وزير الزراعة: نشهد زيادة 10% في إنتاجية فدان القمح.. وتوريد 1.6 مليون طن حتى اليوم    محافظ سوهاج يُتابع أعمال التخطيط المروري بمدينة سوهاج.. ويوجه بمحاسبة المتعدين على حرم الطريق    سفير باكستان لدى مصر: باكستان دولة مسلمة ولا تقبل العدوان    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    عاجل- مسؤول أمريكي: خطة ترامب لغزة قد تطيح بالأغلبية الحكومية لنتنياهو    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    دول البلطيق ترفض مرور طائرة رئيس وزراء سلوفاكيا المتجهة إلى موسكو بأجوائها    أمين عام الأمم المتحدة يهنئ بابا الفاتيكان: العالم بحاجة إلى أقوى الأصوات الداعية للسلام    أحدهما طفل.. إصابة فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي بالضفة    موعد نهائي الدوري الأوروبي بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    موعد مباراة بيراميدز ضد البنك الأهلي في الدوري    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    ليفربول يطمع في التعاقد مع ألفاريز    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    إغلاق مراكز طبية مخالفة بنجع حمادي في قنا    خالد كمال: فيلم الهوى سلطان كان به مجازفة وتوقعت نجاحه منذ قراءة السيناريو    منافسات قوية فى الدورى الممتاز للكاراتيه بمشاركة نجوم المنتخب    6 فرق إنجليزية تشارك في دوري أبطال أوروبا.. 8 يتنافسون على 5 مقاعد    صحيفة سعودية: اتفاق مبدئي بين الأهلي وجوميز.. ومباراة الوحدة تحسم مصيره    الاتحاد يهزم الأهلي ويتوج بكأس مصر لكرة السلة    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. انتخاب الكاردينال الأمريكى روبرت فرنسيس بريفوست بابا للفاتيكان.. إعلام عبرى: ترامب قرر قطع الاتصال مع نتنياهو.. وقيمة عملة "بتكوين" تقفز ل100 ألف دولار    حالة الطقس اليوم الجمعة، ارتفاع كبير بدرجات الحرارة وشبورة كثيفة    ضبط 3 طلاب متهمين ب«هتك» عرض زميلتهم بالقليوبية    مصرع شخصين فى حادث تصادم سيارتين بسوهاج    تصل إلى 40 درجة.. ننشر حالة طقس الجمعة    جامعة القاهرة تكرم وزير العدل ورؤساء الهيئات القضائية    من أول نظرة وما كملش 10 أيام، مايان السيد تروي قصة حب خاطفة مع شاب هندي (فيديو)    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    "الوثائقية" تحكي بداية علاقة أحمد عبد المعطي حجازي بالشعر في المدرسة    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    اكتشاف إنزيم هام من فطر الاسبرجليس لتقليل كمية الكوليستيرول فى الدم    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    الخطاب الأول للبابا لاون الرابع عشر.. نداء إلى السلام والوحدة    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    السبت المقبل.. 23 ألف طالب يؤدون امتحانات الفصل الدراسي الثاني بجامعة أسوان    هيبة: مصر أنفقت 550 مليار دولار على تحسين البنية التحتية خلال 10 سنوات| خاص    «كان يخاف ربه».. هالة صدقي تحسم جدل أزمة طلاق بوسي شلبي من الراحل محمود عبد العزيز    ما تأثير الحالة الفلكية على مواليد برج الحمل في الأسبوع الثاني من مايو 2025؟    مستشار وزيرة التخطيط: 44% من القوى العاملة بحلول 2030 ستكون من الجيل التكنولوجيا الحديثة    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    محافظ سوهاج يتفقد مركز الكوثر الطبى ويوجه بخطة عاجلة لتشغيله    انطلاق قوافل المراجعة النهائية المجانية لطلاب الشهادة الإعدادية بالأقصر (صور)    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    محافظ الجيزة: تحسين كفاءة النظافة بمحيط المدارس استعدادا للامتحانات    طلاب جامعة الدلتا التكنولوجية يشاركون في معرض HVAC-R.. صور    وزارة الشباب والرياضة ... شكراً    في عيد الوالدين، قافلة الثقافة الكورية تزور مكتبة مصر العامة ببورسعيد    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    محافظة الجيزة ترفع 150 طن مخلفات في حملات نظافة مكبرة    وزير الاتصالات: إتاحة 180 خدمة حكومية عبر منصة مصر الرقمية    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مئوية ثورة 1919.. المقدمات
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 01 - 2019

قبل مائة عام، انفجرت فى مصر ثورة 1919 الوطنية التحررية، التى جسدت كفاح المصريين من أجل الاستقلال الوطنى، الذى تمتعوا به نحو 70 % من تاريخهم الألفى العريق. فقد تطلع المصريون الى انهاء الاحتلال البريطانى لمصر، واسترداد حقهم فى حكم وطنهم، أى انتزاع حق الأمة المصرية فى تقرير المصير. وتبينوا فى مجرى الثورة وفى أعقابها أن إعلان الرئيس الأمريكى وودرو ويلسون تأييده حق الأمم فى تقرير مصيرها عشية نهاية الحرب العالمية الأولى، لم يكن سوى إعلان منافق ردده زعماء بريطانيا وفرنسا أهم الإمبراطوريات الاستعمارية.
وفى كشف مقدمات الثورة أوجز هنا ما يتصل بها فى الكتاب الوثائقى المهم (50 عاما على ثورة 1919, مركز الوثائق والبحوث التاريخية لمصر المعاصرة بمؤسسة الأهرام، 1969) . ويسجل أولا، أن وعود بريطانيا بالجلاء عن مصر وتصريحاتها باحترام استقلال مصر، قد توالت نيفاً وستين وعداً وتصريحاً من أشهرها تصريح جلادستون رئيس الوزارة البريطانية فى مجلس العموم يوم 24 يوليو سنة 1882 بأنه: ليس لبريطانيا العظمى مطامع فى مصر، وهى لم ترسل الجنود لها إلا لإعادة الأمن فيها، ولكى ترجع للخديو سلطته التى فقدها !! ثم تصريح جلادستون فى مجلس العموم أيضا يوم 12 أغسطس سنة 1882 بأنه: ليس فى نيتنا مطلقاً أن نحتل مصر، وإذا كان هناك شىء لا نقدم عليه فهو ذلك الاحتلال، لأن فيه مناقضة تامة للمبادئ التى أعلنتها حكومة جلالة الملكة، وللوعود التى وعدتها لأوروبا ولساسة أوروبا نفسها !!
وثانيا، أن نفى احتلال مصر كان لغوا لا يستقيم وقد صار واقعا، حيث استمرت القوات البريطانية حتى بعد وأدها للثورة العرابية وتمكينها للخديو توفيق الذى استدعاها لهذا الغرض. فجاء تصريح مستر جلادستون فى مجلس العموم يوم 14 نوفمبر 1882 يعلن أن الاحتلال ليس إلا مسألة وقت، ثم تشمبرلين فى 19 ديسمبر سنة 1882 يقول: إننى لا أضيع وقتى فى تكذيب ما ينسبونه للحكومة من أنها تنوى بسط حمايتها الدائمة على مصر؛ ولا ريب فى أننا سنجلو عن مصر إذا استتب النظام فيها، وأننا لا نرغب سوى أن نضمن لمصر الأمن والسعادة والاستقلال!! وتلى هذا تصريح مستر جلادستون رئيس الوزارة فى مجلس العموم يوم 23 يونيه 1884 يزعم: أننا نتعهد ألا نطيل احتلالنا العسكرى لمصر إلى ما بعد أول يناير سنة 1888؛ إذا كانت حالة البلاد تسمح برحيلنا دون تعكير الأمن فى مصر!!
وثالثا، أن انجلترا، رغم كل اللغو السابق واللاحق، كان أول عمل قامت به هو إلغاء دستور مصر ومجلس نوابها، كما قامت باستصدار أمر من الخديو توفيق بحل الجيش المصرى وتسريح أفراده . فى 30 مايو سنة 1883 عينت سير أيفلن مارنج، أو لورد كرومر فيما بعد، قنصلاً عاماً لها فى مصر ومنحته من السلطة والنفوذ ما جعله يسيطر على كل صغيرة وكبيرة فى البلاد ثلاثة وعشرين عاماً وتضاءلت بجانبه كل سلطة وطنية، وأصبح يعرف بين الناس بأنه خديو مصر غير المتوج. ورغم هذا فان انجلترا بقيت مستترة بخطابها المنافق الذى ينكر واقع احتلالها لمصر؛ تجنبا للصدام مع فرنسا ودول أوروبية كانت تعارض انفراد بريطانيا بمصير مصر، وهو ما عبر عنه تصريح لورد سولزبرى رئيس الوزارة البريطانية فى مجلس اللوردات يوم 12 أغسطس 1889، يقول: إننا لا نستطيع إعلان حمايتنا على مصر، ولا إعلان نيتنا بأننا نريد أن نحتلها احتلالاً فعلياً أبدياً، لأن هذا يعد نقضاً لتعهدات انجلترا الدولية. وهكذا، بعد إبرام الاتفاق الإنجليزى الفرنسى سنة 1904، لم يهتم المسئولون الإنجليز بتجديد أى وعد بالجلاء عن مصر!! فبموجب هذا (الاتفاق الودى)، أعلنت حكومة الجمهورية الفرنسية أنها لن تطالب بتحديد موعد إنهاء الاحتلال الإنجليزى لمصر وتعهدت انجلترا بأن تطلق يد فرنسا فى مراكش.
ورابعا، أن حادثة دنشواى 1906 تعتبر نهاية عهد كان الاحتلال يتمتع فيه بالاستقرار والطمأنينة، وبداية مرحلة جديدة من مراحل الجهاد القومى، حيث اشتد ساعد الحركة الوطنية بانضمام جمهرة المصريين إليها؛ بعد أن ساد الشعور بأن سواد الأمة قد خضع للاحتلال. وبعد الغضبة الوطنية والفضيحة العالمية التى ترتبت على حادثة دنشواى اضطرت الحكومة الإنجليزية إلى تعديل سياستها ولو ظاهرياً. وكان قوام التغيير عزل اللورد كرومر أو قبول استقالته فى أبريل سنة 1907 وإفساح مناصب الوزارة أمام بعض العناصر الوطنية من المصريين ومن ذلك تعيين سعد زغلول وزيراً للمعارف. وفى أواخر 1909 وأوائل سنة 1910، شغلت الرأى العام مسألة مشروع انجلترا مد امتياز قناة السويس. ومن المفارقات أن سعد زغلول الزعيم الوطنى الكبير لثورة 1919، ووزير الحقانية آنذاك، كان المدافع عن تأييد الحكومة المصرية للمشروع. لكن الجمعية التشريعية رفضت المشروع، الذى كان فشله انتصارا مهما للحركة الوطنية. وخامسا، أن انجلترا ما أن دخلت الحرب ضد ألمانيا حتى انعقد مجلس النظار برياسة حسين رشدى باشا- القائم بأعمال الخديو- وأصدر فى 5 أغسطس 1914 أى بعد 24 ساعة من إعلان الحرب قراراً نص على أن القوات البحرية والحربية التابعة لصاحب الجلالة البريطانية يجوز لها أن تباشر جميع حقوق الحرب فى الموانى المصرية أو فى أرض القطر المصرى!! وفى 7 نوفمبر أصدر قائد الجيوش البريطانية فى مصر منشورا يقول فيه: إننى قد كلفت بأن أعلن أن بريطانيا وتركيا فى حالة حرب.. ولعلم بريطانيا بما للسلطان بصفته الدينية من الاحترام والاعتبار عند مسلمى مصر فقد أخذت بريطانيا على عاتقها جميع أعباء هذه الحرب دون أن تطلب من الشعب المصرى أى مساعدة!! ولكن على النقيض يسجل السير وليم برونيت، المستشار المالى بالنيابة والمستشار القانونى لدار الحماية، أن مصر جعلت تحت تصرف القائد العام جميع مواردها من مال ومؤونة ووسائل نقل ورجال.. فأرسلت إلى فلسطين جيشاً يبلغ عدده 117000 مصرى (فرقة العمال وفرقة الجمالة) ولقد أوجب استبقاء هذا الجيش بهذا العدد على الدوام استخدام نحو مليون ونصف مليون من رجال مصر!! وكان ما جرى لمصر والمصريين خلال الحرب العالمية الأولى السبب المباشر لثورة 1919.
لمزيد من مقالات طه عبدالعليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.