عام 2025 يحمل أعلى استثمارات صينية في قناة السويس.. رئيس الهيئة يكشف التفاصيل    الري عن تنفيذ 327 إزالة لمخالفات على فرع رشيد: موجودة في أراضي طرح النهر ومعظمها مبان سكنية    كييف: أمريكا وأوكرانيا تتفقان على أهم النقاط في خطة السلام التي طرحتها واشنطن    الهلال الأحمر الإماراتي يطلق حملة مساعدات شتوية لدعم 1.8 مليون شخص في 24 دولة    رسميا.. عودة داري وأحمد رضا في قائمة الأهلي لمواجهة الجيش الملكي    محامي ضحايا مدرسة سيدز: المسألة ليست مجرد هوس فردي.. هناك من يديره ويستفيد منه    ضبط 24 طن بنزين وسولار مدعم داخل محطة وقود بالإسكندرية    وزيرة البيئة ومحافظ الفيوم يفتتحان الدورة الثانية من مهرجان الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة    تشيلسي يدخل المواجهة بقوة.. تشكيل ناري بقيادة إستيفاو وإنزو لإسقاط برشلونة    "الوطنية للانتخابات": تلقينا 221 شكوى على مدار يومي التصويت بانتخابات النواب 2025    غدا.. غلق المخرج أسفل كوبرى سيدى جابر بالإسكندرية للقادم من شارع المشير    مراسل إكسترا نيوز: ما رأيناه باللجان عكس حرص المواطنين على الإدلاء بأصواتهم    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    رماد بركان إثيوبيا يشل حركة الطيران في الهند ويتمدّد نحو الصين    محافظ الإسماعيلية يتفقد المقار الانتخابية بمدرستيِّ الشهيد جواد حسني الابتدائية وفاطمة الزهراء الإعدادية    الكرة النسائية.. منتخب الشابات بالأبيض وتونس بالأحمر في بطولة شمال أفريقيا    انتخابات مجلس النواب.. إقبال كثيف على لجان الغربية    محافظ الدقهلية يتفقد جاهزية اللجنة العامة للانتخابات في السنبلاوين    إدريسا جايي: أعتذر عن صفعي زميلي في إيفرتون    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر واليونان    فى حضور 2000 من الجمهور بلندن.. ليلة استثنائية لأعمال عبد الوهاب بصوت فاطمة سعيد    أعمال محمد عبد الوهاب بقيادة علاء عبد السلام فى أوبرا الإسكندرية    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    ما حكم عمل عَضَّامة فى التربة ونقل رفات الموتى إليها؟ أمين الفتوى يجيب    «النقل» تكشف حقيقة نزع ملكيات لتنفيذ مشروع امتداد الخط الأول لمترو الأنفاق    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    استمرار حبس رمضان صبحي حتى 30 ديسمبر للنطق بالحكم    يلا شوت بث مباشر.. الهلال × الشرطة العراقي على تويتر بث مباشر مجانًا دون تشفير أو اشتراك | دوري أبطال آسيا 2025-2026    محامية فضل شاكر ل اليوم السابع: حالة المطرب الصحية جيدة ومعنوياته مرتفعة    الصفدي: الاحتلال سجل 500 خرق لاتفاق وقف النار في غزة.. ولن ننشر قوات بالقطاع    بعد انتهاء ساعة الراحة.. استئناف التصويت بمدينة 15 مايو فى انتخابات النواب    منتخب الكويت يهزم موريتانيا ويتأهل لمجموعة مصر في كأس العرب 2025    تامر هجرس يكشف تفاصيل دوره في فيلم "عائلة دياب ع الباب" مع محمد سعد    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    منح جائزة صلاح القصب للتونسى فاضل الجعايبى فى أيام قرطاج المسرحية    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق دبلومة صحافة الذكاء الاصطناعي    ملحمة انتخابية علي الحدود الشرقية .. شيوخ وقبائل سيناء يقودون الناخبين لصناديق الاقتراع | صور    ضبط 4 أشخاص يستقطبون الرجال عبر تطبيق هاتفي لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالإسكندرية    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    الداخلية تكشف تفاصيل تعطيل شخص حركة المرور    مكتب الإعلام الحكومي يوثق بالأرقام: مؤسسة غزة تورطت في استدراج المُجوّعين إلى مصائد موت    الوفد الثالث من الملحقين الدبلوماسيين يزور ستديوهات ماسبيرو    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    بعثة الزمالك تتوجه لجنوب أفريقيا مساء اليوم استعدادًا لمواجهة كايزر تشيفز    بث مباشر| مؤتمر صحفي ل«الوطنية للانتخابات» لمتابعة انتخابات النواب 2025    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    توافد المواطنين على لجان انتخابات النواب فى مدينة نصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتصار شكلى ل «ماى» وهزيمة فعلية لخطتها
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 01 - 2019

كان الأمر أشبه بمشهد سيريالى آخر من مشاهد البريكست. فبعد يوم طويل من التصويت فى البرلمان البريطانى على عدة تعديلات قانونية كلها مرتبطة بخطة رئيسة الوزراء تيريزا ماى للبريكست، خرجت ماى «منتصرة» شكلياً عندما صوت أكثر من نصف نواب البرلمان لصالح قرار يقضى ب»تمزيق» الاتفاق الذى توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبى بعد نحو عامين من المفاوضات الصعبة، وإجبارها على العودة إلى بروكسل لإعادة التفاوض فيما لم يتبق غير 6 أسابيع على موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
حققت ماى هذا «الانتصار الشكلى « ليس بتوحيد البرلمان خلفها، بل بتوحيد حزب المحافظين الحاكم خلفها، عندما اضطرت للخضوع للمطالب الأكثر راديكالية للجناح المتشدد فى الحزب الذى أصر على فتح اتفاقية الخروج مع بروكسل وإعادة التفاوض على البرتوكول المتعلق بأيرلندا الشمالية. وصوت لإعادة فتح المفاوضات 317 نائباً مقابل رفض 301 نائب أى بأغلبية 16 نائبا فقط. وهى أغلبية ضئيلة لا تدعم موقف ماي، بل تظهر حجم الانقسام داخل البرلمان.
ولا عجب أن يرد الاتحاد الأوروبى بلغة الأبيض والأسود، معلناً رفض إعادة التفاوض على اتفاقية الخروج التى تم التوصل إليها فى نوفمبر الماضى وصدق عليها البرلمان الأوروبى فى ديسمبر الماضي. ولاعادة فتح الاتفاقية للتفاوض لابد من موافقة المفوضية الأوروبية والبرلمان الاوروبى معا وهذا شبه مستحيل. كما أن الانقسامات داخل البرلمان البريطانى ستقنع قادة الاتحاد الأوروبى أكثر من أى وقت مضى ان «شبكة الأمان» يجب أن تظل فى اتفاقية الخروج وأن هذه هى اللحظة الحاسمة التى يجب أن تتزحزح فيها موقف الاتحاد الأوروبي.
يوم الخاسرين
لم يخرج أحد منتصراً من تصويت البرلمان ليلة الثلاثاء بخلاف الجناح المتشدد فى حزب المحافظين أو معسكر «البريكست الخشن» بزعامة النواب جاكوب ريس موج وبوريس جونسون وديفيد ديفيز وآخرين. فهؤلاء نجحوا فى إجبار ماى على الاعتراف ان خطتها لن تُمرر دون تعديلات جوهرية، ما يجعل ماى تعود عملياً للمربع رقم واحد فى مفاوضاتها الشاقة.
وخرجت ماى خاسرة مصداقيتها. فقد ناقضت نفسها وخالفت مواقفها الأولية.
فهى قالت عند التوصل لاتفاقية الخروج فى نوفمبر الماضى إن «هذه أفضل اتفاقية على الطاولة، وهى الاتفاقية الوحيدة على الطاولة». ودافعت عنها مراراً وتكراراً مؤكدة أن الاتحاد الاوروبى «لن يعيد التفاوض حولها»، و»ليس هناك اتفاق دون شبكة الأمان ودون شبكة الأمان ليس هناك اتفاقية».. أما أكبر الخاسرين فكان معسكر «البريكست الناعم» والجناح المناوئ للبريكست، وهم ائتلاف واسع من بعض نواب حزب المحافظين الحاكم وأحزاب المعارضة. فقد خسر هؤلاء تصويتين مهمين بفارق ضئيل. التصويت الأول كان يهدف إلى أخذ زمام المبادرة من الحكومة واعطائها للبرلمان فيما يتعلق بوضع خيارات وبدائل جديدة للبريكست من بينها تصويت شعبى ثان، وتأجيل البريكست، أو تغيير الخطوط الحمراء للحكومة.
والتصويت الثانى الذى خسره انصار البريكست الناعم كان ينص على إلزام الحكومة «قانونياً» باستبعاد سيناريو الخروج من دون اتفاق.
وقد نجحت ماى فى اقناع البرلمان برفض هذين التعديلين بأغلبية ضئيلة بتأكيد أنها ستحاول التفاوض مع الاتحاد الأوروبى خلال الأيام المقبلة، وأن التعديلات المطروحة تقيد يديها وتضعف موقفها وانه فى حال فشلت فى مهمتها لإعادة التفاوض بحلول منتصف فبراير المقبل، سيكون بإمكان البرلمان إعادة النظر فى الخطوات التى يريد اتخاذها والتصويت على ما يريده من بدائل.
وما نجحت فيه ماى عملياً هو «وقف عقارب الساعة» لأسبوعين أمام البرلمان للبحث عن بدائل لخطتها. وهى ستذهب لأوروبا الأسبوع المقبل وليس لديها أى تصورات محددة عن البدائل المقبولة. والخطورة فى هذا السيناريو أنها ستعود بتعديلات، أغلب الظن أنها لن ترضى الجميع، لكن فى هذه الحالة سيكون فبراير على وشك الانتهاء وموعد مارس للخروج من الاتحاد الأوروبى يقترب.
أيضا ضمن الخاسرين حزب العمال الذى يعانى انقساماً داخله حول البريكست تماماً مثل الحزب الحاكم. وأظهر تصويت ليلة الثلاثاء أن فشل زعيم الحزب جيرمى كوربين فى توحيد صفوف الحزب حول موقف من البريكست إدى إلى هزيمة مشروعات القرارات التى دعمها الحزب.
ووسط الجلبة المتعلقة بتصويت البرلمان لصالح إعادة التفاوض على نص اتفاق البريكست، غاب أن غالبية البرلمان صوتت أيضاً لصالح رفض سيناريو الخروج دون اتفاق ما لم يتم التوصل لإتفاق بحلول نهاية مارس المقبل. وهذه هى المرة الأولى التى يصوت فيها البرلمان لصالح رفض سيناريو الخروج دون اتفاق. لكنه قرار معنوى بلا انياب لأنه ليس ملزم قانونياً للحكومة.
طريق صعب
وسيكون أمام بريطانيا أسبوعان شاقان. فالاتحاد الأوروبى أعلن رسمياً رفض إعادة التفاوض على الاتفاق الذى توصل اليه مع ماي. ولم يقدم الاتحاد غير ما سبق وقدمه فى مناسبات سابقة وهو تأكيد أنه مستعد لتعديلات فى الاعلان السياسي، غير الملزم قانونياً. وتقف فرنسا وإسبانيا وإيرلندا الجنوبية بحسم ضد فتح الاتفاقية لإعادة التفاوض. فالرئيس الفرنسى امانويل ماكرون قال إن الاتفاقية «أغلقت ولن يُعاد التفاوض حولها»، فيما قال رئيس ايرلندا الجنوبية ليو فاردكار إن بند «شبكة الأمان» جزء من اتفاقية الخروج ولا بديل له.
لكن وحتى إذا وافق الاتحاد الأوروبى على مفاوضات جديدة حول «شبكة الأمان» فهناك عدة معضلات تحول دون ذلك منها:
أولاً: ضيق الوقت، فأمام ماى أسبوعين فقط للعودة للبرلمان البريطانى بخطة ما. وعملياً من المستحيل التوصل لأى تعديل مقبول أوروبياً خلال الفترة المتبقية.
ثانياً: ماى لم تغير خطوطها الحمراء وبالتالى البدائل محدودة.
ثالثا: لا أحد يعلم كيف ستصوت برلمانات 27 دولة أوروبية على أى تعديلات مقترحة.
الرهان على الوقت والغموض البناء
وما تراهن عليه ماى أمام كل هذه الصعوبات هو الوقت والغموض البناء وهو نفس الأسلوب الذى استخدمته خلال العامين الماضيين. فالقرار الذى صوت عليه البرلمان لفتح اتفاقية الانسحاب لإعادة التفاوض ينص على إزالة شبكة الأمان وايجاد «ترتيبات بديلة» وهى لغة فضفاضة تفتقر لاى تحديد ملزم. فتيريزا ماى «تعيش سياسياً يوما بيوم». فمنذ توصلت للاتفاقية فى نوفمبر الماضى وهى تعلم حجم الرفض لها من الجناح المتشدد من حزبها. وقد استطاعت تجاوز أزمة استقالات عدد من أعضاء حكومتها فى نوفمبر الماضى بالاعلان ان الاتفاق كله سيوضع أمام البرلمان فى ديسمبر للتصويت عليه.
ثم فى ديسمبر اضطرت لتأجيل التصويت عندما أدركت ان الهزيمة ستكون كبيرة. وفى يناير عندما رفض البرلمان خطتها بأغلبية ساحقة حاولت تجاوز الهزيمة بإعلانها انها ستعود بخطة (ب). وعندما عملت أن المتشددين فى حزبها سيرفضون أى خطة جديدة لا تعالج إزالة «شبكة الامان»، أعلنت أنها ستفتح المفاوضات من جديد مع الاتحاد الأوروبى على أن تعود بخطة معدلة فى 13 فبراير المقبل.
وبطريقة ما، تجعل ماى خريطة الطريق اكثر ضبابية بأطروحات مستحيلة، وتغلق الطريق أمام أى خيارات أخري. فلم تتحرك بريطانيا خطوة للأمام أمس. بل عدة خطوات للخلف. فبدلاً من أن يدعم النواب اعطاء البرلمان دورا أكبر فى تحديد البدائل إذا فشلت خطة الحكومة للبريكست أو ان يستبعدوا بشكل قانونى ملزم سيناريو الخروج من على حافة الهاوية أو يصوتوا لصالح تمديد الفقرة 50، لم يحدث أى من هذا. والأسوأ ان تيريزا ماى ستأخذ الاتفاقية التى تفاوضت عليها لنحو عامين وتعود بها للاتحاد الأوروبى طالبة إزالة أهم بروتوكول فيها. أى تعود للمربع الأول فيما يتبقى أقل من شهرين على الخروج. ما يجعل هامش الوقت المتاح للبحث عن بدائل إذا فشل رهانها فى إعادة التفاوض ضعيفا جدا للحكومة وللبرلمان، ما يعنى أن انتصار الحكومة مؤقت وشكلى وخال من المضمون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.