* الخروج من «القائمة السوداء».. وقروض بفائدة 5% لتطوير معدات الإنتاج * البنوك «جاهزة» لإجراء تسوية لأى متعثر حتى بعد انتهاء المبادرة .. مع اختلاف الشروط * مصرفيون : المتعثرون يمكنهم التعامل مع البنوك لضخ قروض جديدة فى شرايين مشروعاتهم بلا قيود أو شروط * التنازل عن جميع القضايا والأحكام الصادرة ضدهم مع استرداد الضمانات كاملة
حققت مبادرتى البنك المركزي، التى تم إطلاقهما بتكليفات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، لدعم المتعثرين وتطوير معدات المشروعات الصغيرة والمتوسطة نجاحاً كبيراً فى ثمانية بنوك عامة شملتها المبادرتين، التى انتهى سريان الأولى فى 31 ديسمبر الماضي، ويسرى مفعول الثانية حتى 2022 لشراء المعدات المتطورة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث تم شطب العملاء والشركات المستفيدة من القوائم السلبية للبنك المركزى وقوائم الممنوع التعامل معهم لدى «المصرية للاستعلام الائتماني»، وتنازلت البنوك عن جميع الدعاوى المرفوعة ضدهم، وتم تحرير الضمانات التى قدمها هؤلاء الى البنوك للحصول على قروض ائتمانية، وأصبح يحق للمستفيدين أن يتعاملوا مع البنوك وأن يستفيدوا من جميع منتجاتها المصرفية لمواصلة أنشطتهم الاقتصادية فى الأسواق وتشغيل العمالة، بما يسهم فى زيادة الإنتاج والنمو وتنمية موارد الحكومة من الرسوم والضرائب وزيادة الصادرات، بما يجلب العملات الأجنبية لزيادة الاحتياطى من العملات الحرة لدعم قيمة الجنيه وتحسين ميزان المدفوعات. تفاصيل ما ذكره عدد من المصرفيين ورجال الأعمال عن هذه المبادرتين بين سطور هذا التحقيق:
يحيى أبو الفتوح - محمد الأتربي بداية.. يقول يحيى أبو الفتوح، النائب الأول لرئيس البنك الأهلى المصري، ان عدد الشركات التى استفادت من المبادرة عن طريق البنك، بلغ 333 شركة بإجمالى مبلغ 50 مليون جنيه، ومعظم هذه الشركات تصنف تحت بند الشركات الصغيرة والمتوسطة فى جميع القطاعات الإنتاجية، وتتميز هذه المبادرة بأن المستفيد منها -سواء على مستوى الشركات أو العملاء الأفراد - يمكنه أن يتقدم إلى البنك أو أى بنوك أخرى للحصول على قروض أو منتج مصرفى آخر دون أن يتم وضعه فى القائمة السوداء والعميل أو الشركة المستفيدة من المبادرة، يمكنها أن تسترد جميع الضمانات التى قدمتها إلى البنك للحصول على القرض الذى تعثر فى سداد الأقساط الناجمة عنه نتيجة اى ظروف خارجة عن إرادة صاحب المشروع.. وأكد أن البنك «جاهز» لإجراء تسوية لأى متعثر حتى بعد انتهاء المبادرة .. لكن لن تكون بذات شروط مبادرة المركزى المنتهية فى 31 ديسمبر الماضي أما المبادرة الثانية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة مستمرة.
أما محمد الاتربى، رئيس بنك مصر، فيشير إلى أن عدد المستفيدين من المبادرة كان كبيرا.. وان البنك يستنزل من المديونية قيمة الفوائد المستحقة بعد إعلان المركز المالى للعميل المستفيد، ويحصل المستفيد على شهادة إبراء ذمته بشكل نهائى بعد رفع جميع الفوائد والغرامات التى تستحق على الرصيد بعد التاريخ السابق، ويقوم البنك بالتنازل عن جميع القضايا المدنية والجنائية المرفوعة ضده بعدما يقر محامى البنك أمام القضاء المرفوعة أمامه القضية بالتنازل بالتصالح والسداد بالنسبة للشركات التى تزيد ديونها المستحقة على 10 ملايين جنيه، أما الأفراد فتشمل جميع الأشخاص المتراكمة عليهم مديونيات عن القروض الشخصية التى حصلوا عليها. وتتميز هذه المبادرة عن غيرها من مبادرات البنك المركزي، بأن العميل المستفيد يمكنه أن يتعامل مع جميع البنوك العاملة فى السوق المصرفية دون أن يدون اسمه فى قوائم الممنوع التعامل معهم لدى البنك المركزى أو لدى كشوف المصرية للاستعلام الائتماني، وبالتالى يحق لهذا المستفيد الحصول على قروض جديدة سواء من البنك الذى أجرى معه التسوية آو البنوك الأخرى العاملة فى السوق . وأكد عاكف المغربى نائب رئيس البنك أن إجمالى المستفيدين من المبادرة 388 شركة وعميل قد تم تسوية مديونياتهم. السيد القصير الزراعى المصري ومن البنوك التى استفاد عملاؤها بشكل جيد من هذه المبادرة البنك الزراعى المصري، يقول رئيس مجلس إدارة البنك السيد القصير، ان البنك تمكن من إجراء تسويات لنحو 10050 عميلاً من المزارعين وصناع المواد الغذائية ومربى الماشية وأصحاب الحرف الزراعية فى مختلف أنحاء الجمهورية، حيث تم حصر المديونيات المستحقة 830 مليون جنيه على العملاء الذين تنطبق عليهم المبادرة، وقام البنك بتحصيل 430 مليون جنيه وتم إعفاء العملاء المستفيدين من مبلغ ال400 مليون جنيه المتبقية، مشيراً إلى أن إدارة البنك تنازلت عن جميع الدعاوى التى رفعها البنك على هؤلاء. ويضيف أن نسبة كبيرة من هذه المديونيات تعود إلى بضع سنوات مضت وقد تعثر العملاء فى السداد وأغلقت منشآتهم، لكن هذه المبادرة أعادت الروح لهؤلاء المستفيدين الذين أسرعوا إلى تدوير عجلة الإنتاج مرة أخري، وجمع شمل العمال الذين سبق تسريحهم، خاصة ان المشروعات الزراعية تستوعب عمالة كثيفة، حيث تسهم هذه الشركات فى معدلات الإنتاجية الزراعية والمنتجات الغذائية المصنعة، حيث يمكن لهذه الشركات أن تسهم بشكل فعال فى زيادة الإنتاجية الغذائية حتى يمكن السيطرة على لهيب الأسعار. أما رجال الأعمال، فأكدوا أن هذه المبادرة أعادت الروح للعشرات من المصانع التى أغلقت بسبب عجزها عن سداد المديونيات التى تراكمت عليها بسبب تراجع الطلب فى الأسواق الناتج عن التضخم وسوء الإدارة وانخفاض الجودة ومنافسة المنتجات المستوردة التى تحصل على دعم مادى من حكومات الدول، التى تحمل هذه الشركات جنسياتها. معدات الإنتاج المتطورة يقول د. محرم هلال، ممثل المتعثرين لدى البنك المركزى ونائب رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين ورئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، ان تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسى لمحافظ البنك المركزى طارق عامر كانت ضرورة دعم المتعثرين وتخفيف حجم المديونيات المتراكمة عليهم وألا يحاكم رجل أعمال تعثر بسبب أحوال السوق المتقلبة، ولابد من إعادة تشغيل هذه المصانع وجمع شمل عمالها، وكان شاهداً على جميع التعليمات والتكليفات التى وجهها الرئيس السيسى إلى المحافظ ومعاونيه، فهناك نسبة كبيرة من المتعثرين عجزوا عن سداد الأقساط المستحقة عليهم بسبب تراجع معدلات التسويق، مما تسبب فى عجزهم عن السداد حتى تراكمت عليهم المديونيات وقامت البنوك بمقاضاتهم فى المحاكم سواء المدنية أو الجنائية والحجز على أصولهم والرهونات أو الضمانات التى قدموها للحصول على هذه القروض، بل بعض البنوك حصلت على احكام جنائية بحبس بعض هؤلاء المتعثرين مما جعل أصحاب هذه المصانع ان يتوقفون وقاموا بتسريح العمالة، لكن بعد هذه المبادرة عادت المئات من هذه المصانع المتوقفة للتشغيل مرة أخرى وسمحت لهم البنوك بالاقتراض من جديد مقابل أصول وضمانات جديدة وعلى رأس القطاعات التى استفادت قطاع الغزل والنسيج ومستثمرو السياحة الذين انتعشوا بعد هذه المبادرة وأسهموا بدور فعال فى الموسم الشتوى الحالي. ويقول إن مبادرة البنك المركزى الخاصة بمنح المشروعات الصغيرة والمتوسطة قروضاً بفائدة 5% متناقصة والصادرة أيضا بناء على تكليفات الرئيس السيسي، ويسرى مفعولها حتى 2022 وهى مخصصة لشراء المعدات ومستلزمات الإنتاج أسهمت فى سرعة تمكين هؤلاء المتعثرين، الذين سددوا ما عليهم من ديون لدى البنوك من التعاقد على شراء المعدات الحديثة من الخارج، لتطوير مصانعهم من خلال هذه القروض لزيادة الجودة وتقليل التكلفة، حتى يتمكنوا من المنافسة فى الأسواق الداخلية والخارجية وهذا يزيد قدرتهم على سداد ما عليهم من أقساط مستحقة سواء للبنوك أو الجهات الممولة لأنشطتهم الأخرى فى المواعيد المقررة، لسرعة دوران الأموال لدى مشروعاتهم حتى لا يتكرر التعثر مرة أخرى. جذب الاستثمارات الأجنبية أما خالد أبو المكارم، رئيس المجلس التصديرى للكيماويات، فيصف المبادرة بأنها اكثر من جيدة لأنها تعطى الفرصة للمصانع القديمة أن يعاد تشغيلها بدلاً من إنفاق رءوس الأموال الجديدة على بناء المصانع والأبنية الخاصة بالإنتاج، وتخصص الأموال الاستثمارية الجديدة التى سيضخها المستثمرون فى شراء المعدات التكنولوجية الجديدة التى من شأنها أن تزيد الإنتاجية وترفع معدلات التسويق والترويج للمصانع الداخلة فى السوق من جديد، وهذا من شأنه أن يوفر العملات الأجنبية التى تنفق فى شراء هذه التكنولوجيات المتطورة. ويقول ان عودة الآلاف من المصانع إلى الصف لتشغيلها يجذب الاستثمارات الأجنبية التى تبحث دائماً عن شريك مصرى تسهم معه فى تشغيل كيانات جاهزة للعمل كحل أفضل من الانتظار فى طابور، لحين تخصيص قطعة ارض لإقامة المشروعات ثم جولة أخرى للحصول على تراخيص مزاولة المهنة والتشغيل، مطالباً باستمرار هذه المبادرات لمصلحة الاقتصاد المصرى لاستيعاب العمالة، لان ذلك من شأنه ان يرفع معدلات التشغيل والنمو الاقتصادى بل ان الأجانب لديهم الاستعداد لتشغيل هذه المصانع خلال ستة اشهر من تعويمها، وان اتحاد الصناعات شهد عودة اكثر من 250 مصنعاً وشركة تم تعويمها، فجميعها عادت إلى الصف لتدوير عجلة الإنتاج، لأن أسباب التعثر وراءها سوء الإدارة وتراجع عمليات التسويق بسبب متغيرات السوق أو سوء الجودة وارتفاع سعر الفائدة المصرفية على قروض الإنتاج. المصانع المغذية ويؤكد د. بهجت الداهش، رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة باتحاد الصناعات، أن عددا كبيرا من المصانع الصغيرة استفاد من هذه المبادرة، حيث ان الاتحاد وضع خطة لهذه المصانع العائدة إلى الصف أن تسرع بتطوير معداتها من خلال شراء التكنولوجيات الحديثة بقروض المبادرة التى أطلقها البنك المركزى بتكليفات من الرئيس السيسي، وهى توفير قروض لهذه المصانع بفائدة ميسرة 5% متناقصة سنوياً، وهذه المصانع بعد تحديث معداتها يمكن ان تعمل فى المناطق الصناعية المتخصصة كمصانع مغذية للشركات الكبري، كما هى الحال فى المدن الصناعية بالإسكندرية ودمياط والروبيكى للجلود بغرض تعميق الصناعة المصرية ومساعدة هذه المصانع الصغيرة على تسويق منتجاتها وتطوير معداتها، وان تكون أسعارها منافسة وبجودة عالية، بل ان المصانع الكبيرة يمكن أن تنقل إلى هذه المصانع المغذية كل أنواع التكنولوجيات الحديثة التى تحتاجها فى إدارة أنشطتها. 95% من المشروعات صغيرة ومتوسطة وأشاد أعضاء البرلمان بهذه المبادرات التى تدفع عجلة الاقتصاد للتنامي، كما يقول د. مدحت الشريف عضو اللجنة الاقتصادية، لأن معظم الشركات التى استفادت من هذه المبادرات التى أطلقها الرئيس السيسي، تندرج تحت تصنيف المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التى تكون أكثر تأثراً بالمتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية، لذا فإنه كان أكثر المطالبين بإنشاء جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذى أنشئ أخيراً، ويتبع مجلس الوزراء حالياً، مع ضرورة أن يتم إنشاء صندوق سيادى لمواجهة المخاطر التى تهدد مسيرة مثل هذه المشروعات التى تصل نسبتها الى 95% من المشروعات العاملة فى السوق، بل ان هذا الصندوق يلعب دوراً كبيراً فى عملية الدمج التدريجية لمشروعات ومصانع الاقتصاد غير الرسمى التى تخشى الاندماج فى المنظومة الرسمية لضآلة إمكاناتها المادية وضعف تكوينها الانتاجى والاقتصادي.