تعتبر عملية التربية من أعقد العمليات التى يقوم بها الوالدان وفيها يختلط مفهوم التأديب والعقاب عند كثيرين كما يقول د.محمد المهدى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، والحقيقة أن التأديب هو أى سلوك يقوم به الكبار مع الصغار لتوجيههم، وبهذا المفهوم يكون للتأديب مفهوم أوسع وأشمل من العقاب. وللتأديب نماذج وطرق فمنها التأديب المتساهل وينتج غالبا عن أحد الوالدين أو كليهما ويقصد به ترك الصغار يفعلون ما يحلو لهم دون توجيه، ومن مزايا ذلك أن الصغار ينشأون معتزين بأنفسهم يتحلون بالشجاعة والكبرياء لكن لهذه الطريقة فى التربية مساوئ إذ إنها لا تعلم الصغير الضوابط الواجب اتباعها فى الحياة، وهذا يشكل خطرا كبيرا على مستقبل الصغار حيث إنه يمنع اكتمال عملية النضج. أما الطريق الثانى من طرق التربية فهو النظام الصارم القاسى الذى لا يترك صغيرة او كبيرة دون أن يحكم عليها ويتحكم فيها وهذا النظام قد تنتهجه كثير من الأمهات، ومن عيوبه أنه يجعل الصغار يتصفون بالقهر والجبن ويفتقدون الإحساس بالكرامة ولا يشعرون بوجودهم وتميزهم، وقد ينتهى الأمر بهذا الصغير المقهور الى تقمص شخصية القاهر الصارم فيمارسها مع إخوته الأصغر. وهناك قواعد للتأديب منها الثبات والاتساق، فإذا أقرت الأسرة قاعدة أو قانونا معينا ملزما لأهل البيت فلابد للجميع من الالتزام به مثلا تحديد موعد للنوم مبكرا فينبغى على كل الأسرة أن تنصاع لهذه القاعدة، والانتقال التدريجى بالصغار، فهم لا يعرفون إلا مبدأ اللذة قى اختياراتهم، أما الكبار فيفعلون ما يفيدهم حتى وإن كان مقرونا بالألم، وعلى الوالدين أن يساعدا الصغير على الانتقال التدريجى فى الوقت والأهداف وتخطئ الأمهات والآباء الذين يبكرون فى تحميل الطفل مسئوليات كالبالغ لأنهم يحرمونه بذلك من النضج التدريجى اللازم للسلامة النفسية. وإعطاء الطفل فرصة للتغيير والنمو بهدوء دون تعليق على كل صغيرة وكبيرة تخصه، أما أهم قاعدة فهى حب الطفل للمربى فهذا الحب هو ما يضمن التزام الطفل بالأوامر التى تعطى له فإذا انعدم الحب صار الصغير عنيدا. ويقول د. المهدى إن التربية لا ينفع فيها قاعدة ثابتة، أما أقوى وسائل التربية فهى القدوة وهى أسهل وسيلة فإن نجحت لن نحتاج لوسائل أخرى للتربية.. أما الوسيلة الثانية فهى الثواب ويقصد بها المكافأة والتشجيع سواء كانت المكافأة مادية او معنوية والمكافآت المعنوية أفضل، فإذا سبقت المكافأة الفعل الجيد صارت رشوه وليست مكافأة. وأخيرا يأتى العقاب وآخره الضرب الذى ينصح الأطباء النفسيون بتجنبه مطلقا لأنه يسبب المرض النفسى، فالعقاب يجب أن يكون تربويا وقد يكون بنظرة اعتراض، او نظرة لوم وعتاب، او انتقاد, او توبيخ, او حرمان الطفل من أشياء يحبها مثل الخروج او اللعب على أن يكون ذلك لوقت محدد ويجب عدم الانتباه للطفل إذا تظاهر باللامبالاة من العقاب لأن الحقيقة تكون أنه يعى تماما عقابه ويندم على خطئه.