وسط تحذيرات من إيجاد فراغ سياسى وعسكرى، وانتعاش تنظيم «داعش» وحشد تركيا لقواتها على الحدود السورية، أثار قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المباغت بسحب القوات الأمريكية من سوريا وإعلانه دحر تنظيم داعش الإرهابى عاصفة من ردود الأفعال ، ففى وقت توعد وزير الدفاع التركى خلوصى أكار بدفن المسلحين الأكراد فى «خنادقهم»، هددت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بسحب جميع عناصرها من الحملة ضد التنظيم المتطرف والدفع بهم لخطوط المواجهة مع تركيا، وأكدت أن القرار سيسمح للتنظيم «بالانتعاش»، بينما اعتبرت لندن أن الحرب على داعش لم تنته بعد، وأكدت فرنسا التزامها عسكريا فى سوريا. وقالت قوات سوريا الديمقراطية التى تعد وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقرى فى بيان أمس إن سحب القوات والمسئولين الأمريكيين من منطقتها سيكون له «تداعيات خطيرة» على الاستقرار العالمى. معتبرة أنه سيؤدى إلى خلق فراغ سياسى وعسكرى فى المنطقة وترك شعوبها بين مخالب القوى والجهات المعادية. من جانبه، كشف المرصد السورى لحقوق الإنسان عن عقد اجتماع طارئ مطول للقيادتين السياسية والعسكرية لمنطقة شرق الفرات ،موضحا أن قيادة قوات سوريا الديمقراطية تعتزم فى حال بدء العملية العسكرية التركية، التى يجرى التلويح بها فى الشريط الحدودى ما بين نهرى دجلة والفرات ومنطقة منبج، سحب جميع مقاتليها من الجبهات والدفع بهذه القوات إلى خطوط المواجهة مع القوات التركية. وفى وقت تواصل فيه أنقرة الحشد العسكرى والإعلامى لحملة عسكرية كبرى، قال وزير الدفاع التركى خلوصى أكار إن المسلحين الأكراد شرق الفرات فى سوريا «سيدفنون فى خنادقهم فى الوقت المناسب». وبالتوازى مع التهديدات التركية، نقلت وكالة الأناضول عن مصادر عسكرية إرسال الجيش تعزيزات جديدة نحو وحداته قرب الحدود مع سوريا، جنوبى البلاد. وقد شكل القرار الأمريكى فرصة نادرة لإعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين اتفاقه مع نظيره دونالد ترامب، وفى مؤتمره السنوى الكبير أكد الرئيس الروسى أن القرار «صائب»، مضيفا أن موسكو لم تر بعد ما يشير إلى بدء هذا الانسحاب. وتابع بوتين «بالنسبة للانتصار على تنظيم داعش بشكل عام أنا أتفق مع الرئيس الأمريكى»، مضيفا «لقد سددنا ضربات قوية للتنظيم فى سوريا». إلا أنه شكك فى تصرفات واشنطن، وقال «لم نر اى مؤشرات على سحب القوات الأمريكية بعد، ولكننى أقر بأن ذلك ممكن». وفى لندن، اعتبرت وزارة الخارجية البريطانية أن تنظيم داعش الإرهابى لم يُهزم، وقال ناطق باسم الوزارة فى بيان إن «التحالف الدولى ضد داعش أحرز تقدما كبيرا، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل ويجب ألا نغفل عن التهديد الذى يشكله. حتى بدون أرض، لا يزال داعش يشكل تهديدا».كما عبر وزير الدفاع البريطانى توبياس الوود عن معارضته القرار. وقال «لا أتفق البتة مع ذلك. الأمر تحول الى أشكال أخرى من التطرف والتهديد مازال ماثلاً بقوة». كما أعلنت الوزيرة الفرنسية للشئون الأوروبية ناتالى لوازو أمس أن «الحرب ضد الارهاب لم تنته»، وشددت على أن فرنسا «تبقى» ملتزمة عسكريا فى سوريا .وقالت إن الحرب ضد الإرهاب حققت تقدما كبيراً. وقالت الوزيرة لشبكة «سى نيوز» ردا على سؤال حول قرار الانسحاب الأمريكى «فى الوقت الراهن، نبقى فى سوريا». وفى وقت كشفت فيه صحيفة التايمز البريطانية أن لندن لم تبلغ مسبقا بقرار ترامب، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو أن بلاده تبلغت القرار مسبقا. ونقلت هيئة البث الإسرائيلى عنه القول :«إسرائيل ستواصل الحفاظ على أمنها والدفاع عن نفسها على الساحة السورية حتى بعد انسحاب القوات الأمريكية منها». ومن جانبه ،أقر أمس مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا ستافان دى ميستورا أمام مجلس الأمن الدولى بأنه فشل فى تشكيل لجنة مكلفة صياغة دستور جديد لسوريا قبل نهاية العام.وقال دى ميستورا «كدنا ننهى العمل لتشكيل» لجنة، «ولكن ينبغى القيام بالمزيد»، لافتا إلى مشكلات مع قائمة أسماء طرحتها دمشق،معربا عن أسفه الشديد لعدم إنجاز العمل».