قبل40عاما وقعت «مجزة إهدن» التي راح ضحيتها زعيم ميليشيا المردة طوني فرنجية وزوجته وطفلته برصاص قوات سمير جعجع الذي كان منخرطا وقتها في حزب الكتائب اللبنانية،بينما كان الطفل سليمان فرنجية في بيت جده الرئيس اللبناني الأسبق سليمان فرنجية في 13يونيو1978،هو الوحيد الذي نجا من المجزرة،ومنذ ذلك التاريخ وهناك خصومة دم وثأر بين جعجع الذي انفصل عن حزب الكتائب اللبنانية وأسس القوات اللبنانية، وبين سليمان فرنجية زعيم تيار المردة. 40عاما والنار في الصدور والخصومة تنمو وتكبرعلي رائحة الدم والبارود التي لم تمحها الأيام والسياسة والطائفة المارونية التي ينتمي لها جعجع وفرنجية،حتي استطاع الكاردينال الماروني البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أن يجمع الاثنين سمير جعجع وسليمان فرنجية زعيم تيار المردة الحالي في مصالحة تاريخية وسلام بالأيدي. ومجزرة إهدن, هو الاسم الذي أطلق على الهجوم الذي قامت به القوات اللبنانية على بلدة إهدن آنذاك بعد أن بلغ التوتر ذروته بين المردة وحزب الكتائب الطرفين المنتمين إلى الجبهة اللبنانية بعد تنامي الخلاف بين رئيس الجمهورية الأسبق وقتها سليمان فرنجية ،وباقي أعضاء الجبهة حول الدور السوري ،إضافة إلى التنافس التقليدي بين الفريقين، وزاد الخلاف مع محاولة بشير الجميل قائد القوات اللبنانية الهيمنة على حلفائه ودمج ميليشياتهم تحت راية القوات. وبعد تنامي المناوشات قرر الجميل الضرب بقوة وكلف سمير جعجع بالهجوم على معقل فرنجية الصيفي لكن جعجع أصيب قبل الوصول إلى إهدن فعهد إلى أحد القادة الميدانيين بالعملية، ولم يستطع المسئول الجديد السيطرة على عناصره الشرسة، مما أدى لحدوث المجزرة وتفجير الوضع بين المردة وسوريا من جهة ،والجبهة اللبنانية من جهة أخرى وكان عاملا مهما في اندلاع حرب المئة يوم في صيف 1978،خلال أوج الحرب الأهلية اللبنانية -1990:1975- التي انتهت بإقرار اتفاق الطائف. وخلال لقاء المصالحة بين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، التى جرت بمباركة من البطريرك الراعي مار بشارة بطرس الراعي، في الصرح البطريركي في «بكركي» شمال بيروت، قال البطريرك الراعي إن هذا الاجتماع هو انطلاقة لوحدتنا الوطنية الجامعة، ونحن ضد الثنائيات والثلاثيات، نحن مع الشعب ومؤسسات الدولة وهناك ثنائية واحدة هي لبنان ذو جناحين متساويين متكاملين هما الإسلام والمسيحية، وهذا هو سر لبنان بخصوصيته . وبعد لقاء ثلاثي بين جعجع وفرنجية والراعي، تلا المطران جوزيف نفاع، بيانا ختاميا مشتركا متفقا عليه بين الطرفين - جعجع وفرنجية- أعلنا من خلاله إرادتهما المشتركة للتأكيد على ضرورة حلّ الخلافات والتوجّه إلى أفق جديد. وأكد البيان المشترك بين الخصمين اللدودين أن اللقاء يأتي ترسيخا لخيار المصالحة الثابت والجامع، مشيرا إلى أن المسيحيين لن يتخطوا الواقع السلبي إلا إذا نجحوا في طي صفحة الماضي الأليم، والالتزام بالقواعد الديمقراطية في علاقاتهم السياسية. واعتبر الطرفان أن «اللقاء ينطلق من قاعدة تمسك كل طرف بقناعاته وثوابته السياسية، ولا تحمل التزامات محددة، بل هي قرار لتخطي مرحلة أليمة ووضع أسس حوار مستمر». وقبل هذه المصالحة كان البطريرك الراعي قد دعا في 2011، إلي لقاء رباعي جمع بين الزعماء الموارنة الأربعة، رئيس التيار الوطني الحر آنذاك والرئيس اللبناني الحالي العماد ميشال عون، ورئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميل، وجعجع، وفرنجية،ومنذ ذلك اللقاء ويسعي الراعي للمصالحة بين جعجع وفرنجية. ولكن جهود الراعي تعثرت منذ 2011 بعد تزايد الخلاف بين الموارنة علي منصب رئيس الجمهورية ،حيث ترشح عون للرئاسة ،وكذلك فعل جعجع،ثم ترشح سليمان فرنجية أيضا للرئاسة التي هي أصلا من نصيب المسيحيين الموارنة حسب الميثاق والعرف اللبنانيين،مما أدي إلي تشتت الشارع المسيحي بين المرشحين الثلاثة من نفس الطائفة. وازدادت حدة الاستقطاب بين الثلاثة،فكل مرشح حاول تجييش مناصريه من التيارات والأحزاب الأخري،فعون وفرنجية كانا من فريق 8آذار الذي يضم أيضا الثنائي الشيعي- حزب الله وحركة أمل- ،بينما كان جعجع هو الوحيد من الموارنة المرشح من فريق 14آذار الذي يضم الكتائب وتيار المستقبل،وكان المستقبل يؤيد جعجع للرئاسة،بينما كان الثنائي الشيعي يؤيد عون للرئاسة،وبعد ترشح فرنجية أعلن المستقبل تأييده له،فحدث انشقاق في 14آذار قاد جعجع للمصالحة والتوافق مع عون ،وتنازل جعجع لعون عن الترشح للرئاسة،مما قلل فرص فرنجية في الرئاسة،وزاد حدة الخلافات بين جعجع وفرنجية،مع مابينهما من دم وقتل في مجزرة إهدن. ثم توافق الجميع بمن فيهم الحريري علي عون رئيسا مقابل رئاسة الحريري للحكومة ،وبالفعل وصل عون لسدة الرئاسة ،ورأس الحريري الحكومة،وظلت خصومة الدم والبارود ملتهبة مابين جعجع وفرنجية ،حتي استطاع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أن يجمع بينهما الأربعاء الماضي في مصالحة تطوي صفحة الدم والثأر وتردم علي الذكريات الأليمة،وتنتصر السياسة علي رائحة الدم وقوة البارود. وقد علق رئيس الوزراء اللبناني المكلف زعيم تيار المستقبل سعد الحريري على صفحته الرسمية عبر تويتر قائلا: »المصالحة بين القوات اللبنانية وتيار المردة، صفحة بيضاء تطوي صفحات من الألم والعداء والقلق.