تصدرت مصر فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى حركة الفن التشكيلى على مستوى الوطن العربى والعالم وشكلت آنذاك قبلة فنية يقصدها كل مبدعى الفن التشكيلى لكن سرعان ما تراجعت تلك الحركة بفعل عوامل كثيرة لعل أهمها قلة مراكز الإشعاع الفنى التى كانت تحتضن المواهب الفنية الصغيرة لتصنع منهم نواة مستقبلية تحمل مشعل هذا الفن. ............................. جريده الأهرام أخذت على عاتقها منذ زمن طويل احتضان المواهب الشابة فى كل مجالات الفن والإبداع وفتحت أبوابها لكل المبدعين من كل أنحاء الوطن العربى لعرض مواهبهم وإظهارها للنور تجلى ذلك فى استضافتها معرض «دافنشى الخامس» الذى أقيم بقاعة الفنون بالجريدة الذى احتضن أكثر من 70 فنانا من صغار السن. «الأهرام» التقت الفنان تامر فتحى يونس الشهير «بتامر دافنشى» منظم المعرض للتعرف على إبداعات المشاركين.. فى البداية يقول تامر دافنشى: فكرة هذا المعرض تقوم على العرفان بالجميل أو رد الجميل لوالدى الذى منحنى الثقة فى نفسى وكرث كل جهوده كى أصبح من عشاق الفن التشكيلى ومن هنا قررت ان يكون معرضى الخامس فرصة حقيقية لكل مبدع صغير يبحث عن طاقة نور لموهبته الفنية. المعرض يضم 120 عملا فنيا قام بإبداعه 95 فنانا أصغرهم 12 عاما وأكبرهم 20 عاما والأعمال الفنية تنوعت بين أعمال الكولاج والزيت والاكليرك والفحم والقمح. من المواهب التى لفتت الأنظار الفنان محمد الفقى الذى لم يتجاوز عمره العشرين عاما والذى قدم عملا فنيا عبارة عن لوحة للمناضل جيفارا صممها بحبات القمح. المواهب فى هذا المعرض لا تنتهى بل تؤكد ان مصر مازالت تقطر عشقا وإبداعا للفن التشكيلى «الأهرام» التقت الطفل محمد وليد السيد الطالب بالصف الثانى الإعدادى الذى كان يقف بجوار لوحاته بكل فخر وحماس كى يشرح للزائرين عن مكنونات لوحاته الفنية وما تفيض به من إبداع. ويقول عندما كنت فى الثالثة من عمرى أحسست برغبة شديدة فى التعبير عما يجول فى نفسى من أحاسيس ومشاعر بالرسم وصنع الأشكال الفنية فكنت أقوم بتجميع أغطية المشروبات الغازية وأصنع منها أشكالا فنية، بل كنت أحرص على انتقاء بعض قطع الحجارة والزلط كى أصنع منها مجسمات للأهرامات او أشكال فنية لمبان تاريخية. يضيف المبدع الصغير الفضل الأول فى ظهور موهبتى بهذا الشكل يرجع إلى أمى التى كانت تدعمنى بكل ما لديها من أموال وكلمات تشجيع فهى جمهورى الأول الذى أخذ بيدى إلى النور. وعندما وصلت إلى المرحلة الابتدائية قررت أن أطور موهبتى واتجهت إلى تجسيد الشخصيات الكرتونية المحببة إلى نفسى باستخدام الصلصال. ثم اتجهت بعد ذلك إلى تجسيد الأعمال الفنية التى تعتمد على فكرة الخداع البصرى والتى كانت تلقى إعجابا واستحسانا من أصدقائى فى المدرسة. ولفت انتباهى إلى أن هذا الطفل قد اغرورقت عيناه بالدموع وهو يقف أمام صورة قد رسمها لوجه طفلة صغيرة وعندما سألته عن سبب تأثره بهذه اللوحة أجاب: هذه لوحة تجسد وجه ابنة مدرس اللغة الانجليزية الذى أكن له كل الحب والاحترام والتى توفيت على اثر إصابتها بالمرض العين فقررت أن أشاركه أحزانه بهذه اللوحة. والطفل المبدع أصر على اصطحابى لمشاهدة لوحة يقول انه يشعر بالفخر انه استطاع ان ينجزها فى وقت قياسى المفاجأة أنها كانت لشارع المعز الذى يقول انه قد استشعر هيبة وعراقة مصر القديمة عند زيارته لهذا الشارع فى احدى جولاته مع والدته فقرر ان يعبر عن هذا الإحساس بالرسم. التقينا السيدة نهى سويلم والدة المبدع الصغير كى نتعرف منها على البدايات الأولى له لكن هذه المرة بعين الأم تقول: منذ البداية أحسست ان محمد لديه موهبة حقيقية فهو لم يكن مثل اقرانه يحب اللعب فقط كان حريصا على تجميع اى شىء أمامه كى يصنع به شكلا فنيا يدخل به البهجة على المحيطين حوله فكنت أحضر له كتب تعليم الرسم والألوان لدرجة أننى قد خصصت له ركنا خاصا به داخل المنزل بمثابة مرسم صغير كى يستطيع أن يجد فيه ما ينمى موهبته الفنية وكنت أقوم بعرض لوحاته الفنية داخل المنزل وادعوا أقاربى وجيرانى وأصدقائى لمشاهدة تلك اللوحات وكان ذلك احد أهم المحفزات لابنى كى يستمر فى موهبته الفنية. وتقول السيدة نهى سويلم: طوال الوقت وأنا أبحث عن متنفس لإظهار موهبة ابنى حتى علمت بمبادرة «من النهاردة مصرى» والتى تتبنى المواهب الصغيرة فى كل مجالات الفن والإبداع كى يقوموا بعرض أنشطتهم الفنية لدرجة أن الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى قد أشادت بموهبة محمد وقررت أن تدعوه للمشاركة فى معرض الحرف اليدوية الذى أقيم العام الماضى، وفى هذا المعرض تمكن ابنى من رسم بورتريه للمهندس شريف إسماعيل وتضيف: لا أمارس عليه اى ضغوط اجتماعية كما يفعل معظم الآباء والأمهات، فأنا أتمنى له ما يريده هو فقط وأنا حارسة أحلامه ومواهبه.