أثارت إقالة وزير العدل جيف سيشنز حملة انتقادات ومخاوف واسعة سواء على المستوى الشعبى الأمريكى أو مستوى الحزب الديمقراطي، تحسبا لانعكاس هذه التحولات على عمل لجنة التحقيق الخاصة بشأن تدخل روسيا المحتمل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016. ففور إعلان عن خبر استقالة سيشنز، التى جاءت بناء على أوامر من الرئيس دونالد ترامب، شهد محيط البيت الأبيض مظاهرات احتجاجية على إجبار وزير العدل على مغادرة منصبه. وحمل المتظاهرون مجسمات لأحرف هجائية مزودة بالإضاءة، والتى تقول «احمى مولر»، فى إشارة إلى المحقق الخاص روبرت مولر، والمسئول عن تحقيقات التدخل الروسى المحتمل. وأعلنت عدة جهات استعدادها للدعوة لمظاهرات خلال ساعات. وكانت سارة فلوريس، المتحدثة باسم وزارة العدل، قد سارعت بتوضيح أن ماثيو ويتيكر والذى تولى مهمة القائم بأعمال وزير العدل سيشرف على تحقيق مولر، مما يعنى وقف تكليف رود روزينستين نائب وزير العدل بمهمة الإشراف، والتى كان يباشرها منذ تنحية سيشنز نفسه عن التحقيقات مطلع العام الماضي. وكان ويتيكر قد التزم من قبل بالانتقاد العلنى لعدد من عناصر التحقيق الجاري، مطالبا بقطع التمويل عن التحقيق وفرض قيود عليه. وفى أول تصريحات له عقب التكليف بمنصبه الجديد، أكد ويتيكر التزامه بقيادة وزارة العدل وفقا للمعايير الأخلاقية التي تدعم سيادة القانون وتحقق العدالة لجميع الأمريكيين»، وأضاف أنه سيعمل مع مسئولى إنفاذ القانون ،وممثلى الادعاء والقيادات الفيدرالية والمحلية الأخرى ل«ضمان سلامة جميع الأمريكيين وأمن البلاد». وسارعت القيادات الديمقراطية بالإعراب عن قلقها إزاء خطوة الاستقالة الإجبارية لسيشنز، وسلسلة الإجراءات المتعلقة بتحقيق مولر. فطالب تشاك شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ، بتنحية ويتيكر عن الإشراف على تحقيق روسيا. وغرد شومر عبر «تويتر»، «من الواضح أن الرئيس لديه ما يخفيه». وفى تصريحات منفصلة ومباشرة للصحفيين، أكد شومر على أن توفير الحماية لمولر يعد أمرا بالغ الأهمية، وحذر من وقوع «أزمة دستورية» إذا ما كانت الخطوات التى اتخذها ترامب مقدمة إلى «إنهاء تحقيق مولر أو تحجيمه بشكل كبير». وطالب جيرى نادلر النائب الديمقراطى بمجلس النواب، والمرشح لرئاسة اللجنة القضائية بالمجلس فى تشكيله الجديد، البيت الأبيض بتوفير إجابات حول سبب إجبار ترامب لسيشنز على الاستقالة، وما يعنيه ذلك بالنسبة لتحقيق روسيا. وكتب نادلر عبر «تويتر» متسائلا: «لماذا يقوم الرئيس بهذا التغيير، ومن لديه سلطة على التحقيق الذى يجريه المحقق الخاص مولر؟ سنحاسب المسئول عن ذلك». وكان نادلر أول عضو بلجنة النواب القضائية، ويتوقع رئاسته لها اعتبارا من يناير المقبل. وفى السياق نفسه، أكد وزير العدل الأسبق إيريك هولدر، والذى خدم فى إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، أن تحقيق مولر «خط أحمر» لا يمكن تجاوزه. وشدد هولدر على ضرورة محاسبة أى شخص يحاول التدخل فى التحقيق أو عرقلته. وأضاف «نحن أمة قوانين وأعراف لا تخضع لإجراءات شخص واحد تحركه مصالحه». وفى تعليق على الاستقالة الإجبارية لسيشنز، أكد ترامب قدرته على إقالة كل من له علاقة بمكتب المحقق الخاص على الفور، واستدرك «لا أريد إيقاف التحقيق، لأنه سياسي» وقال «تحقيق مخزى وما كان يفترض أن يبدأ؛ لأنه لا يوجد جريمة من الأساس». وأكدت بعض التقارير أن ترامب يحاول من خلال مواجهة سيشينز التأكيد على أن مقاليد الأمور فى واشنطن مازالت بين يديه عقب انتخابات التجديد النصفى والتى حققت للحزب الديمقراطى الأغلبية بالنواب. وفيما يتعلق باستعدادات الحزب الديمقراطى للاستفادة من مكاسبه الانتخابية، أكدت نانسى بيلوسى زعيمة الديمقراطيين بمجلس النواب والمرشحة للعودة كزعيمة للأغلبية، على الخطاب الداعم لفكرة العمل المشترك بين الحزبين. وأكدت فى تصريحات للصحفيين خارج مكتبها فى اليوم التالى على إعلان نتائج الانتخابات «لدينا اعتقاد بمسئوليتنا لتحقيق أرضية مشتركة طالما كان هناك فرصة لذلك». وأضافت موضحة «أما عندما تنعدم الفرصة، فعلينا الالتزام بثوابتنا، ولكن علينا المحاولة» وكانت تقارير قد كشفت عن وجود توجه داخل الحزب الديمقراطى لطرح اسماء جديدة لتولى زعامة الأغلبية. ولكن بيلوسى تحاول استغلال شعبيتها الواسعة بين المشرعين الديمقراطيين ودورها المحورى فى عودتهم إلى زعامة النواب فى استعادة منصبها القديم. وكشفت بيلوسى عن اتصالها بزعيم الأغلبية الجمهورية بالشيوخ ميتش ماكونيل حول سبل التعاون بين المجلسين والحزبين. وكان ترامب قد أعلن أمس دعمه لزعامة بيلوسي، مؤكدا أنها إذا ما واجهت مشكلات، فإن الجمهوريين بالنواب سيتقدمون لدعمها.