بعد أحدث تهديد للرئيس الأمريكى دونالد ترامب بانسحاب منفرد من معاهدة «القوى النووية متوسطة وقصيرة المدي»، والتى تم توقيعها مع روسيا منذ 30 عاما، هددت موسكو باتخاذ تدابير ذات طابع عسكرى ضد واشنطن، وهو ما يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة بين الدولتين. وأدانت روسيا ما وصفته بمحاولات الابتزاز من قبل الولاياتالمتحدة، التى تهدف لتحقيق تنازلات روسية فى مجال الاستقرار الاستراتيجي. وقال سيرجى ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسى أمس لوكالة «سبوتنيك»: «إننا ننظر بقلق وإدانة للمحاولات الأمريكية الجديدة للابتزاز للحصول على تنازلات من روسيا فى مجال الأمن الدولى والاستقرار الاستراتيجي. وأضاف ريابكوف قائلا :«إذا واصل الأمريكيون الخروج من جانب واحد من الاتفاقات والآليات الدولية المختلفة، والأمثلة تتضاعف، من خطة العمل الشاملة المشتركة حول إيران حتى الاتحاد البريدى العالمي، فلن يبقى لنا سوى أن نتخذ تدابير للرد، بما فى ذلك رد ذو طابع عسكرى تقني. لكننا لا نريد أن نصل لذلك».وفى غضون ذلك، أكد مصدر فى وزارة الخارجية الروسية أن الولاياتالمتحدة «تحلم» بأن تكون هى القوة الوحيدة المهيمنة على العالم، واتهم واشنطن بأنها «تتعمد» تقويض هذه المعاهدة منذ سنوات.ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن المصدر قوله إن واشنطن «اقتربت من هذه الخطوة على مدى سنوات عديدة من خلال تدميرها أسس الاتفاق عمدا وبالتدريج».وأضاف أن «هذا القرار يندرج فى إطار السياسة الأمريكية الرامية للانسحاب من الاتفاقيات القانونية الدولية. ومن جهته، اعتبر السيناتور الروسى أليكسى بوشكوف فى تغريدة على تويتر أن قرار ترامب بالانسحاب من المعاهدة هو «ثانى ضربة قوية تتلقاها منظومة الاستقرار الاستراتيجى فى العالم»، بعد انسحاب واشنطن من «معاهدة الحد من الصواريخ المضادة للبالستية» فى 2001. يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلنت مصادر الخارجية الروسية بأن جون بولتون سيلتقى نظيره الروسى نيكولاى باتروشيف وسيرجى لافروف وزير الخارجية. وكان الرئيس الأمريكى قد أعلن، خلال الساعات الأولى من صباح أمس، أن واشنطن ستنسحب من معاهدة حول الأسلحة النووية المتوسطة المدى أبرمتها مع موسكو خلال الحرب الباردة، متهما روسيا بانتهاكها «منذ سنوات عديدة».وقال ترامب للصحفيين فى مدينة إلكو بصحراء نيفادا إن «روسيا لم تحترم المعاهدة، وبالتالى فإننا سننهى الاتفاقية وسنطور هذه الأسلحة»، دون أن يحدد طبيعة الانتهاكات التى ارتكبتها موسكو. ووقعت «معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة والقصيرة المدي» فى 1987 بين الرئيس الأمريكى فى حينه رونالد ريجان ورئيس الاتحاد السوفيتى يومذاك ميخائيل جورباتشوف. وتأخذ إدارة ترامب على موسكو نشرها منظومة صاروخية من طراز «9 إم 729» التى يتجاوز مداها بحسب واشنطن 500 كلم، ما يشكل انتهاكا للمعاهدة. ووضعت المعاهدة التى ألغت فئة كاملة من الصواريخ يراوح مداها بين 500 و5000 كلم، حدا لأزمة اندلعت فى الثمانينيات بسبب نشر الاتحاد السوفييتى صواريخ «إس.إس-20» النووية التى كانت تستهدف عواصم أوروبا الغربية. وقد يؤدى انسحاب الولاياتالمتحدة من المعاهدة إلى توجيه الأنظار نحو الصين التى يمكن ان تطور دون قيود أسلحتها النووية المتوسطة المدى بما انها لم توقع على الاتفاق.