تنشغل الجماهير لاعتبارات نفسية واجتماعية وثقافية بأخبار كرة القدم، ويتعزز هذا الانشغال بحرص وسائل الإعلام على تخصيص حيز غير محدود لهذه الأخبار، وفقا لمعايير ثقافة شعبية أكثر منها رياضية، خصوصا فيما يتعلق بصفقات بيع وشراء لاعبى الدورى الممتاز، أو إقالة واستقدام مدربين، أو حصاد النقاط والمبالغ التى تحققها الأندية من المباريات، أو إصابة عضلات اللاعبين، ومسلك المشجعين الانفعالي، وجدل أفراد جهاز التدريب لتبرير نتائج المباريات، ولا يغيب عن إدراك العامة تجاوز كرة القدم بعدها الرياضى التربوى والعلمى بعد أن طغت عليها عوائد بورصة الاحتراف وملايين ربحيتها، سواء للاعبين أو للأندية، وهو ما اتجهت معه كرة القدم إلى أن تكون صناعة لتلبية احتياجات الانفعال الجماهيري، والاحتياج المادى للأندية ليعلو صوت ودور الاحتراف، ويهمش دور الأندية الرياضية كمنظومة اجتماعية تعمل على تعزيز الدور التربوى للرياضة، سواء أكان للمنافسة الشريفة لغرس قيم الجد والالتزام والمثابرة فى الحياة، أو لمجال المتعة والترويح الصحى والنفسى للمواطنين.. وفى خضم هذا الزخم الكروى تكتب الصحف من حين إلى آخر عن مدرب الأحمال كأحد أعضاء جهاز التدريب لفريق الدورى الممتاز، ويتعلق الانطباع العام عن مهام مدرب الأحمال بدوره فى تنمية تحمل اللاعبين الإجهاد البدني، وحمايتهم من إصابة العضلات التى قد تلحق بهم فى أثناء التدريب والمباريات، وأضيف إلى ذلك ما يلي: إن نوعية الأداء المهارى المميز للاعب كرة القدم المحترف تحدده خصائصه الذاتية والعصبية العضلية الموروثة، وأن التدريب الكروى الصحيح ينميها ولا ينشئها، وهذه هى المهمة الأساسية للمدرب الفني. إن ثبات استخدام اللاعب مهاراته العضلية، وعدم تذبذبها فى أثناء المباراة، مرهون بوفرة سعة لياقته البدنية، وهذه مسئولية جهاز التدريب كله. إن إعداد برنامج تدريبى لتنمية اللياقة البدنية للاعب مسئولية مشتركة بين المدرب الفنى ومدرب الأحمال، فى ضوء معطيات كفاءة أجهزة الجسم المعنية لللاعب التى أعدها طبيب متخصص فى طب الأداء (الطب الرياضي) واللازمة لتحديد «كمية » عناصر هذا البرنامج من سرعة، وقوة وقدرة تحمل ومرونة وتوافق حركى والتى تسمى فى مجملها «الحمل التدريبي» أو تجاوزا «جرعة التدريب»، لتأكيد ضرورة دقة هذه الجرعة التدريبية لكل لاعب، نوعا وكما، شأنها شأن الدواء إذا ازداد أحدث آثارا جانبية (دلالات بيولوجية، دلالات مهارية)، وإذا قل وهنت فاعليته، وننوه هنا إلى أن خصائص اللاعب، وأنماط سلوكه فى حياته الخاصة تلعب دورا مؤثرا فى مسألة تنمية لياقته البدنية والمحافظة عليها. إن التحديد الدقيق لجرعة التدريب (الحمل التدريبي) تتحدد وفقا لنوعية ومقدار المعطيات البيولوجية للجهاز الدورى التنفسي، والتمثيل الغذائي، والعصبى العضلي، والتى يتولى قياسها طبيب متخصص فى «طب الأداء» بواسطة أجهزة «معمل قياسات طب الأداء البدني» الذى يتعين توافره لجميع لاعبى مسابقات «الأداء الرفيع» باختلاف أنواعها، وينبغى الإشارة إلى أن المدرب المؤهل الحاذق، يكتسب بالممارسة مهارة تقدير حسى (غير قياسي) لتحديد جرعة التدريب. إن التخطيط الصحيح للحمل التدريبى والالتزام الفعلى من اللاعب بتنفيذه هو الذى سيمكنه من الأداء المهارى والبدنى العالى طوال وقت المباراة (الأصلى والإضافي) إذا استدعت النتيجة ذلك، دون حدوث تغير ملحوظ فى الأداء أو الجهد أو حدوث إحدى إصابات الأداء فى العضلات أو مكونات المفاصل. د. محمد عبد الرحمن العبد طب الإسكندرية