علماء الدين: أفراد الجيش والشرطة على ثغور الإسلام.. ومساندتهم واجبة الأمن من أجل النعم التى أنعم الله بها على بنى البشر، فلا يقوم مجتمع أو وطن بلا أمن وأمان، وذلك لأن الله خلق الإنسان على محبة الطمأنينة فى جميع أموره، بدءا من أدائه العبادات، وانتهاء بعيشه فى مجتمع آمن، وبغير الأمن لا يهنأ له بال، ولا يستطيع العمل والإنتاج والتقدم والازدهار. فحينما أراد سيدنا إبراهيم عليه السلام الدعاء لمكة وأهلها قال «.. رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ..» فقدم طلب الأمن على الطعام والرزق، وما ذلك إلا لأهميته فى حياة الإنسان.
ولعل ما مرت به كثير من الدول إبان ثورات الربيع العربي، يؤكد أهمية هذه النعمة الكبيرة، وفضل القائمين على تحقيقها، فما يقوم به رجال الشرطة من جهد فى حفظ وتحقيق الأمن هو رسالة سامية أعلاها الله عز وجل، فالأمن لا يتحقق إلا من خلال رجال أوفياء أشداء آمنوا برسالتهم، ودافعوا عنها بكل غال ونفيس، وعاهدوا أنفسهم على التضحية بأرواحهم الطاهرة ونفوسهم الزكية من أجل الدفاع عن الأرض والعرض والنفس، فأعلى المولى عز وجل من قدرهم، تكريما لهم، وخص الشهداء منهم بمنزلة سامية، فاستحقوا أن يكون لهم يوم عيد بيننا يكرمون فيه، تقديرا لدورهم، وتضحياتهم الغالية. ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن قوات الشرطة بكل أجهزتها تتحمل بكل أمانة حماية الجبهة الداخلية للبلاد بكل وطنية وشرف فى تحقيق الأمن والأمان للناس وحماية الممتلكات الخاصة والعامة، وفى الوقت ذاته مواجهة المجرمين والخارجين على القانون، والقضاء على جماعات الإرهاب والتطرف التى تسعى لنشر الخراب والدمار فى كل مكان، موضحا أن التحية واجبة لرجال الشرطة البواسل الذين يسهرون على حفظ أمن واستقرار الوطن فى مواجهة الجريمة بكل أنواعها، ولشهداء الواجب الوطنى الذين دفعوا أرواحهم ثمنا لحماية تراب وطننا الغالى مصر. وطالب رجال الشرطة وجميع المؤسسات الأمنية بأن يكونوا على قدر المسئولية دائما فى أداء رسالتهم، انتظارا للجزاء الأعظم الذى ينتظرهم يوم القيامة، فهم على ثغر من ثغور الإسلام، كما طالب جميع أفراد الشعب بمساندة الجهود والتضحيات الكبيرة التى يقدمها إخوانهم من رجال الشرطة بالتنسيق مع أبطال القوات المسلحة البواسل فى حروبهم المستمرة ضد الجماعات والتنظيمات الإرهابية التى تسعى لنشر الفوضى والدمار، وفى الوقت ذاته يجب الاهتمام والعمل على رعاية أسر شهداء الشرطة والجيش، رعاية كاملة سواء من الدولة أو أفراد المجتمع، باعتبار ذلك مسئولية واجبة على الجميع، حتى تستطيع تلك الأسر مواصلة رسالتها فى الحياة. منزلة سامية وفى سياق متصل، يقول الدكتور عطية مصطفى أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية الدعوة بالمنوفية، إن مسئولية قوات الشرطة والجيش فى حفظ وتحقيق الأمن بالبلاد هى رسالة سامية، فالشرطة تعمل على تحقيق الأمن الداخلى للأفراد والمؤسسات، أما رجال القوات المسلحة فدورهم تأمين الجبهة الخارجية للبلاد والحفاظ عليها، وكثيرا ما تتضافر الجهود المشتركة بين الاثنين معا (الجيش والشرطة) للتصدى للعناصر الإجرامية والإرهابية. وقد جعل الإسلام من يقتل فى سبيل الله تعالى دفاعا عن الأوطان من أعلى رتب الشهداء، أما القتلة والمجرمون فينتظرهم العذاب الأليم فى الآخرة، لأنهم من المعتدين المفسدين فى الأرض. وأكد أن مصر عصية صعبة المنال على المتربصين بها بفضل الله تعالى وحفظه أولا، ثم بفضل حماة هذا الوطن الشرفاء، موضحا أن أجر الجندى الذى يرابط ويدافع عن الوطن عظيم، لأنه ينطبق عليه وصف الرباط، والذى بشره الرسول صلى الله عليه وسلم بأن هذا العمل من أعمال أهل الجنة الذين لا تمسهم النار. نعمة الأمن ويذكرنا الشيخ أسامة قابيل من علماء الأزهر الشريف، بالواقعة التى تم فيها تخصيص يوم لعيد الشرطة، قائلا: ما أجمل أن نتحدث عن الأمن ونحن نحتفل بذكرى عيد الشرطة المصرية صاحبة التاريخ المشرف على مدى سنوات طوال، فعيد الشرطة يعد تخليدا لذكرى موقعة الإسماعيلية التى راح ضحيتها خمسون شهيدا وثمانون جريحا من رجال الشرطة على يد الاحتلال الإنجليزى فى 25 يناير عام 1952 بعد أن رفض رجال الشرطة تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى المحافظة للاحتلال الإنجليزي، ومنذ ذلك العهد ورجال الأمن والشرطة يدافعون عن وطنهم، وقد تشكلت تلك المبادئ العظيمة لديهم، وكانت نابعة من فيض ومبادئ وأسس ديننا الإسلامى الحنيف، حيث بين الإسلام فضل ومكانة الأمن ورجاله فى آيات ومشاهد عديدة، فقد طلبه خليل الله إبراهيم عليه السلام، قال الله تعالى «رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر»، وهذا يؤكد مدى استشعار أنبياء الله لتلك النعمة العظيمة وأهميتها فى حياة البشر، وقوله تعالى «فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِى أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ»، فبغير الأمن لا يستساغ طعام، ولا يهنأ عيش، ولا ينعم أحد براحة، وهذا بلا شك يؤكد أن الأمن مطلب عزيز، وكنز ثمين، فهو قوام الحياة كلها، وأساس الحضارة أجمعها، تتطلع إليه المجتمعات، وتتسابق لتحقيقه السلطات، وتسخر له الإمكانات، وتستهدف من أجله الطاقات. وأشار إلى أن لرجال الأمن دورا عظيما لا ينكره أحد، ففى ظل وجودهم تحفظ النفوس، وتصان الأعراض والأموال، وتؤمن السبل، وتقام الحدود، ويسود العمران، وتنمو الثروات، وتتوافر الخيرات، ويكثر الحرث والنسل، وفى ظله تقوم الدعوة إلى الله، وتعمر المساجد، وتقام الجمع والجماعات، ويسود الشرع، وينتشر المعروف ويقل المنكر، أما لو انفرط عقد الأمن ساعة لا قدر الله لرأينا كيف تعم الفوضي، وتتعطل المصالح، ويكثر الهرج والقتل، فإذا اختل الأمن حكم اللصوص، وقطاع الطرق، وسادت شريعة الغاب، وعمت الفوضى وهلك الناس، وقد سأل أناس أحد الحكماء قائلين له: أين نجد السرور؟ فقال لهم: تجدوه فى الأمن، فإننى وجدت الخائف لا عيش له. واشار إلى أن الإسلام أقر هذا الدور العظيم والجهد الكبير الذى يبذله رجال الأمن من خلال نصوص عديدة، فعن سَلَمَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِحْصَنٍ الخَطْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِى سِرْبِهِ، مُعَافًى فِى جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» رواه البخاري، وهذا الحديثٌ النبوى الشريف يبين أن من كانت عنده هذه الأمور الأربعة من الأمن فى المسكن والمعافاة من الآفات والأمراض، وعنده طعام يكفيه «فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا»، واجتمعت له النعم والمتطلبات، وتمكن من الانتفاع بها، فهذه نعمة عظيمة وعلينا أن نشكر اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- بأن نستعمل هذه النعم فى طاعة الله. وأوضح أن ما أغلى حياة الإنسان لديه، وحين نجد أناسا يقدمون أرواحهم الزكية فداء لهذا الوطن، ويواجهون الشدائد والأخطار من أجل حماية الأرواح والأنفس فهم بذلك يستحقون رضا الله عليهم فى الدنيا، أما من فاضت روحه منهم فى سبيل الله فلهم أفضل مكانة عند ربهم يوم القيامة فهم شهداء عند الله وأحياء عند ربهم يرزقون، وكفى هؤلاء الساهون على حماية الوطن شرفا ما بشر به النبى صلى الله عليه وسلم حينما قال فيما روى عن عبد الله بن عباس رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِى سَبِيلِ الله».