قبل4 سنوات كنت واحدا من الوفد الصحفي الذي رافق المهندس محمد لطفي منصور وزير النقل الأسبق إلي الصين, وكان الهدف هو فتح مجالات التعاون بقطاعات النقل كافة خاصة البحري والسكة الحديد ومترو الأنفاق. وكان الحديث في بداية الرحلة التي استمرت10 أيام يحمل آمالا عريضة ويفتح أبواب التفاؤل علي مصاريعها لإقامة شراكة مصرية صينية في مثل هذه الخدمات خاصة أنها قطعت شوطا هائلا في التقدم التكنولوجي لتحديث هذه المجالات. وتكفي الإشارة هنا فقط إلي قطاع واحد وهو السكة الحديد ومترو الأنفاق, فقد بدأت الصين إنشاء6 خطوط للمترو بالعاصمة بكين في وقت واحد حتي يتم افتتاحها قبل انطلاق دورة الألعاب الأوليمبية عام2008, وتكون بمثابة الشرايين لنقل الركاب وتخفيف حدة الزحام عن شوارع المدينة التي تعاني تكدسا هائلا في المرور بعد الانفجار الاقتصادي الذي شهدته البلاد وكان من مظاهره بطبيعة الحال مضاعفة عدد مالكي السيارات. وفي لقاء للوفد الصحفي مع السفير المصري في بكين في ذلك الوقت محمود علام, قال عبارة أظن أنه قالها في لحظة صدق عندما أشار إلي وجود لوبي مصري ضد الصين, ويضم هذا اللوبي ممثلي ووكلاء الشركات والمؤسسات الأوروبية والأمريكية من رجال الأعمال والسياسيين وصناع القرار في مصر الذين يرتبطون بعلاقات مصالح اقتصادية واستراتيجية مع الغرب. كان مضمون كلامه أن دخول الشركات الصينية خاصة في الصناعات الثقيلة والإلكترونية سوف يهز عرش هؤلاء ويهدد مصالحهم, وقد اعتبرت كلام السفير كاشفا عن سحابات كثيرة في العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين, خاصة عندما قال إن الوفود المصرية رفيعة المستوي لا تتوقف عن زيارة الصين, ولكن المحصلة في النهاية غالبا ما تكون صفرا. رؤية السفير تحولت إلي يقين بعدما عدنا من الصين بأسبوعين فقط لنفاجأ بوزارة النقل تعلن شراء80 جرارا للسكة الحديد من شركتين أمريكيتين, في صفقة تم تمويلها من قطر وليبيا, وبلغ ثمن الجرار18 مليون جنيه, في حين أن نظيره الصيني كانت مصر سوف تحصل عليه ب9 ملايين فقط, وهي صفقة مازالت تثير علامات الاستفهام حتي الآن. حرصت أن أرصد هذه التفاصيل مع الزيارة التي يقوم بها الرئيس محمد مرسي إلي الصين والتي تؤكد أن السياسة الخارجية المصرية سوف تتحرك في المرحلة المقبلة علي تحقيق التوازن في المصالح الاستراتيجية بين الشرق والغرب, خاصة أن هناك زيارة مرتقبة إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد الصين. وربما يدفعنا التفاؤل بهذه الزيارة إلي أن كثيرا من دول العالم تتعلق آمالها بالصين لإنقاذ الاقتصاد العالمي من حالة الركود والكساد بعد الانهيارات المالية التي شهدتها ومازالت تشهدها القارة الأوروبية إلي جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية, وهو ما يمكن أن يضمن لمصر مقعدا في القطار الصيني الذي ينطلق حاليا في القارة الإفريقية بصفة عامة ودول حوض النيل بصفة خاصة. وعلي سبيل المثال تقوم حاليا بتمويل مشروع لخط سكة حديد يربط بين جنوب السودان وأحد الموانئ في كينيا علي ساحل المحيط الهادي ليكون منفذا للتبادل التجاري مع العالم, وهو ما يقلل من أهمية الشمال استراتيجيا بالنسبة لها, خاصة في ضوء المشكلات المتأججة بينهما حتي بعد الانفصال. وهناك قائمة طويلة من الشركات والمشروعات التي تؤكد تغلغل المارد الصيني في إفريقيا, ويمكن للمساعي المصرية والدبلوماسية الحصول لمصر علي شراكة مع الصين تضمن لها جزءا من كحكة التنمية في إفريقيا التي سبقنا يها الأتراك منذ سنوات ونحن نغط في نوم عميق. المزيد من مقالات هانى عمارة