على مدار عقود واجهت جوائز الأوسكار اتهامات بالعنصرية، والتمييز ضد المرأة والملونين وكل ما هو ليس أمريكياً، ويبدو أن القائمين على الأوسكار فى نسختها ال91 هذا العام قرروا التخلص من القيود والخروج عن القواعد المعتادة لتتصدر ثمانية أفلام غير تقليدية قائمة الترشيحات لأفضل فيلم فى خلال العام الحالي. وتكتب أفلام، مثل «روما» للمخرج المكسيكى ألفونسو كوارون و«المفضل» للمخرج اليونانى يورجوس لانثيموس و«الكتاب الأخضر» للأمريكى بيتر فاريلي، التاريخ بتصدرها قوائم الترشيحات فى أهم الفئات. فقد حظى كل من «روما» و«المفضل» على عشر ترشيحات، فى حين حصل «الكتاب الأخضر» على خمسة ترشيحات، إلى جانب «فايس» على 8 ترشيحات و«بلاككلانسمان» على 6 ترشيحات، ليأتى بعدهم فيلم «بوهيميان رابسودي» للنجم الأمريكى من أصل مصرى رامى مالك، و«ميلاد نجمة» و«بينك بانثر». وفى ظل الأزمة السياسية والاقتصادية التى تعيشها الولاياتالمتحدة حاليا، بسبب تمسك الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ببناء جدار على الحدود مع المكسيك لمنع تدفق اللاجئين من أمريكا اللاتينيةإليها، يأتى تصدر فيلم «روما» لجوائز الأوسكار كصرخة احتجاج على سياسة إدارة ترامب المثيرة للجدل. فقد تم ترشيح الفيلم لعشر جوائز أهمها، فئات أحسن فيلم وأحسن فيلم أجنبى وأحسن ممثلة وأحسن إخراج. ليصبح بذلك أول فيلم أجنبى فى تاريخ الأوسكار يتم ترشيحه لفئة أحسن فيلم، بل وأحسن فيلم أجنبى فى نفس الوقت. مشهد من فيلم روما وعلى الرغم من أنه إنتاج مكسيكى إلا أن مشاركة قناة رقمية أمريكية بارزة فى إنتاجه وتوزيعه، أثار الكثير من الجدل حوله، خاصة أنه عرض على منصتها فى ديسمبر الماضي. ليصبح بذلك ترشيح «روما» لأحسن فيلم سابقة فى تاريخ أهم جائزة سينمائية فى هوليوود والعالم ككل. بغض النظر عن رفض بعض دور السينما التى اعتادت عرض أفلام الأوسكار لعرض هذا الفيلم تحديدا بسبب مشاركة هذه القناة الإلكترونية فى الإنتاج والتوزيع. ويعتبر «روما» بمثابة سيرة ذاتية للمخرج المكسيكى الشهير صاحب أفلام «جاذبية» و«أبناء رجال»، إذا يتحدث الفيلم باللغة الأسبانية، وتدور الأحداث فى أحد ضواحى العاصمة المكسيكيةمكسيكو سيتى ، فى السبعينيات من القرن الماضي، حول الخادمة «كلوي» التى تعمل فى منزل «صوفيا» وهى سيدة من الطبقة المتوسطة تعانى مشكلات مع زوجها الطبيب ولديها ثلاثة أطفال. ويستعرض الفيلم الأزمة التى تمر بها الخادمة عندما تتورط فى علاقة عاطفية مع رجل لا يرغب فى الاعتراف بحملها منه، ومن ثم تتطرق القصة إلى الأزمة التى تعانيها سيدة المنزل مع زوجها، وكيف تتكاتف وخادمتها معا فى مواجهة مصاعب الحياة. والطريف أن روما يعتبر أول تجربة فى التمثيل لبطلة الفيلم المكسيكية ياليتزا آباريسيو، التى أدت دور الخادمة، حيث عملت من قبل فى مجال التعليم ولم يكن لديها خبرة سابقة فى المجال الفني. ولا يقل فيلم «المفضل» لليونانى يورجوس لانثيموس أهمية عن «روما» فالريادة فى هذا الفيلم كانت للمرأة أيضا، حتى وإن كانت فى عصور تاريخية سابقة. فللمرة الأولى يركز فيلم على الصراع النسائى البحت، بدون وجود عنصر رجالى رئيسي، على السلطة والنفوذ. ليحظى هو الآخر بعشر ترشيحات فى فئات مختلفة ومهمة. أما فيلم «الكتاب الأخضر» للمخرج الأمريكى بيتر فاريلى فيركز على قضية العنصرية فى حقبة الستينيات من القرن الماضي، حيث كانت العنصرية ضد السود تفتك بالمجتمع الأمريكى وهو الداء الذى لاتزال أمريكا تعانى منه. والفيلم يدور حول عازف بيانو عالمى أمريكى من أصول إفريقية، واستعانته بسائق من أصول إيطالية خلال جولة فنية وما يواجهانه من عنصرية خلال رحلتهما معا. أهم ما يميز أفلام الأوسكار خلال العام الحالى هو أنها تلمس الواقع السياسى والاجتماعى الأمريكي، وتحاول الرد على اتهامات العنصرية التى واجهتها خلال الأعوام الماضية. ولكن هل يستطيع فيلم مثل «روما» أن يخترق خطوط الأوسكار الحمراء ويفوز بنصيب الأسد، ليغير مسار أبرز جائزة سينمائية، ويرفع سقف طموحات صناعها حول العالم؟.