في مهمات عمل للمنظمة، قبل 30 يونيو 2013، وعقدت لقاءات خاصة مع قيادي في جماعة الإخوان كان مسئولًا حكوميًا في ذلك الوقت، بل إنها أقامت في منزله وباتت فيه حتى الصباح!. طبقًا لما نشرته جريدة التايمز فإن عاملين بالمنظمة أخطروا الإدارة العليا، في 2012، أن ياسمين حسين، أثناء زيارة عمل إلى مصر، التقت عدلي القزاز، القيادي في جماعة الإخوان، ومستشار وزارة التربية والتعليم وقتها وأقامت وباتت في منزله. وعليه، قامت المنظمة بالتحقيق في الأمر، وكان تبرير اياسمينب هو أنها لم تكن تعرف أن القزاز قيادي في الجماعة.. ووعدت بعدم تكرار ذلك!. ستموت من الضحك أو من الغيظ، حين تعرف أن المنظمة قبلت هذا التبرير، مع أن أي طفل صغير كان يعرف أن عدلي القزاز قيادي مهم في جماعة الإخوان وشريك خيرت الشاطر في عدد من المشروعات، وأن نجله خالد القزاز، كان سكرتيرا لشئون الخارجية لمرسي العياط، مندوب الإخوان في قصر الرئاسة وقتها. أما ابنته منى القزاز، فكانت ولا تزال، هي المتحدثة باسم جماعة الإخوان في بريطانيا. الأكثر من ذلك هو أن السيدة نفسها متزوجة من وائل مصباح، أحد أبرز الإسلاميين في بريطانيا، والذي أدانه القضاء الإماراتي سنة 2013 مع أكثر من 60 إرهابيًا تآمروا على قلب نظام الحكم. كما ثبت أن الاثنين، ياسمين وزوجها، كانا قياديين في جماعة مجتمع الثقة ببرادفورد، التي كانت جزءًا من شبكة أيديولوجية ومالية معقدة تربط أعضاء الإخوان في بريطانيا وأيرلندا بأعضاء الجماعة في الإمارات. ومع أن المنظمة أصدرت تقريرًا يطعن في نزاهة تلك المحاكمة، ووصفت وثائق إدانة المتهمين بأنها مزعومة. ومع أن وائل متزوج من ياسمين منذ 20 سنة، إلا أن المنظمة ادعت عدم معرفتها بوجود علاقة بينهما أو بين ياسمين وجماعة الإخوان!. التدوينة المُمَوّلة، إذن، في حاجة إلى إعادة صياغة لتكون كالتالي: إذا كنت تريد أن تعيش في عالم تُحترم فيه حقوق الإرهابيين، فهناك شيء بسيط يمكنك القيام به اليوم: الانضمام إلى حركتنا العالمية ومساعدتنا في النضال من أجلهم.... فلتصبح عضوًا، انضم إلى العضوية اليوم، وستحصل على راتب ضخم ومزايا جذابة. لا يستغرق الأمر سوى دقيقتين فقط لتصبح مدافعًا عن الإرهابيين وشريكًا لهم في تخريب العالم!. لمزيد من مقالات ماجد حبته