وزير الاتصالات يؤكد أهمية التعاون مع الأردن بمجالات التحول الرقمي والكابلات البحرية    دعم منصة سلفة في السعودية يصل إلى 25،000 ريال سعودي.. تعرف على الشروط المطلوبة    «الخارجية الأمريكية»: لا نود أن نرى عملية عسكرية في رفح الفلسطينية    محمود مسلم: الموقف في غزة صعب.. وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته    كوارث خلفتها الأمطار الغزيرة بكينيا ووفاة 238 شخصا في أسبوعين.. ماذا حدث؟    شاب من شبرا الخيمة يفوز بالمركز الثالث في الترانيم ضمن مسابقة «إبداع»    القبض على تاجري مخدرات متهمين بغسيل 40 مليون جنيه في قنا    وزيرة الثقافة تبحث سبل دعم التعاون المشترك مع نظيرها القطري    «هذا ردنا على المهاجمين».. أول تعليق من «تكوين» على حملة الهجوم عليها (خاص)    تعرف على فضل صيام الأيام البيض لشهر ذي القعدة    اسمع واتكلم| توصيات النسخة الثالثة لمبادرة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف    لوكاشينكو: يحاولون عزل دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ولكنها تمضي قدما    وزير التعليم يُناقش رسالة ماجستير عن المواطنة الرقمية في جامعة الزقازيق - صور    حلقة نقاشية حول تأسيس شركة مساهمة بجامعة قناة السويس    تحرير 11 محضرا تموينيا متنوعا في أسواق شمال سيناء    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    بالقاهرة والجيزة.. جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي 2024    سلمى الشماع: مهرجان بردية للسينما الومضة يحمل اسم عاطف الطيب    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    نائب محافظ الوادي الجديد توجه بتوفير طبيب لمرضى الغسيل الكلوي بمستشفى باريس    عام المليار جنيه.. مكافآت كأس العالم للأندية تحفز الأهلي في 2025    توت عنخ آمون يتوج ب كأس مصر للسيدات    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    الخارجية الأمريكية: نراجع شحنات أسلحة أخرى لإسرائيل    «اسمع واتكلم».. المحاضرون بمنتدى الأزهر يحذرون الشباب من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي    محافظ أسوان: مشروع متكامل للصرف الصحي ب«عزبة الفرن» بتكلفة 30 مليون جنيه    «التجارية البرازيلية»: مصر تستحوذ على 63% من صادرات الأغذية العربية للبرازيل    حسن الرداد يكشف عن انجازات مسيرته الفنية    لفترة ثانية .. معلومات عن سحر السنباطي أمين المجلس القومي للطفولة والأمومة    «فلسطين» تثني على اعتراف جزر البهاما بها كدولة    السجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة بتهمة الرشوة    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    رئيسة المنظمة الدولية للهجرة: اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش بحاجة إلى ملاجئ آمنة    مناقشة تحديات المرأة العاملة في محاضرة لقصور الثقافة بالغربية    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    كريستيانو رونالدو يأمر بضم نجم مانشستر يونايتد لصفوف النصر.. والهلال يترقب    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    أمين الفتوى يحذر من تصرفات تفسد الحج.. تعرف عليها    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا لتجسيد النبى وكبار الصحابة!
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 01 - 2019

مسألة تجسيد الأنبياء، وكبار الصحابة والحواريين، مسألة مثارة من قديم، عالميًّا واقليميًّا ومحليًّا.. تجاوزتها الولايات المتحدة الأمريكية فى أفلام مثل فيلم الإغواء الأخير للمسيح The last temptation of Christ، وفيلم تعذيب أو آلام المسيح Passion of Christ، فجسدوا هناك شخصية السيد المسيح عليه السلام، والسيدة مريم العذراء، والحواريين، ساعدهم وشجعهم على ذلك، الإمكانات الهائلة لصناعة السينما فى الولايات المتحدة ، ما بين النص والسيناريو والتمثيل والإخراج ولغة الحوار والملابس والديكور إلى غير ذلك مما أتاح لهم إظهار هذه الشخصيات بشكل لائق وصورة تقترب من جلال الصورة المحفوظة لهم فى أذهان الناس.
على أننا لا نملك ما تملكه الولايات المتحدة فى هذه الصناعة، وليس يكفى أنه كان لدينا فى السالف ممثلون كبار موهوبون، فهناك تواضع النص والإخراج وابتعاد لغة الحوار عن الواقع، ناهيك بعادات وملابس العصر، فخرجت هذه الأفلام فى صورة متواضعة، وأخلت بالصورة المجسدة فى وجدانات ومخيلات الناس، وحسبك أن تراجع فيلم خالد بن الوليد الذى راق للصديق الدكتور جابر عصفور أيام الطفولة أو مطلع الصبا، فلم تكن مقومات الفنان حسين صدقى هى المقومات الصالحة لتمثيل شخصية هذا القائد البطل الفذ، ولا كان إخراج المعارك والأحداث لائقًا، ويصدق ذلك على الفيلم القديم الآخر الذى راق له وأبكاه فى أيام الطفولة كما ذكر أخيرًا فى حديثه لإحدى الفضائيات، فإقناع الطفل غير إقناع الكبير الناضج، وقد استشهدت له فى حديث تليفونى طويل بأفلام طرزان التى جسدها السباح العالمى جونى ويسمولر وكنا نعشقها ونهيم بها صغارًا، ونهتز وتحتبس أنفاسنا لكل مشهد من مشاهدها، وهو يصارع الأسد فيغلبه ، أو يصارع التمساح فى المياه فيقضى عليه ويغرقه، وتتهدج أنفاسنا ونحن نتابع هذه المشاهد ومضت الأعوام وشببنا عن الطوق، وتصادف أن سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإجراء جراحة دقيقة فى يوليو 1990، فطفقت أمر على كل متاجر الأفلام السينمائية والتليفزيونية لأشترى أفلام طرزان التى جسدها جونى ويسمولر، فراعنى نظرات الاندهاش التى لاقانى بها كل من سألته، حتى أعيانى البحث ، ولم أعثر إلاّ على فيلم قديم أنتج عام 1929 بعنوان: الرجل القرد « The ape man ، فاشتريته فرحًا، ثم أعانتنى زوجة أمريكية لأحد أصدقائى هناك ، وكانت من عشاق السينما ، ولديها كتالوجات لكل ما أنتجته السينما الأمريكية من أفلام بعناوينها وممثليها ومخرجيها والشركات التى أنتجتها، واستطعت بمعونتها أن أتجه إلى ما بقى من الشركات المنتجة ، وحصلت على ستة أفلام أخرى زادت إلى ثمانية من خلال متابعتى بالتسجيل ما عرض مصادفةً فى بعض القنوات التى تحتفظ بقلّة نادرة من أفلام طرزان. وسارعت فرحًا حين وطئت قدماى أرض الوطن، بعرض هذه الأفلام بالفيديو على أحفادى فلاحظت عليهم ما كان يلحق بى قديمًا من الانبهار، ولكنى فوجئت بأننى لم أعد الشخص الذى انطلت عليه سلفًا الحيل السينمائية الساذجة، وإذا بنظرتى تتبدل، وإذا بالولع القديم يزول، ويحل محله الإحساس بسذاجة ما كان يبهرنى فى الصغر.
ذكرت ذلك كله وغيره للصديق الدكتور جابر عصفور فى حديثنا التليفونى المتشعب الطويل، وناقشته فى اعتراضه على معارضة الأزهر تجسيد الأنبياء والنبى محمد عليه الصلاة والسلام وكبار الصحابة، وأبديت له أنه لو شاهد اليوم ما أعجبه وراق له وأبكاه سالفًا فى الصغر، لتبدل رأيه، ولظهر له سذاجة ما عرض فى الفيلمين، وسذاجة وتواضع تجسيد المرحوم حسين صدقى لشخصية سيف الله المسلول، القائد البطل القوى المفتول العضلات،
فلا هو كان مقنعًا فى تجسيد شخصية البطل المغوار، ولا كان الفيلم مقنعًا ولا لائقًا فى عرضه للعصر وللمعارك والأحداث.
افتقادنا للمقومات التى تتوافر للسينما الامريكية، تؤيد رؤية الأزهر الشريف فى الاعتراض على تجسيد الأنبياء والنبى محمد عليه الصلاة والسلام وكبار الصحابة ، بل إن هذا التجسيد مع افتقاد الإمكانات والمقومات يهز الصورة الماثلة لهم فى وجدانات الناس، ويأخذ منها ولا يضيف إليها، ومن ثم فإن الاحتجاج بالسينما الأمريكية قياس مع الفارق الشديد جدًا فى كل الإمكانات، اما ما فعلته إيران من تجسيد النبى عليه الصلاة والسلام ، فأحسب أنه خطًا كبير سيتجلى فيما أوقن لكل من سيشاهد هذا العمل لدولة لم تبلغ حتى ما بلغناه نحن فى صناعة السينما.
إن تجسيد النبى وكبار الصحابة لا تكفى فيه الرغبات والأشواق، فقد تأتى الأعمال الفنية صادمة تحدث عكس المأمول فيها، وتهز ما فى وجدان ومخيلات الناس لهذه الشخصيات الفذة العظيمة.
علينا ابتداءً أن نتدبر رصيدنا المعرفى والثقافى والفنى، وأن نراجع إمكاناتنا، وأن نقدر ثقافة وأحلام الناس ، ونتبصر بالنتائج قبل مطاوعة الرغبات والأشواق.
ظنى أيضًا أنه يجب علينا أن نتمتع بالمرونة التى نلح فى مطالبة الأزهر الشريف وعلماء الدين بها وننساها فى أنفسنا ، وأن نتجنب التجمد على رأينا دون غضاضة ما دام قد استبان لنا أنه لا يصادف محله ، فالمثقفون هم طليعة الرأى ، والرأى نظر ومراجعة ، فلا جدوى من النظر إذا لم يقترن به التأمل والاستعداد للمراجعة والتعديل والتغيير ، ويفقد المثقفون إن لم يتسلحوا بذلك يفقدون حجتهم فى النعى على علماء الدين بالتحجر والجمود .
نحن محتاجون للتجديد فى الخطاب الثقافى مثلما نحن محتاجون للتجديد فى الفكر والخطاب الدينى ظنى أن احتياجنا لتجديد الخطاب الثقافى والتعليمى يسبق بداهة تجديد الفكر والخطاب الدينى ، فتجديد الفكر ينبع أساسًا من تحرر العقول وثراء الثقافة وتنوعها وارتقاء التعليم . فهل نحن فاعلون؟!.
لمزيد من مقالات رجائى عطية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.