حالة من الجدل صاحبت تصريحات الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، بسبب مطالبته مجددا بتجسيد شخصيات الأنبياء والرسل فى الأفلام والمسلسلات، وعلى الفور تم رفض طلبه، من جانب علماء الأزهر، كما رفض ذلك أيضا نواب لجنتى «الدينية والإعلام» بالبرلمان، وقد أكد جميعهم أن تجسيد الأنبياء لا يجوز على الإطلاق لأنه لا أحد من الفنانين يستطيع تجسيد مدى تضحياتهم، خصوصا أنهم معصومون من الخطأ، كما استنكروا فكرة أن يكون الممثل «نبيا» فى فيلم، ثم فى فيلم آخر أو أى عمل فنى عموما نجده يقوم بمشاهد خارجة أو بدور شيطان مثلا! موضوع تجسيد الأنبياء أو الصحابة على الشاشة ليس وليد هذه الأيام، فهو دائما ما يطفو على السطح، لكن وبمجرد تجديد الحديث عنه نجد على الفور حالة من الجدل والنقاش بشأنه، ثم يأتى موقف الأزهر بالرفض القاطع كالعادة، فيتوقف الحديث عنه لفترة ما، ثم وبمعاودة الحديث فيه يتم فتحه من جديد وهكذا. سينما الغرب أو هوليوود تحديدا تحللت منذ زمن طويل من فكرة منع تجسيد الأنبياء فى الأفلام، وقدمت عن سيدنا عيسى عليه السلام وحده أفلاما عدة تم تجسيده شخصيا فيها، ولعل من أشهرها فيلم «آلام المسيح» الذى قام بإنتاجه وكتابته وإخراجه وشارك فى بطولته النجم العالمى الشهير ميل جيبسون، أما النجم العالمى جيم كافيزل فهو من قام بدور المسيح ، ومن المعروف أن هذا الفيلم يعد من أكثر الأفلام تحقيقا للإيرادات فى تاريخ هوليوود كما رشح للعديد من جوائز الأوسكار. سيدنا نوح عليه السلام تم تجسيده أيضا فى فيلم يحمل نفس الاسم وقام ببطولته الفنان الأمريكى الشهير راسل كرو، وأذكر وقتها حالة الجدل الشديدة التى صاحبت تقديم هذا الفيلم، فهناك من وافق عليه وهناك من رفضه، أما الأزهر فحسم الموقف بمنع عرضه تماما فى دور السينما المصرية. سيدنا يوسف عليه السلام فاجأتنا إيران فى خطوة اعتبرها العديد من الناس استفزازية لمشاعر المسلمين بل ولكل الأديان، عندما جسدت دوره فى مسلسل يحمل اسمه، ورغم رفض الأزهر له إلا أنه تم عرضه على قنوات عربية عديدة وشاهده ملايين البشر، والغريب أن المسلسل لاقى وقتها نجاحا جماهيريا وفنيا منقطع النظير. ولم تكتف إيران باستفزازها المسلمين بتقديم شخصية سيدنا يوسف على الشاشة، بل راحت تواصل ما هو أفجع عندما قدمت فيلم عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذى تم عرض الجزء الأول منه وتم تناول شخصه فيه وهو صغير، والمفروض أنها تقوم بتجهيز الجزء الثانى منه الذى سيظهر فيه الرسول الكريم وهو كبير! الصحابة رضى الله عنهم طالتهم أيضا حالة الجدل بشأن تجسيدهم على الشاشة، حيث تم تقديم سيدنا عمر رضى الله عنه فى مسلسل، كما تم تقديم «الحسن والحسين» فى عمل درامى آخر أيضا، غير أنهما لم يلاقيا نفس نجاح مسلسل يوسف الصديق، ونحمد الله على ذلك، حتى لا يتركا أثرا فى نفوس وعقول من شاهدهما! عموما نحن مع الأزهر فى رفض تجسيد الأنبياء أو حتى الصحابة فى السينما أو فى أى أعمال فنية، فالمعروف أن السير الذاتية عموما تلتصق دائما بمن يقوم بتجسيدها من الفنانين، ولدينا أمثلة عديدة ومنها رأفت الهجان، فجميعنا يتعامل معه طول الوقت على أنه النجم الراحل القدير محمود عبد العزيز، خاصة أننا لم نشاهد الهجان الحقيقي. المطربة والممثلة الشهيرة أسمهان لم يكن أحد يعرفها خاصة من الأجيال الجديدة لذا ارتبط فى الأذهان أنها الفنانة السورية سلاف فواخرجي، وذلك نظرا لنجاحها فى تجسيد دورها من خلال المسلسل الناجح الذى قدم سيرتها الذاتية والذى يحمل اسمها.. إذن.. إذا كان أمراً طبيعيا تجسيد شخصيات فنية أو تاريخية على الشاشة، فإن الوضع مختلف بالنسبة للدينية، خاصة الأنبياء، فهم معصومون ومنزهون عن الخطأ وكذلك الصحابة منهم من بشر بالجنة، فكيف لممثل ما أن يقوم بأدوارهم رغم أنه سبق قدم أدوارا فنية هابطة أو لا تليق، فأيهما سنصدقه ونتقبله فى دوره النبى أم الشيطان؟!