فى مسعى لاحتواء الغضب الاجتماعى الذى اجتاح البلاد أخيرا، أعلن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون حزمة من الإجراءات المالية والاجتماعية لمساعدة ذوى الدخول المحدودة، مؤكدا أن الأحداث الأخيرة وضعت البلاد فى أزمة، وأن العنف والشغب لا يمكن أن يبررا. وقال ماكرون فى خطاب موجه للشعب الفرنسى مساء أمس، إن «العام المقبل سيشهد زيادة فى الحد الأدنى للأجور قدره 100 يورو»، إضافة إلى «اتخاذ تدابير عاجلة لمساعدة من يتقاضون أقل من ألفى يورو». ووعد الرئيس الفرنسى بإجراء إصلاحات عميقة للنظام الضريبى «حتى يكون قادرا على مساعدة من يتقاضون أجورا ضعيفة». وأقر ماكرون بمسئوليته فى «إثارة مشاعر الغضب لدى المحتجين»، موضحا أن بلاده «تعيش حالة طوارئ اقتصادية واجتماعية». وقدم اعتذاره للشعب الفرنسى قائلا: «أدرك أننى جرحت البعض من خلال تصريحاتى وأؤمن بقوة بأنه يمكننا إيجاد حل». وكان ماكرون قد عقد - قبيل خطابه - «اجتماع أزمة» مع عدد كبير من وزراء حكومته وممثلين للنقابات العمالية وقطاع الموظفين بمقر قصر الإليزية لمناقشة سبل احتواء احتجاجات «السترات الصفراء» والأزمات المترتبة على استمرارها منذ أكثر من شهر. وعقد ماكرون اجتماع الأزمة بالإليزيه بمشاركة مسئولى البلديات المحلية بعد تصاعد مطالب مختلف التيارات السياسية بالمجتمع الفرنسى للتعامل مع حركة احتجاجات «السترات الصفراء» والتى بدأت مظاهراتها رسميا فى 17 نوفمبر الماضى ردا على ما تم اعتباره أنه سياسات حكومية مؤيدة للشرائح الأكثر ثراء. وحول الفاتورة الاقتصادية لتوالى احتجاجات «السترات الصفراء»، أكدت كريستين لاجارد، مديرة صندوق النقد الدولي، أن عواقب موجة الاحتجاجات وما تخللها من أعمال عنف ونهب ستكون سلبية على الاقتصاد الفرنسي. وأعربت المسئولة الدولية فى تصريحات لقناة «سي.بي.أس» التلفزيونية عن رأيها أن حل أزمة فرنسا الحالية يكمن فى الحوار الفعال بين الأطراف المعنية، وكشف البنك المركزى الفرنسى أمس عن توقعاته بأن يحقق الاقتصاد الفرنسي، والذى يعتبر ثانى أكبر اقتصاد على مستوى منطقة اليورو نموا بنسبة لا تتجاوز 0.2% خلال الربع الأخير من العام الجاري، وذلك بانخفاض كبير عن التقديرات الأولية والتى توقعت أن يصل النمو إلى 0.4%. وكان برونو لومير، وزير المالية الفرنسي، قد أكد ضرورة أن يعمل ماكرون على توحيد البلاد المنقسمة ووضع حد للاحتجاجات التى وصفها بأنها «كارثة» بالنسبة لاقتصاد فرنسا. وتجنب لومير الإفصاح عن توقعات بشأن معدلات النمو الاقتصادى السنوى خلال 2018، وإن اعترف بأن احتجاجات «السترات الصفراء» تضر بصورة فرنسا كوجهة للاستثمارات الأجنبية، وتوقع تراجع إجمالى الناتج المحلى خلال الربع الأخير من العام الجارى بما لا يقل عن 0.1 %. وفى غضون ذلك، نقل موقع « بلومبيرج» الاقتصادى عن اتحاد متاجر التجزئة فى فرنسا تأكيداته بأن خسائر هذا القطاع بسبب موجة الاحتجاجات الأخيرة قد وصلت مليار يورو حتى الآن، وردا على اتهامات بتورطها فى تأجيج أزمة «السترات» الفرنسية، أكد ديمترى بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أن أى إدعاءات حول تورط بلاده فى موجة احتجاجات فرنسا الأخيرة لا تزيد عن كونها افتراءات. وأكد بيسكوف ردا على أسئلة الصحفيين «لم ولن نتدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة، بما فى ذلك فرنسا». وكان وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان قد صرح بأن الأمانة العامة للدفاع والأمن الوطنى فى فرنسا قد بدأت تحقيقا بشأن انتشار أكثر من 200 حساب وهمى عبر مواقع التواصل الإجتماعى لنشر معلومات مغلوطة حول احتجاجات «السترات الصفراء» والتضخيم من حجمها. ووفقا للتقارير الواردة، فأن المؤشرات الأولية لهذه التحقيقات كشفت عن تورط جهات روسية وراء هذه الحسابات.