صدرت المجموعة القصصية الثانية للقاص لطفى النميرى بعنوان «هروب العندليب» الصادرة عن دار الاتحاد للطباعة والنشر والتوزيع بالتعاون مع اتحاد كتاب مصر. تضم المجموعة خمس عشرة قصة تندرج تحت مسمى «الأدب الاجتماعى» الذى يعتمد فى حقيقته على أنه فكر وحوار ومنطق وقيم أخلاقية ومثل عليا، غير أن الأمر ليس كذلك فى الواقع الذى تختلط فيه الأشياء وتتشابه ويصبح النقيض ونقيضه عنصرا واحدا. ففى قصة «السماء تمطر صلبانا» التى تدور أحداثها حول «حبيب» حلاق القرية الذى يعانى ظروفا أسرية قاسية، فهو أب لأسرة فقيرة مكونة من الزوجة وثلاثة أبناء يعيشون حياة التقشف، ومن قلب هذا الواقع البغيض نراه يرفع الشعارات ويزعم أنه صاحب حق ومبدأ، بل هو يتجاوز هذا الحق ويدعى أنه متدين وكأن حاله يقول إنه يفعل ما يفعله ويرتكب ما يرتكبه دفاعا عن الدين عندما أصبح قسا يقيم الصلوات وينشد الترانيم. ويتجلى فى قصص المجموعة شعور عميق بأن تغليب المادى على المعنوى لم يعد بمقدور أحد إيقافه، فصرنا نتعامل مع أى قيمة بأسلوب القوم العابرين الذين لا تربطهم أى وشائج ولا جذور بالزمان والمكان والأهل متناسين أن الحياة تقوم على المخزون المعنوى الذى لا تقدره أى قيمة مادية، نشاهد ذلك فى «جزاء الشفقة» و«ضمير أب» و«فقير يغنى كثيرين». وفى قصة «هروب العندليب» التى جعلها عنوانا للمجموعة، يقدم لنا الكاتب من خلالها حكمة الاعتماد على النفس والتوكل على الخالق سبحانه وتعالي، فهو مبدع الكون وهو الرزاق الكريم وأن من يعمل ويجتهد سيجد الخير العميم، وكما أشار الكاتب بعبارة «كاذب من يتكل على البشر».