اندهشت عندما قرأت فى الصحف عن عدد القتلى من الصحفيين فى 2018 نقلا عن تقديرات الاتحاد الدولى للصحفيين الذى أعلن أن عدد الصحفيين الذين قتلوا فى العام الماضى ارتفع إلى 94 قتيلا، مقارنة ب 82 قتيلا عام 2017. لم أندهش لنشر بيان الاتحاد الدولى للصحفيين ولا أرقامه ولكن مبعث اندهاشى هو الفجوة ما بين تقديرات الاتحاد وبيان حملة الشارة الدولية للدفاع عن الصحفيين ومقرها جنيف التى أعلنت الرقم بأنه 116 قتيلا فى 31 دولة بزيادة 17 بالمائة عن 2017. وقالت الحملة فى بيانها إن الصحفيين قد دفعوا ثمنا باهظا فى ثلاث دول بمقتل 17 فى أفغانستان و 16 فى المكسيك و 11 فى سوريا. ونجد أن الفارق ما بين رصد الحملة وتقديرات الاتحاد بفارق 20 صحفيا رقم لا يستهان به ويتطلب من الباحثين دراسة هذه الأرقام. ولمن لا يعرف الحملة الدولية، فقد بدأت فى جنيف فى يونيو 2004 من مجموعة من الصحفيين فى دائرة الأممالمتحدة هناك ومهتمين بما يحدث للصحفيين فى كل أنحاء العالم وبصفة خاصة فى مناطق النزاعات والحروب الداخلية. وتقدمت الحملة إلى مجتمع الصحفيين الدولى بمشروع معاهدة دولية لحماية الصحفيين لاقى الاستحسان من معظم النقابات والتجمعات الصحفية فى الدول النامية ودعمت حملتها بهم. وبعد 15 سنة من ميلادها بدأت الآمال تتبلور حول هذه المعاهدة باتجاه الاتحاد الدولى إلى تأييدها، لأنه من المتفق عليه أن الاتحاد الدولى يمثل صحفيى العالم. ما علينا.. ألقى نظرة سريعة على التقرير السنوى لحملة الشارة الذى نشر ونقل بلغات متعددة إلى العالم. فالتقرير مفيد لمن يهمه تتبع حالة الصحفيين فى كل أنحاء العالم. قال التقرير السنوى إن اليمن يأتى بعد الدول الثلاث، أى افغانستانوالمكسيكوسوريا، بمقتل 9 صحفيين ، ثم الهند بمقتل 8 صحفيين. جاءت فى المرتبة السادسة الولاياتالمتحدةالأمريكية بمقتل 6 صحفيين فى مأساة صحيفة كابيتول جازيت فى يونيو الماضى. ثم جاءت البرازيل وباكستان والفلبين وكولومبيا بعد ذلك بمقتل 4 صحفيين فى كل منها، وقتل 3 صحفيين فى كل من جمهورية افريقيا الوسطى (3 صحفيين روس)، وإكوادور، وروسيا، والصومال. وقتل صحفيان فى جواتيمالا و2 آخران بواسطة إسرائيل فى غزة. كما قتل صحفى واحد فى كل من فرنسا وبنجلاديش وبلغاريا وإثيوبيا وألمانيا وهاييتى وإندونيسيا والعراق وليبيريا وليبيا ونيكاراجوا والسلفادور والمملكة العربية السعودية: مقتل الراحل جمال خاشقجى فى القنصلية السعودية بإسطنبول، وسلوفاكيا وأوكرانيا. بالمقارنة بالأعوام الماضية قتل هذا العام 6 صحفيات وفى 2017 قتلت 16 صحفية، وفى 2016 قتلت 5 صحفيات. وشهد العراق انخفاضا فى عدد الصحفيين الذين قتلوا هذا العام، قتل صحفى واحد بالمقارنة ب 9 صحفيين فى 2017. وشهدت أفغانستان أكبر زيادة من 8 فى 2017 إلى 17 فى 2018. وقتل ثلثا الصحفيين فى مناطق النزاع بما فى ذلك المكسيك، وثلث العدد فى دول تنعم بالسلام. شهدت قارة آسيا أكثر عدد من القتلي: 36، ثم أمريكا اللاتينية 33، ثم الشرق الأوسط 24، ثم إفريقيا 8، وأوروبا 8 وأمريكا الشمالية 7. فى خلال عقد من الزمان من 2009 إلى 2018 وصل عدد القتلى من الصحفيين والعاملين فى هذا المجال إلى 1222 بمعدل أكثر من 122 سنويا وأكثر من 2 3 أسبوعيا. وأعلنت حملة الشارة الدولية أنها تدين بشدة كل هذه الهجمات وتطالب السلطات بتقديم مرتكبيها إلى العدالة، فيجب ألا يكون هناك إفلات من العقاب. وصرح سكرتير عام الحملة بليز ليمبان بأننا فى حاجة إلى خفض عدد القتلى من الصحفيين بنحو 50 بالمائة. وتطالب حملة الشارة اليونسكو والمجلس الأوروبى باتخاذ هذا الهدف هدفا لهما ،كما تشير إلى سعادتها بتدعيم قبول فكرة المعاهدة الدولية لحماية الصحفيين من قبل المنظمات الصحفية الدولية. وأوضحت حملة الشارة أن أرقامها أعلى من منظمات أخرى لأنها تشمل كل الضحايا من الصحفيين المستهدف منهم وغيرهم لأنه من الصعب إثبات أن القتل مرتبط أو غير مرتبط بالعمل الصحفى. اتصالا بما علينا.... علينا أن نجد دولة تتحمس لبدء أعمال مؤتمر دولى لمناقشة مشروع المعاهدة الدولية لحماية الصحفيين.. وبطبيعة الحال أتمنى أن تأتى بلدى مصر فى مقدمة الدول التى تدعو لهذا المؤتمر الدولى.. وطبقا لمشروع المعاهدة الذى طرحته الحملة فإن المعاهدة تتطلب اعتماد 3 دول لها لكى تصبح سارية المفعول. فهل تشهد 2019 ميلاد المعاهدة الدولية؟ لمزيد من مقالات هدايت عبدالنبى