هل ينطوى قرار منظمة اليونسكو الدولية إدراج مدينتى هيديبى ودانيفيك الألمانيتين ضمن مواقع التراث العالمى, قبل أيام، على احتفاء بشعب الفايكنج الذى قطنهما, أم يهدف فقط إلى المحافظة على مناطق ذات أهمية تاريخية كبيرة فى هاتين المدينتين؟ فقد أثار قرار إدراج المدينتين أسئلة ممزوجة باستياء لدى بعض من يعرفون تاريخ شمال أوروبا فى العصور الوسطى، وحروب الفايكنج الذين قطنوا تلك المنطقة التى تشتمل، وفقاً للتقسيم الجغرافى الحالى، الأجزاء الشمالية فى ألمانيا، والدول الإسكندنافية. ويرجع هذا الاستياء إلى أن الفايكنج ارتكبوا ما يعتبرها المستاءون جرائم مهولة خلال حروب شنوها فى أوروبا، وتخللتها هجمات ضارية اتسمت بقسوة شديدة، وأحدثت خسائر بشرية ومادية واسعة. صحيح أن الفايكنج كانوا قساة فى حروبهم التى كانت مدفوعة بعوامل اقتصادية ودينية، مثلها فى ذلك مثل معظم معارك تلك المرحلة التى امتدت بين القرنين الثامن والحادى عشر. وفضلاً عن رغبة الفايكنج فى تغيير قواعد التجارة فى أوروبا ومنطقة البحر المتوسط، وتحقيق منافع والحصول على غنائم، كانت خلفيتهم الوثنية دافعاً لتركيز هجماتهم ضد المسيحيين حيث دمروا الكثير من كنائسهم وأديرتهم، وقتلوا عددا غير قليل من القسيسين والرهبان. ولكن لا ننسى أنهم كانوا، فى الوقت نفسه، متقدمين على غيرهم فى مجالات حقق بعضها لهم تفوقاً، مثل صناعة السفن والأسلحة والمجوهرات. كما تميزوا بتقاليد ثقافية فريدة فى ذلك العصر، سواء فى عقيدتهم التى كانت غريبة لكنها ثرية بأساطيرها وطقوسها، أو فى تقاليدهم الشعبية التى ارتبطت بسعيهم إلى تسجيل تاريخهم وقصص قادتهم وما اعتبروه بطولات رأوا ضرورة تخليدها، وعاداتهم وأنماط حياتهم. ولذلك يشمل الاحتفاء المتضمن فى قرار اليونسكو هؤلاء البشر الذين عاشوا فى المدينتين لأنهم أصحاب التراث الثقافى الموجود فى أماكن قطنوها فى كل منهما، سواء مستوطناتهم التى بنوها، أوالمنقوشات الحجرية التى دونوا جانباً من حياتهم وتقاليدهم فيها بلغة خاصة بهم يُعتقد أنها ذات صلة بالأبجدية الجرمانية القديمة. وهذا تراث ثرى أسهمت أعمال فنية أُنتجت فى العقود الأربعة الأخيرة فى إثارة الاهتمام به, وبتاريخ الفايكنج فى آن معاً. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد