عانت السوق المصرية خلال الفترة الماضية نقص الأنسولين لمرضى السكر، والبنسلين أيضا، إلى جانب ألبان الأطفال المدعمة، فترة ليست بالقليلة ، حتى نجحت الحكومة فى سد ذلك العجز فى الأسواق والصيدليات ..لكن الأمر لم ينته بعد، فمازالت معاناة عدد من المرضى مستمرة ..ونشطت السوق السوداء لتعلن التحدى للمرضى « الضعفاء « لشراء العلاج بأضعاف وأضعاف ..ومن بين تلك الأدوية «الناقصة فى الأسواق « أدوية خاصة بمرضى الشلل الرعاش وعلاج بعض الأورام والسرطان والفشل الكلوى وأمصال تطعيم الأنفلونزا، وإذا نجحت الجهود فى توفيرها فترة لا تكون كبيرة، وسرعان ما تختفى وتعود الأزمة لتطل برأسها من جديد. الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان ورثت تركة ثقيلة مليئة بالتحديات تحتاج إلى تدخلات عاجلة ومن بينها «نواقص الأدوية « ، واقتحمت الوزيرة منذ أول يوم عمل ذلك الملف لتوفير الأدوية الناقصة أو إيجاد بدائل لها . يقول محمود فؤاد المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواء، إن كثيرا من دول العالم ومنها مصر عانت فى الفترات الأخيرة بعض الأزمات الدوائية بسبب نقص أو اختفاء أنواع من الأدوية الأساسية من جميع الأسواق، ويظل المريض يبحث عنه دون جدوى والسبب الرئيسى يرجع إلى عدم وجود هيئة عليا للدواء، تستطيع أن تقف فى وجه العديد من صناع الدواء فى مصر والممارسين لبعض السياسات الاحتكارية له ، فهذه الهيئة موجودة فى كثير من دول العالم، وبالتالى نستطيع تحديد الأنواع التى يحتاجها المريض إلى جانب تراجع الأسعار فى وجود هذه الهيئة لنحو 40 و50 % ، فالأسعار بمصر غير مبنية على أساس علمى ، فهل يعقل أن نجد صنفا من الدواء « المستورد» أغلى من بلد المنشأ بأضعاف وأضعاف، فالدواء هو سلعة إستراتيجية وأمن قومى . وأوضح فؤاد أن هناك بعض أنواع من الأدوية مازالت السوق تعانى نقصها أو وجودها فترة وتختفى سريعا، بالإضافة إلى انتشارها فى السوق السوداء وارتفاع سعرها بشكل جنوني، فالسوق السوداء انتعشت خلال الفترات الماضية، وهذا يؤكد ما طرحناه أن عدم وجود إدارة عليا للدواء ، وعدم وجود إدارات للتنبؤ بالأزمة سيجعل حل الأزمة مجرد «مسكنات» ، كما أن فكرة بيع الأدوية بالاسم التجارى وليس العلمى يرجع أيضا إلى ذلك ، موضحا أن هناك نحو 13 ألف صنف من الدواء مسجل رسميا فى مصر يتم تداولها بينهم3 و4 آلاف صنف أدوية قديمة ليس لها جدوي، كما يوجد نحو ألف صنف تحمل أسماء تجارية بها نقص، ولكن لها بدائل لايعرفها المريض والطبيب أحيانا، لكن الخطر الأكبر هو نقص بعض الأدوية الضرورية من السوق ويجب أن تكون لها بدائل، فمثلا دواء «سيمنت» لمرضى الشلل الرعاش به نقص شديد وهو دواء مستورد ، والبديل له»ليفوكار»، لكن الطبيب يصر على النوع الأول والمريض يظل يبحث ويعانى ولايصل إلى حل. وإذا وجده يشتريه من السوق السوداء بأسعار عالية ، وأنواع أخرى مثل أدوية أورام الكبد» ليبيدول» أمبولات وتؤخذ عند عمل أشعة « الصبغة «وصل سعرها إلى 750 جنيها لكنها ناقصة، وتباع فى السوق السوداء بنحو 3000 جنيه، وأنواع أخرى من الأدوية لمرض التصلب المتعدد»بيتافيرون»، وأمبولات أخرى لمرض الأورام، وبعض أدوية الفشل الكلوي» كيتوستريل» ظل سعره يرتفع من 220 جنيها إلى 720 جنيها، وفى السوق السوداء ب2500جنيه ،وأمبولات ال»أنتى أر اتش» للسيدات الحوامل سعرها ب750جنيها، وفى السوق السوداء 2500 جنيه، وأدوية «فاكتور» لمرضى الهيموفيليا غير موجودة. فى الوقت نفسه يرى الدكتور إيهاب الطاهر عضو مجلس نقابة الأطباء، أن أزمة نقص بعض الأدوية لن تحل، لأن التعامل مع الأزمة يكون برد الفعل بعد حدوثها، ، وقد أرسلنا لوزارة الصحة منذ فترة نطلب تشكيل لجان متخصصة لفحص تكاليف كل دواء على حدة وإعطاء هامش ربح لشركات الأدوية، إلى جانب تشجيع شركات قطاع الأعمال مرة أخرى وإعادة دورها الوطنى فى تصنيع الأدوية مع إعطاء ربح مناسب لها، مؤكدا أنه يجب على الدولة أن تتدخل لحماية المرضى وتوفير الأدوية الأساسية لهم خاصة أمراض الضغط والسكر والقلب والأورام وعدم تحميلهم أعباء إضافية بزيادة الأسعار، وقد كانت تجربة «السوفالدى « خير دليل على ذلك عندما تدخلت الدولة واستطاعت توفيره وإنتاجه بأقل الأسعار عن الخارج، ولاننسى أيضا أدوية التخدير والمحاليل.