في الستينيات والسبعينيات كان نصيب المواطن المصري من الأرض الزراعية 2.5 فدان، ومؤخراً أصبح نصيب المواطن 2 قيراط فقط، يزرع إحداهما ويريد البناء على الآخر من أجل سكن أولاده وأحفاده .. المتوسط العالمي لنصيب الفرد من الأرض الزراعية يصل إلى أكثر من 12 قيراطا.. كنا نمتلك أخصب وأجود أراضي الدلتا تضاءلت عام بعد عام. خلال السنوات العشر الماضية تم تنفيذ مايقرب من 15 ألف مشروعاً قومياً ولو تخيلنا أن هناك جائزة أوسكار للمشروعات القومية فستذهب حتماً لمشروع مستقبل مصر الذي قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بافتتاح المرحلة الأولى من موسم حصاده أمس الاول. المشروع ينطلق من طموح كبير واستراتيجيته متكاملة.. لكن لماذا الأوسكار لهذا المشروع تحديداً ؟..لأن من لا يملك قوته لا يملك قراره والمشروع نجح -فعليا- فى تحقيق زيادة في فائض السلع الزراعية وتحسين جودتها، إلى جانب زيادة حجم الصادرات الزراعية إلى 15 ٪ في الوقت الذي يضم فيه هذا القطاع حاليا 23 ٪ من الأيدي العاملة وستزيد سنويًا وحقق هذا القطاع السنة الماضية 9 مليارات دولار وهو بذلك يعد ثاني أكبر مورد للدولار من الصادرات المصرية للحاصلات الزراعية والتصنيع الزراعي . العالم أجمع أصبح ينظر إلى مسألة تأمين الأمن الغذائي بشكل لا تهاون فيه. مصر في الجمهورية الجديدة فعلت الكثير لخوض غمار مجال استصلاح الصحراء الصعب من خلال وحصر وتصنيف التربة، وإعداد البنية التحتية اللازمة، وتوفير الترع الداخلية ومحطات الرفع، وإنشاء مناطق للصناعات الغذائية، الأهم من كل ذلك تطوير أساليب الري بشكل شامل. مشروع مستقبل مصر تم إطلاقه منذ عامين فقط وتحديداً مايو 2022 ضمن مخطط الدولة لإضافة 4 ملايين فدان جديدة إلى الرقعة الزراعية الحالية بحلول 2027م ، حققنا منها حتى العام الحالى 800 ألف فدان وستضاعف العام القادم الى 1.6 مليون فدان.. التمهيد لهذا المشروع العملاق كانت بعمل البنية التحتية لمحور روض الفرج وكوبرى تحيا مصر المعلق على النيل وشبكة طرق رئيسة تمتد حتى 370 كم و 440 كم طرق فرعية وهذا يجيب على التساؤل الذي يردده البعض بحسن نية أو بدون .. هل سيأكل الشعب طرقًا وكباري؟.. نعم تنمية الطرق تصنع الطعام وتوفر القوت وتصل بك إلى عمق الصحراء لإنشاء واحد من أضخم المشاريع العملاقة المتكاملة التى لا تستهدف زيادة الرقعة الزراعية بل تشمل مشروعات للتصنيع الزراعي والإنتاج الحيواني ومشروعات لتعظيم الاستفادة من المخلفات الزراعية ومعامل بحوث زراعية وحيوانية وبورصة سلعية وتوفر فرص عمل كبيرة . 30 دقيقة عن مدينة السادس من أكتوبر كفيلة أن تضعك على طريق الضبعة لترى بعينك روعة هذا المشروع العملاق .. المساحات الخضراء على مدى النظر لا تنتهي .. بوابات المشروع بعضها تحمل أسماء الدول العربية في لفتة تشير إلى أن ذلك المشروع ليس لتحقيق الأمن الغذائي المصري بل الأمن الغذائي لمختلف الدول العربية. باختصار، مشروع مستقبل مصر إحدى المشروعات القومية التي تأتي في أهميتها بعد مشروع السد العالي العظيم فهي تعظم من هدف تعزيز القدرة الزراعية للبلاد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وتحسين التقنيات الزراعية و البحث العلمي.