تابعت بفخر افتتاح معرض الأمن والدفاع الأول فى مصرإيديكس 2018، والذى يعقد بمشاركة 373 شركة تعرض منتجات 41 دولة من جميع أنحاء العالم، وحضور عشرة من وزراء الدفاع ورؤساء الأركان ينتمون للعديد من الدول العربية والأوروبية والإفريقية، لتعكس المكانة التى تتمتع بها الصناعات العسكرية المصرية على المستويين الإقليمى والدولى، فقد كانت مشاركات مصر فى المعارض الدولية محدودة فى ظل ارتفاع تكاليف نقل الأسلحة والمعدات العسكرية، فى حين جاءت المعروضات فى الجناح المصرى بما فيها القسم المعنى بمكافحة الإرهاب، معبرة بشكل كبير عن طبيعة المخاطر والتهديدات المستحدثة التى يواجهها السلم والأمن الدوليان، ومن ثم حظيت بمتابعة دولية واسعة فى النشرات الإخبارية المتخصصة فى شئون الأمن والدفاع، وتتنوع مقومات التصنيع العسكرى فى مصر بين مقومات فنية وإدارية وسياسية، وقاعدة صناعية تتكون من الهيئة القومية للإنتاج الحربى، وتضم ستة عشر مصنعاً، والهيئة العربية للتصنيع وتمتلك تسع وحدات إنتاجية وثلاث شركات، إضافة إلى شركتين تابعتين لجهاز الخدمة الوطنية، وكذا الورش الرئيسية بالهيئات والإدارات التخصصية بالقوات المسلحة، وهى تشكل منظومة متكاملة يمكن توظيفها سواء لتوفير القدرات الذاتية للجيوش والمؤسسات العسكرية والأمنية العربية، أو لدعم قدرات الدول الإفريقية على مواجهة المخاطر والتهديدات التى تتعرض لها شعوبها. وترتبط الصناعات العسكرية بالأمن القومى للدولة لقدرتها على تلبية الاحتياجات الرئيسية للقوات المسلحة، ومن ثم زيادة القدرة العسكرية للدولة للحفاظ على الأمن القومى وتحرير القرار السياسى من الضغوط الخارجية أو التبعية للدول الكبرى نتيجة صفقات السلاح، سواء عسكريا بالحفاظ على التوازن العسكرى وتخفيض نفقات الدفاع وتجديد مخزون القوات المسلحة باستمرار مع تطوير المنتج الحربى ليناسب ظروف الاستخدام المحلى، أو اقتصاديا من خلال توفير فرص عمل وتشغيل أيد عاملة وتوفير العملات الأجنبية التى كانت ستنفق على استيراد الأسلحة والمعدات الحربية من الخارج، إضافة إلى تصدير الفائض من الإنتاج الحربى مما يسهم إسهاما كبيرا فى زيادة الناتج القومى، فضلا عن ارتفاع المستوى الفنى للعاملين فى مجال التصنيع الحربي. إن قيام قاعدة صناعية عسكرية متطورة ينهى عوامل الضعف فى بنية القوة العسكرية المتمثل فى التفوق التكنولوجى لمنظومة التسليح لبعض دول الإقليم (إسرائيل -إيران -تركيا) والاعتماد على الخارج لتزويد دول المنطقة بأدوات الحرب الرئيسية، إنما يتطلب تحرير إرادتها من التبعية لمصدرى السلاح، إضافة لتنمية الصناعة والبحث العلمى وخلق كوادر فنية، مع العمل على تكامل الجهود العربية (الإمكانيات الفنية - الموارد المالية- المواد الأولية- مستلزمات الإنتاج)، وذلك لتطوير وتحديث القاعدة العلمية والتكنولوجية المشتركة، وإحياء دور الهيئة العربية للتصنيع وتطويرها، وتشجيع رأس المال العربى للاستثمار فى مجال الإنتاج العسكرى، مع إمكانية تأسيس تعاون عربى مشترك بين بعض الدول العربية التى تتوافر لها القاعدة التكنولوجية والإمكانيات (الإمارات والسعودية)، فضلاً عن استثمار فرصة رئاسة مصر الاتحاد الإفريقى اعتبارا من بداية العام المقبل، لمساعدة الدول الإفريقية على زيادة معدلات التنمية، وتعزيز التعاون المشترك بين الدول العربية والإفريقية بحيث يمكن استيراد بعض مستلزمات الإنتاج من هذه الدول، وكذلك الاستفادة المتبادلة باعتبارها سوقاً كبيرة للمنتجات العسكرية، والاستغلال الأمثل لأهداف منظمة التجارة العالمية بما تحققه من نقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة للدول النامية، والاستفادة من التبادل التجارى بين دول العالم. وإذا كانت الدول العربية جادة فى إقامة التحالف العسكرى والأمنى الذى تم التوافق عليه فى القمة الرابعة عشرة لحوار المنامة (البحرين 26 - 28/10/ 2018 ) ويضم دول الخليج ومصر والأردن، والذى تخطط الولاياتالمتحدة لتدشينه العام المقبل باسم MESA فينبغى على الدول العربية إدراك طبيعة التحديات الدولية التى تواجه فرص امتلاكها لهذه التكنولوجيا، سواء لاحتكار القوى الدولية الفاعلة لها وتشديد الحظر المفروض على نقلها، أو لحرص بعض القوى الدولية خاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية على ترسيخ الخلل فى موازين القوى لمصلحة إسرائيل، الأمر الذى يتطلب مزيدا من التنسيق والتكامل العربى فى هذا المجال المهم للأمن القومى العربى للتغلب على الفجوة التكنولوجية بين الدول العربية وكل من اسرائيل وإيرانوتركيا من خلال زيادة الانفاق العسكرى فى مجال البحث والتطوير وتوجيه البحث العلمى، سواء فى مجال البحوث العسكرية أو الفنية لبناء قاعدة متكاملة للصناعات العسكرية والتكنولوجية فى الدول العربية لاستحداث كيان عربى موحد يخدم الصناعات الحربية وعلوم الفضاء، لتعزيز قدرتها على مواجهة الأسلحة المتطورة تكنولوجيا، وكذا التحديات والمخاطر المشتركة، بالتوازى مع تنويع مصادر السلاح، ومواصلة التعاون مع القوى الدولية الكبرى للحفاظ على التوازن العسكرى فى منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز العلاقات والتعاون المشترك مع الدول العربية الشقيقة والدول الإفريقية الصديقة لمصلحة تكامل الإنتاج العسكرى بين الدول وبعضها، وتدبير مستلزمات الإنتاج التى تحتاجها تلك الصناعات. لمزيد من مقالات ◀ لواء. محمد عبدالمقصود