يوميا على الواتس آب، والفيس بوك، ومختلف شبكات التواصل، نفاجأ برسائل ومنشورات دينية، لا نعرف مدى صحتها، فبعضها يحتوي على حكم ومواعظ، وأخرى تحتوى على فتاوى وآراء فقهية وتطبيقات للقرآن الكريم وكتب السنة، وغيرها، والغريب أنك قد تفاجأ في نهاية الرسالة بمن يستحلفك بالله أن تنشرها بين عشرة أصدقاء أو خمسين أو مائة، إن كنت حقا محبا للنبي صلي الله عليه وسلم، وإلا...!! فكيف نتعامل مع مثل هذه الرسائل.. وهل نطمئن إلي كل ما ينقل إلينا عبر وسائل التواصل الحديثة؟ الدكتور عبدالفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، يشير إلى أن ما ينقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منه الصالح ومنه الطالح، فهناك وعظ، وحكم ومعلومات عامة، فلا بأس بها، أما ما يتعلق بالعلوم الشرعية كفتوى، أو شرح لحديث أو التشكيك فيه أو إثبات صحته أو بيان لمعنى آية أو وقوف عند حكم شرعي.. فهنا يجب على المطلع أن يقتصر في بحثه علي المواقع المأمونة المعنية بهذا الأمر كموقع الأزهر الشريف، ومرصده، وبوابة دار الإفتاء المصرية، وأن يبتعد عن سائر المواقع غير المعتمدة التي تعطي لنفسها حق الإفتاء والشرع وتعليم الدين، لأنها مواقع غير مأمونة على عقول شبابنا وبناتنا وبعضها قد يحرض علي التشدد والتطرف ونشر الإلحاد، أو ينقل نسخا مشوهة للسنة، أو تطبيقات مجانية للقرآن الكريم لا تخلو من أخطاء وتحريفات ببعض السور.. الأمر الذي يستلزم شديد الحذر من الأفراد، مع ضرورة وجود جهات رقابية لكشف هذه المواقع والحد من خطرها. الإرسال ليس واجبا ويقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، عميد كلية أصول الدين السابق، بأسيوط، من الخطأ الذي يقع فيه بعض الناس حينما ينقل رسائل لغيره أن يطالبهم بأن يرسلوها إلى غيرهم وقد يحدد العدد برقم معين، ويظهر ذلك في دعوات الصلاة علي النبي وما يعتبره البعض (أي الإرسال) دليلا علي محبة النبي، والتحذير من عاقبة عدم الإرسال، وهذا لا أصل له. فمن أراد أن يسبح الله عز وجل أو يصلي علي النبي صلي الله عليه وسلم، ويعظم من قدره الشريف، فليكن على صفحته هو، دون إلزام الآخرين بذلك، وعلى من وصلت إليه هذه الرسائل إن أراد أن يبلغها لغيره فليفعل، وإن لم يرد، فلا إثم عليه، لأنه ليس هناك إلزام ديني بأن يبلغ هذا الأمر للآخرين، أما التحذير بأن من لم يبلغ هذه الرسائل، فإنه سيصاب بكذا وكذا وأنه يكون غير محب للنبي، فإن هذا يدخل تحت باب الافتراء على الله عز وجل، والكذب على النبي، صلى الله عليه وسلم. ولا يصلح أن يكون هذا دليلا علي محبة النبي من عدمه، فقد يكون مستقبل الرسالة لا يحسن الإرسال إلي غيره، أو يحسن وليس لديه وقت لذلك. ويلفت د. مختار مرزوق، إلي الجوانب الإيجابية لمواقع التواصل، كنشر إعلان للوظائف العامة، أو لعمل عمرة، أو التحذير من أمر خطير يتعلق بأحوال الناس، سواء في الطعام أو الدواء أو ما إلى ذلك، كل هذه الأشياء من الجوانب الإيجابية، التي تقتضي من الذي يتلقاها أن يقوم بنشرها إذا أراد، بشرط أن يتأكد من صحة ما ينشر، حتى لا يبلبل أفكار الناس ويسهم في نشر شائعة. كما أن هناك فتاوى رسمية لعلماء معتبرين، وإرشادات دينية عامة، يستحب نشرها، لأنها تدخل تحت قول النبي، صلى الله عليه وسلم، من دل على خير فله مثل أجر فاعله، وهو حديث رواه مسلم في صحيحه، بل إن بعض الفتاوى المهمة من الممكن أن تصل إلى درجة الوجوب من ناحية النشر، عملا بقول النبي، صلى الله عليه وسلم، من رأي منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وهذا أضعف الإيمان. وذلك مشروط أيضا بالتثبت من صحة المعلومة، ونسبتها إلى عالم معروف أو الجهة المختصة بذلك كالأزهر أو الإفتاء. ويحذر د. مختار مرزوق من القياس علي الفتاوي التي نطالعها عبر صفحات الإنترنت وتتداولها مواقع التواصل، حتي لو كانت صادرة عن مصدر موثوق، لاسيما في أحكام الزواج والطلاق، لأن الفتوي تختلف من شخص إلي آخر، كما أنها تختلف باختلاف الزمان والمكان والحال، وفتاوي الطلاق خصوصا يشترط فيها حضور الزوج لسؤاله عما تلفظ به ونيته حينئذ، وهذا غير متحقق في الفتاوي الجاهزة التي نطالعها عبر وسائل الاتصال.